علق مراسل صحيفة «إندبندنت» كيم سينغوبتا، على تطورات الأزمة القطرية، ومحاولات السعودية مد تأثيرها في المنطقة، وما يجب على الولايات المتحدة عمله في منطقة ملتهبة.
وينقل سينغوبتا الموقف الإيراني من الأزمة القطرية، حيث أعد تقريره من العاصمة طهران، ونقل عن الأكاديمي ذي الحظوة لدى الدوائر الحاكمة في إيران محمد مراندي، قوله إن «بعض المساجد الممولة من السعودية في بريطانيا هي أخطر من الكثير من المساجد في السعودية، وقد عانت بريطانيا بسبب هذا الأمر، وشاهدنا السعودية وهي تنشر الوهابية المتطرفة في مناطق أخرى من العالم، وكيف تركت أثرها الضار بسبب ذلك».
ويعلق الكاتب قائلا إن مراندي كان يتحدث عن حالة الشرق الأوسط، الذي يمر في دورة ملتهبة انتشرت خارج حدوده، حيث قام تحالف سعودي إماراتي وبحريني ومصري بفرض حصار على دولة قطر، بشكل أدى إلى تكوين صدع في المنطقة والكتلة السنية.
ويشير التقرير، إلى أن السبب الرئيسي وراء المواجهة المرّة بين هذا التحالف وقطر، هو علاقة الدوحة القريبة مع إيران، التي تعد منافسة السعودية في المنطقة، بالإضافة إلى دعم الدوحة لجماعة الإخوان المسلمين، وهي الجماعة التي تثير مقت الرياض.
وتلفت الصحيفة إلى أنه في الوقت ذاته، فإن هناك تخوفا دوليا لما سيحدث بعد انتهاء الحرب ضد تنظيم الدولة في العراق وسوريا، حيث سيتفرق عشرات الآلاف من الجهاديين، ويعود تنظيم القاعدة من جديد، مشيرة إلى أنه« يلوح في الأفق الظل المؤذي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أدت حماقاته دورا في الأزمة».
ويوضح سينغوبتا أن ترامب تفاخر كيف ساعد السعودية على أفعالها ضد قطر، وكتب تغريدة جاء فيها: «في أثناء زيارتي الأخيرة للشرق الأوسط، قلت لن يكون هناك أي تمويل للأيديولوجية الراديكالية، وأشار القادة إلى قطر»، حيث كانت الزيارة إلى الرياض من أجل بيع السلاح لدول الخليج، ووقعت السعودية وحدها صفقات سلاح بقيمة 110 مليارات دولار.
ويفيد التقرير بأنه عندما كان ترامب هناك، فإنه هاجم بشكل متكرر إيران، حيث زعم أنها «تمول وتسلح وتدرب المليشيات التي تنشر الفوضى والدمار»، وهاجم الملك سلمان أيضا إيران، واصفا إياها بأنها «رأس الإرهاب».
ويقول الكاتب إن «هناك إجماعا بين المراقبين بأن السعودية رأت في تعليقات ترامب ضوءا أخضر لتهاجم قطر، حيث وضعت سلسلة من المطالب، التي كانت تعرف أنه لن يتم الاستجابة لها، وتبعتها بسلسلة من الإجراءات العقابية، ورفضت قطر الاستسلام، وفشل السعوديون بالحصول على دعم دولي واسع لدعم موقفهم».
وتبين الصحيفة أن وزيري الدفاع والخارجية الأمريكيين جيمس ماتيس وريكس تيلرسون، اللذين شعرا بالذعر من تصريحات ترامب، رفضا بشكل لافت هذه التصريحات، وثمنا دولة قطر بصفتها دولة حليفة، وعبرا عن دعمهما لموقفها، منوهة إلى أن المسؤولين البارزين في واشنطن أشاروا إلى الدعم الطويل الذي قدمته السعودية للإرهاب، حيث أكد السيناتور الجمهوري ورئيس لجنة الشؤون الخارجية بوب كوركر، المعروف بمواقفه المتشددة من إيران، بنوع من الوضوح أن «حجم الدعم الذي قدمته السعودية للإرهاب يتقزم مع حجم الدعم الذي تقدمه قطر».
وينوه سينغوبتا إلى أن ترامب انتقد السعودية قبل انتخابه، واتهمها بالقيام بهجمات سبتمبر 2001، وقال في حديث مع «فوكس نيوز» في فبراير، حيث انتقد الغزو الأمريكي للعراق: «من دمر برج مركز التجارة العالمي؟»، وأجاب: «لم يكونوا العراقيين بل إنهم السعوديون، انظر إلى السعودية وافتح الوثائق»، ونفت السعودية أن تكون لها علاقة بالهجمات أو تمويل التطرف.
ويفيد التقرير بأن رد إيران على المواجهة بين السعوديين والقطريين كان التزام الحذر، والدعوة إلى المصالحة، مستدركا بأنها «استغلت وبفرح» الأزمة، حيث بدأت بنقل المواد الغذائية لقطر، بعدما منع السعوديون الطيران القطري من التحليق في الفضاء الجوي لهم، فيما فتحت إيران مجالها الجوي لهم.
وتورد الصحيفة أنه في حفل تنصيب الرئيس الإيراني حسن روحاني لولاية ثانية هذا الأسبوع، قالت قطر إنها سترسل وفدا على مستوى عال للمشاركة في المناسبة، وقال رئيس وزراء قطر الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني: «لن ننسى إنجازات الجمهورية الإسلامية في إيران وفي وقت الحصار ونقدّر هذا»، لافتة إلى أن السعودية والدول المحاصرة لن تكون في الحفل، الذي سيعقد يوم السبت، وسيحضره ممثلون عن بريطانيا والصين والاتحاد الأوروبي وروسيا.
وينقل الكاتب عن علي رضا رحيمي، من لجنة الأمن القومي والشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني، قوله إن المجلس يريد التأكيد، وأضاف: «لدينا مئة دولة ممثلة، وهذا الأمر سيرسل رسالة واضحة للعالم، في وقت تحاول فيه أمريكا مرة أخرى التحرك ضد إيران».
وبحسب التقرير، فإن عُمان والكويت حاولتا بناء علاقات مع الجمهورية الإسلامية، مشيرا إلى أن التحرك القطري سيضعف التحالف السني الذي تقوده السعودية، بالإضافة إلى أن الأزمة أدت إلى عودة الدفء في العلاقات بين إيران وتركيا، التي لديها قوات مرابطة في قطر، وعرضت إرسال قوات جديدة لقطر عندما جرى الحديث عن عملية عسكرية سعودية.
ويعلق سينغوبتا قائلا إنه لا إشارات على ذوبان الجليد بين الرياض وطهران، حيث قال الأمير محمد بن سلمان، الذي عين وليا للعهد في يونيو، قبل شهرين من تعيينه: «لن ننتظر حتى تجري المعركة في السعودية، بل سنقوم بالعمل على نقل المعركة معهم في إيران».
ويذكر التقرير أن الأمير محمد بن سلمان هو الذي هندس حرب اليمن، التي قصفت فيها السعودية وحلفاؤها البلد منذ عامين، وأدت إلى مقتل أكثر من 10 آلاف مدني، ودمرت البيوت والمستشفيات والمدارس والبنية التحتية الحيوية، لافتا إلى أنه بعد شهر من تصريحات الأمير بن سلمان حول إيران، قام جهاديون تابعون لتنظيم الدولة باستهداف البرلمان الإيراني ومرقد الإمام الخميني، وقتلوا 17 شخصا، وأعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عن العملية، إلا أن الحرس الثوري اتهم السعودية دون تقديم أي أدلة حول تورطها.
وتشير الصحيفة إلى أن مراندي يشك في إمكانية قدرة السعودية على تشكيل تهديد حقيقي لإيران، قائلا: «عندما يتعلق الأمر بالمنطقة، فإن السعوديين، ولحسن الحظ، يقومون بضرب أنفسهم، وتأثيرهم وقوتهم ليس بالطريقة التي يتظاهرون بها، حيث كانت الحرب اليمنية، كما رأينا، كارثة، ولا تزال مكلفة لهم، وأخبرتنا دول عدة أن الاقتصاد السعودي في وضع سيئ، أسوأ مما تعترف به الدولة».
ويعلق الكاتب قائلا إن مراندي وزملاءه لا يعتقدون أن ترامب يمثل بالضرورة تهديدا على إيران، فيقول مراندي: «خطاب ترامب، وإن اتسم بالعدوانية، لكننا شاهدنا كيف أصبحت الولايات المتحدة معزولة في ظل حكمه، وكم أبعد من الدول عنه»، ويضيف: «على خلاف باراك أوباما، فإنه من غير المحتمل أن يكون قادرا على بناء تحالف دولي ضد طهران».
وتختم «إندبندنت» تقريرها بالإشارة إلى قول مراندي: «فيما يتعلق بالإرهاب فنحن نعرف ما جرى للوهابية المتطرفة في الكثير من الدول، وعلى ما يبدو فإن الغرب سعيد بمواصلة التعامل مع السعودية، بالطريقة ذاتها، وبيعها القنابل التي تستخدم ضد شعب اليمن».
المصدر : عربي21