جدَّد الدكتور محمد مرسي تأكيدَ بطلان إجراءات محاكمته أمام المحاكم العادية، أمام محكمة جنايات القاهرة اليوم الأحد؛ لكونه ما زال رئيسًا للبلاد ومحاكمة الرؤساء لها نظام محدد وفق الدستور.
وتنص المادة 152 في دستور 2012 والمكررة في دستور 2014 على أنّ رئيس الجمهورية «يحاكم أمام محكمة خاصة يرأسها رئيس مجلس القضاء الأعلى (المنوط به رسميًا إدارة شؤون القضاة)، وعضوية أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا (أعلى هيئة قضائية في مصر والمختصة بمطابقة دستورية القوانين لمواد الدستور)، ومجلس الدولة (هيئة قضائية تختص بالفصل في المنازعات الإدارية بين الأفراد والجهات الحاكمة في الدولة)، وأقدم رئيسين بمحاكم الاستئناف، ويتولى الادعاء أمامها النائب العام؛ وإذا واجه أحدهم مانعًا حل محله من يليه في الأقدمية».
وقضت محكمة جنايات القاهرة في أولى جلسات إعادة محاكمة الدكتور محمد مرسي وآخرين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وأعضائها في القضية المعروفة بـ«التخابر مع حماس» بتأجيلها إلى 10 سبتمبر المقبل؛ لبدء المرافعات.
وواجهت المحكمة المعتقلين في بداية جلسة اليوم بالاتهامات الموجهة إليهم، فنفوها جميعًا؛ مؤكدين أنها من وحي خيال الأجهزة الأمنية والمخابراتية المصرية بهدف الانتقام والتشويه السياسي.
وقال الدكتور محمد مرسي في حديثه للمحكمة: «مع احترامي للمحكمة؛ إلا أني مُصرّ على موقفي وأؤكد رفضي للمحاكمة، لأن المحكمة غير مختصة ولائيًا بالنسبة لي؛ لأني رئيس الجمهورية، وما زلت رئيس الجمهورية».
بطلان «الجنايات»
وطالبت هيئة الدفاع عن المعتقلين بالتصريح لذويهم بزيارتهم وإرجاء باقي الطلبات إلى لحين الالتقاء بالمعتقلين.
ودفعت الهيئة أثناء مرافعتها أمام محكمة النقض بنفي اختصاص محكمة الجنايات التي أصدرت حكم أول درجة ولائيًا لنظر القضية؛ مستندة إلى قول الدكتور محمد مرسي بأنه لم يتنح عن الحكم أو يتنازل عنه، وإنه ما زال يتمتع بصفة رئيس الجمهورية.
وأوضحت هيئة الدفاع أنّ الثورات التي مرّت بتاريخ مصر لم تُزِل صفة رئيس الجمهورية عمن كانوا يحكمونها، والدليل على ذلك الرئيس المخلوع حسني مبارك، الذي ظل يتمتع بصفته رئيسًا للجمهورية منذ اندلاع ثورة 25 يناير 2011 وحتى 11 فبراير 2011؛ أي لمدة 18 يومًا كاملة لم تزل عنه صفة رئيس الجمهورية إلا حين إعلانه التنحي عن منصبه.
ضم قضيتي «اقتحام السجون» و«التخابر»
وطالبت هيئة الدفاع بمراجعة البنود المقدمة إلى المحكمة، وطالبوا بضم ملف قضية اقتحام السجون إلى ملف قضية التخابر؛ لوحدة الموضوع بينهما.
وقالت هيئة الدفاع إن محكمة الجنايات أوّل درجة رفضت طلبها بضم القضيتين، بالرغم من تشابه الاتهامات والوقائع محل الاتهام، وعاقبت الجنايات عشرة متهمين وردت أسماؤهم في القضيتين بعقوبة مزدوجة عن الاتهامات نفسها.
وطالب الدفاع ببطلان الحكم المطعون عليه؛ بسبب الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع وبطلان إجراءات الضبط الجنائي وبطلان تحقيقات النيابة العامة وقاضي التحقيق، ونقض الحكم وإلغائه وإعادة إجراءات المحاكمة أمام دائرة أخرى مغايرة للتي أصدرت حكم أول درجة.
جذور القضية
تعود قضية «التخابر مع حماس» إلى تاريخ 18 ديسمبر 2013، عندما أمر النائب العام المصري السابق هشام بركات بإحالة الدكتور محمد مرسي و35 آخرين إلى المحاكمة في القضية.
وشملت التهم الموجهة إليهم «ارتكاب جرائم التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد، وهي حركة حماس الفلسطينية، وحزب الله اللبناني، والحرس الثوري الإيراني؛ بُغية الإعداد لعمليات إرهابية داخل الأراضي المصرية»، وهي التهم التي نفاها المتهمون واعتبروها «سياسية».
وبدأت «محكمة جنايات القاهرة» نظر القضية في 16 فبراير 2014، وأصدرت في 16 يونيو 2015 أحكامها، التي شملت السجن المؤبد (25 عامًا) للدكتور محمد مرسي ومحمد بديع، مرشد الإخوان المسلمين، وسعد الكتاتني الرئيس السابق للبرلمان، و14 آخرين من قيادات الجماعة.
كما أصدرت المحكمة ذاتها أحكامًا بالإعدام بحق 16 آخرين، بينهم ثلاثة حضوريا هم نائب المرشد العام لجماعة الإخوان خيرت الشاطر، ومحمد البلتاجي القيادي بالجماعة، وأحمد عبدالعاطي مدير مكتب مرسي إبّان رئاسته، والسجن سبع سنوات لاثنين آخرين حضوريًا: محمد رفاعة الطهطاوي، رئيس ديوان الرئاسة إبان مرسي، ومساعده أسعد الشيخة، وانقضاء الدعوى لمتهم توفي قبل النطق بالحكم، وهو فريد إسماعيل، القيادي البارز في الإخوان.
وفي 22 نوفمبر 2016، قضت محكمة النقض بقبول طعن الدكتور محمد مرسي وآخرين من قيادات جماعة الإخوان المسلمين وأعضائها على أحكام الإعدام والسجن الصادرة ضدهم في القضية؛ وقررت المحكمة إلغاء الأحكام الصادرة من محكمة أول درجة وإعادة المحاكمة أمام دائرة أخرى مغايرة للدائرة التي أصدرت الحكم.