قالت منظمة العفو الدولية إنه لم يتم محاسبة المسؤولين عن مذبحة رابعة العدوية، بل وتم الزج بالمئات من الإعلاميين والمعتصمين إلى السجون في محاكمات جائرة.
ونشرت منظمة العفو الدولية، تقريرا، اليوم الإثنين، أشارت فيه إلى انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، بعد أربع سنوات مروا على فض اعتصامي رابعة والنهضة باستخدام العنف.
وذكر التقرير أن «أحدا لم يُحَاسَب على الأحداث التي وقعت يوم 14 أغسطس 2013، والتي تُعْرَفُ على نطاق واسع «بمذبحة رابعة»»، مضيفة أنه «بدلاً من ذلك، قُبِضَ على مئات ممن حضروا الاعتصامين، ومن بينهم بعض الصحفيين والمصورين الذين كانوا يزاولون عملهم في تغطية الأحداث، وقُدِّمُوا إلى محاكمة جماعية جائرة».
وأوضحت المنظمة، أن «الثغرة الواسعة في تطبيق العدالة لقوات الأمن بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، من بينها استخدام القوة المفرطة بشكل مميت، وتنفيذ عمليات إخفاء قسري، دون حسيب أو رقيب».
كما لفتت المنظمة إلى حوادث الاختفاء القسرية، حيث أشارت إلى التقديرات التي وثقت أن 1700 شخص على الأقل «أُخفوا» على أيدي الموظفين الرسميين منذ عام 2015 لفترات تتراوح بين بضعة أيام وسبعة أشهر.
وتابعت، «واختُطِفَ أغلب الضحايا من الشوارع أو من بيوتهم، واحتُجِزُوا بمعزل عن العالم الخارجي لأشهر، ومُنِعُوا من الاتصال بأسرهم ومحاميهم. ونفذت قوات الأمن المصرية كذلك عشرات من عمليات الإعدام خارج نطاق القضاء».
وقالت نجية بونعيم، مديرة الحملات لشمال أفريقيا بمكتب تونس الإقليمي لمنظمة العفو الدولية: «إن نظام عبد الفتاح السيسي مصمم على محو أي ذكرى لمذبحة صيف عام 2013. وما خلفه هذا التقاعس عن تقديم أحد إلى العدالة من إرث حالك السواد هو شعور قوات الأمن المصرية الآن بأنها لن تُحَاسَب على ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان».
وأضافت، «إن فض اعتصام رابعة يمثل نقطة تحول فاصلة بالنسبة إلى حقوق الإنسان في مصر. ففي السنوات التي مرت منذئذ، صَعَّدَت قوات الأمن الانتهاكات وغيرت أساليبها، فنفذت عمليات إخفاء قسري وإعدام خارج نطاق القضاء على نطاق لم ترَ البلاد له مثيلاً من قبل».
وأشارت، إلى موقف مجلس الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي في أغسطس 2013 على تعليق التراخيص الخاصة بتصدير أي معدات يُمكِن استخدامها في القمع الداخلي إلى مصر، إلا أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي استمرت في تزويد مصر بالأسلحة والمعدات الشرطية.
محاكمات شديدة الجور
وتستكمل بونعيم، حديثها عن الفض، واصفة ما تبعها من إجراءات في حق المعارضين بـ«الحملة الشعواء»، حيث اعتقلت السلطات الوفا ألوفاً، وحكمت على المئات بالسجن المؤبد أو الإعدام بعد محاكمات «شديدة الجور».
وقالت إنه «وفي كثير من الحالات أُدِينَ المتهمون في محاكمات جماعية تستند إلى أدلة ضعيفة أو مشكوك فيها، ووُجِّهَت إلى أغلبهم تهمٌ من بينها المشاركة في مظاهرات غير مصرح بها، والانتماء إلى جماعة “الإخوان المسلمين” المحظورة، والإضرار بالممتلكات العامة والخاصة، وحيازة أسلحة نارية، ومهاجمة قوات الأمن».
واختتمت نجية بونعيم قائلة: «كم هو مروع ذلك التباين الصارخ بين ما تتمتع به قوات الأمن التي شاركت في فض اعتصام رابعة من إفلات من العقاب بلا حدود وبين المحاكمة الجماعية لأنصار الإخوان المسلمين الذين شاركوا في الاحتجاج، وكذلك الصحفيين الذين كانوا يزاولون عملهم في تغطية أحداث ذلك اليوم».
القضايا الجماعية
وتفيد الإحصاءات الرسمية بأن ستة من أفرد قوات الأمن قُتِلُوا خلال فض اعتصام رابعة، وأن ثلاثة قُتِلُوا خلال مظاهرة مسجد الفتح، في القاهرة أيضاً، بعد ذلك بيومين. ويُحَاكَمُ ما لا يقل عن 1231 شخصاً في محاكمتين جماعيتين، وقد اتُّهِمُوا بشكل جماعي بقتلهم.
وأوضحت المنظمة، أن 737 شخصاً، على الأقل، اتهموا بالمشاركة في اعتصام 2013 فيما يُعرَف «بقضية فض رابعة». ومن بينهم الصحفي محمود أبو زيد، المعروف باسم «شوكان»، الذي قُبِضَ عليه لالتقاطه صوراً خلال الاعتصام في رابعة.
كما يُحتَجَزُ كثير ممن قُبِضَ عليهم في ظروف مروعة، بما في ذلك الحبس الانفرادي المطول الذي يُعَدُّ من قبيل التعذيب. وتعرضوا للضرب بشكل متواتر وحُرِمُوا من الاتصال بمحامين، ومن الرعاية الطبية، ومن زيارات أسرهم.
بينما يُحَاكَم ما لا يقل عن 494 شخصاً محاكمةً جماعيةً في قضية تُعَدُّ مثالاً آخر تُعْرَف باسم «قضية مسجد الفتح» لمشاركتهم في مظاهرة يوم 16 أغسطس 2013، بينما لم يجر أي تحقيق في استخدام قوات الأمن للقوة المفرطة المميتة ذلك اليوم، وهو ما أدى إلى مقتل 120 متظاهراً.
وأشارت إلى أن من بين من يُحَاكَمون في هذه المحاكمة إبراهيم حلاوة الذي يحمل الجنسيتين المصرية والأيرلندية، ووُجِّهَت إلى المجموعة تهمٌ من بينها المشاركة في مظاهرة غير مصرح بها، والانتماء إلى تنظيم محظور، فضلاً عن القتل والاعتداء على قوات الأمن، ولم تحقق النيابة في زعم المتهمين تعرضهم للتعذيب على أيدي الشرطة «للاعتراف» بجرائم لم يرتكبوها.
وتُعَدُّ «قضية غرفة عمليات رابعة» التي شملت أربعة صحفيين من «شبكة رصد» الإخبارية، وهم يوسف طلعت، وعبد الله الفخراني، وسامح مصطفى، ومحمد العادلي، مثالاً آخر على الظلم السافر الذي تتسم به مثل هذه المحاكمات.
وقد حُكِمَ على الصحفيين بالسجن خمس سنوات في 8 مايو 2017 بعد إدانتهم بتهم من بينها إنشاء وإدارة لجان إعلامية في اعتصام رابعة لنشر «معلومات وأخبار كاذبة». ولم يتمكن محاموهم خلال المحاكمة من حضور عدة جلسات حاسمة، وهو ما حرمهم إمكانية إعداد دفاع سليم. كما استند حكم المحكمة بشكل أساسي إلى تحريات “قطاع الأمن الوطني” المصري التي لا تؤيدها أدلة مادية.
المصدر: منظمة العفو الدولية