الأسر مقسمة والأصول مجمدة والأحلام معلقة.. واقع يعيشه القطريون منذ أن اندلعت الأزمة التي هزت أركان الخليج، وطالت أثارها المتضرر الأول وربما الأوحد. المواطنون، ما أحوالهم في ظل الوضع المتأزم الآن؟ هو ما سلطت عليه صحيفة «يور ميدل إيست» الضوء في تقريرها التالي.
وأكدت الصحيفة، إن واقع السياسة الصارخ في الخليج بدأ أثره أول ما بدأ على المواطنين في قطر.
كانت سارة القطرية (29 عاما)، قد استعدت لبدء دراستها العليا فى كلية إدارة الأعمال بدبي، عندما قامت مجموعة من الدول العربية بقيادة السعودية، بقطع علاقاتها مع بلدها «قطر».
تقول سارة، «قيل لنا فجأة أنه لم يعد مسموح لنا بأن نحضر الفصول الدراسة وعلينا العودة إلى الدوحة».
واتهمت السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين، قطر بدعم الحركات الإسلامية المتطرفة، وأنها في علاقات تقارب مع منافسها الإقليمي في المنطقة «إيران».
أمروا جميع القطريين بمغادرة أراضيهم في غضون أسبوعين، واستدعت سفرائها ومواطنيها من قطر، وحظرت شركات الطيران القطرية من موانئها وأجواءها.
بينما نفت قطر هذه الادعاءات ونددت بما وصفته بـ«الحصار» الذي يهدف إلى جعل قطر تركع على ركبتيها.
وألزمت السلطات القطرية، المدارس والجامعات بتسجيل الطلاب العائدين لديها.
لكن بالنسبة لـ«سارة» وكثيرين مثلها، كانت الأزمة شخصية، فتقول «عندما يمنعك أحد من الدراسة، فإنه يدمر أحلامك». وتضيف، «بين عشية وضحاها ودون سابق إنذار، يخبرونك أنك ممنوع من الدراسة وعليك البقاء في المنزل».
العائلات المختلطة.. مقسمة
مع استمرار المواجهات الدبلوماسية للشهر الثالث دون حل، فإن عدم اليقين يسبب العذاب، لا سيما بالنسبة للأسر ذات الجنسيات المختلطة.
«سارة»، التي لاتريد الكشف عن لقب عائلتها، لأنها تخشى عواقب حديثها لـ«يور ميدل إيست»، على أقاربها في أماكن أخرى في بالإمارات، من عائلة مختلطة، لديها أم أماراتية ووالد قطري.
تشير الصحيفة إلى أن الأوضاع غير عادية بالنسبة للعائلات المختلطة، ومن المعروف أن الزيجات عبر الحدود شائعة في تلك المنطقة، وأفضت الأزمة الدبلوماسية إلى أزمات خاصة بتلك العائلات.
تقول سارة، «نصف عائلتي في دبي بالإمارات ولدي جزء من أسرتي في البحرين».
وعندما مرضت جدتها في «دبي»، كانت والدتها مترددة في السفر إلى الإمارات؛ خوفا من عدم السماح لها بالعودة إلى أطفالها في قطر.
طالبت دول التحالف بقيادة السعودية، مواطنيها مغادرة قطر، لكن الكثيرين ترددوا في القيام بذلك، خاصة أولئك الذين لديهم أسر هناك.
يقول البعض منهم، إنهم يخشون العقاب من قبل حكوماتهم. وتوضح الصحيفة أن أم سعودية، مستقرة في قطر منذ سنوات، طلبت عدم الكشف عن اسمها، لأنها خائفة.
ها هي وابنتاها البالغتان، محاصرتان بين الخوف من حكومتهما وعدم اليقين بشأن مستقبلهما في قطر.
وتقول الأم لـ«وكالة فرانس برس»، عبر الهاتف، إنها تشعر بالإحباط، وتضيف «سنضطر الى تجديد تأشيراتنا خلال عام، وهذا أمر مخيف – لا نعرف ما سيحدث معنا».
وقالت إنها لا تريد العودة إلى المملكة العربية السعودية، لكنها تخشى من منعها من الحصول على معاش زوجها الراحل وهو مصدر دخلها لوحيد.
كما أن بناتها اللائي يعملن في قطر يرغبن في البقاء، وقد بدأت واحدة تفقد شعرها من الضغط النفسي الذب تسببت فيه هذه المسأل، ورفض الثلاثة مقابلة الصحافيين الفرنسيين شخصيا؛ خشية العواقب.
أما القطريون الآخرون، الذين أجريت معهم مقابلات في أحد مراكز الدوحة، لدعم المتضررين من الأزمة، خائفين على أصولهم في بلدان أخرى.
«نور»، الذي رفض الكشف عن اسمه بالكامل، يملك شقق في دبي، لكنه لم يعد بإمكانه الوصول إليها، أما «أحمد وعبد الله» يمتلكان مجموعة من الجمال، لكنهما موجودان في المملكة العربية السعودية، وبات العديد من القطريين في حالة صدمة، بحسب الصحيفة.
وقال الموظف القطري «أحمد»، إن القضايا السياسية يجب أن تبقى بين القادة، وولايجب إشراك المواطنين فيها، بينما قال «عبد الله المري»، وهو موظف حكومي آخر، إنه فوجئ بالأحداث كليا، مضيفًا «لم أكن أعتقد أن مثل هذه الأمور يمكن أن تحدث بين الأخوة».