أصبحت دور «الذكاء الاصطناعي» اليوم في حروب المستقبل، أكثر وضوحا وإثارة من أي وقت مضى، وساعد التقدم السريع في السيارات دون سائق بمجال الاقتصاد المدني، على رؤية ما قد يصبح ممكنا في مجال الصراعات، فالأمر فجأة لم يعد من وحي أفلام وألعاب الخيال العلمي الغريبة والمسلية، لكنه أصبح حقيقة واقعية في أذهان البعض، كما تقول «ناشيونال إنتريست».
ويحذر المبتكر «إيلون ماسك» من أننا بحاجة إلى البدء بالتفكير في كيفية تنظيم «الذكاء الاصطناعي» قبل أن يدمر معظم الوظائف البشرية ويزيد من مخاطر الحرب.
وتضيف الصحيفة على قول «ماسك»، من الجيد أن نبدأ التفكير بهذه الطريقة، حيث تحتاج المدارس السياسة إلى البدء في جعل «الذكاء الإصطناعي»، جزءا أساسيا من مناهجها؛ كما يحتاج الأخلاقيون وغيرهم إلى مناقشة إيجابيات وسلبيات الاختراعات الافتراضية المختلفة قبل أن تصبح واقعا حقيقيا، وتحتاج المؤسسات العسكرية إلى تطوير استراتيجيات الابتكار التي تتشابك مع هذا الموضوع.
وذلك على الرغم من أننا نعتقد أن «الذكاء الاصطناعي»، لا يمكن أن يوقف أعمال القتل، لكن على الأقل في المرحلة المقبلة، يجب على الولايات المتحدة أن تعيد تكريس نفسها لتصبح الأولى في هذا المجال.
وأشارت إلى أن «الذكاء لاصطناعي»، ليس جديدًا تمامًا، وقد تكون المركبات الموجهة غير مؤهلة حاليا على الرغم من أنها أمر إنساني، لكننا نرى «صواريخ كروز» تطير بالفعل إلى الهدف وتفجر الرؤوس الحربية الخاصة بها تلقائيا، كما تستخدم الصواريخ الباليستية أيضا أنظمة شبه مستقلة لإطلاق الرؤوس النووية، مثل تلك المتواجدة بسلاح البحرية الأمريكي، والقادر على القيام بمهامه بشكل مستقل وإجراء عمليات الكشف والتقييم والتتبع والاشتباك.
لكن القادم، تكنولوجيا قادرة على تعلم الوظائف والمهام، وليس مجرد اتباع خطط أعدت لها مسبقا أو خوارزميات مفصلة للكشف عن الأهداف، إضافة إلى إمكانية تلك التكنولوجيا لتطوير المعلومات الخاصة بها والمبادئ التوجيهية والعمل على أساس الظروف التي تواجهها وحتى تلك التي لم تكن متوقعة لها.
ومن الأمثلة على ذلك المصطلح الذي صاغه الجنرال المتقاعد «جون ألين»، «هايبروار» أو الحرب فائقة الذكاء، وهو تصور عن أسراب من الذخائر الذاتية الدفع والتي تطور أنماط سلوكية في الدفاع والهجوم، وتجد طرقا للتحايل على معوقات الأهداف، وتدرك قدرات وإحداثيات الأسلحة الأخرى المهاجمة، وأشارت الصحيفة إلى أن تلك النقطة تبدو فيها كلمة «روبوتات»، غير قادرة على وصف ما يحدث، حيث ينطوي مصطلح «هايبر وار»، على عملية أو سلسلة من الإجراءات، وما يحدث فيها ليس فقط التكيف بشكل أساسي، بل التفوق على أي سلاح من اختراع البشر.
فيما كتب مؤلفون آخرون، مثل «بيتر سنجر» عن تكنولوجيات مماثلة ولكن بشكل خيالي، أما «ألين» لا يراها شيئا في الخيال فحسب بل من الممكن تحقيقها، والأمر يتطلب جدولا زمنيا فقط لابتكار مثل هذه التكنولوجيا.
وتحتاج الولايات المتحدة إلى التحرك بسرعة على هذا الطريق، مشيرة إلى أن الناس لديهم أسباب للخوف من الأسلحة المستقلة تماما، ولكن همومهم سابقة لأوانها، فتكنولوجيا البرمجيات لا تزال بعيدة لعقود، لكنها على الرغم من ذلك ستكون متاحة عاجلا أم آجلا، وستكون قادرة على أن تقرر ما الذي ينبغي عليها فعله تجاه الأهداف دون أية برمجة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحظر على أنشطة «الذكاء الاصطناعي» لن يكون منطقيا؛ فبقياس بسيط يمكننا أن نفهم السبب، فعلى الرغم من توقيع العديد من الدول على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وهو حظر على استخدام الأسلحة النووية وزيادة تطويرها، فإن المعاهدة لم تمنع كوريا الشمالية من بناء ترسانة نووية. ولكن على الأقل لدى الولايات المتحدة، ترسانة نووية خاصة والقادرة على ردع البلدان الأخرى، وهو تكتيك نجح عموما حتى الآن.
وبذلك فإن الحظر الوقائي على تطوير «الذكاء الاصطناعي» لن يكون من مصلحة الولايات المتحدة؛ لأن الجهات الفاعلة غير الحكومية والدول غير المتوافقة معها يمكن أن تطورها، تاركة الولايات المتحدة وحلفائها وراءها، ولن يكون هذا الحظر قابلا للتحقق منه، ومن ثم يمكن أن يرقى إلى نزع السلاح من جانب واحد، مشيرة إلى أنه إذا قررت البلدان الغربية حظر الأسلحة الذاتية بالكامل على سبيل المثال واستخدمتها كوريا الشمالية، فإنها ستخلق وضعا مشحونا وخطيرا للغاية.
وختمت الصحيفة بأن هناك حاجة للنقاش أكثر حول مستقبل «الذكاء الاصطناعي»، على المدى الطويل، إضافة إلى أن الولايات المتحدة بحاجة إلى الجيل القادم من النظم المستقلة أو ذاتية القيادة، مؤكدة أن لديها مصلحة قوية في الحصول عليها أولا.