الفحم لا يحظى بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة، حتى أن حاكم ولاية فرجينيا المشهورة بإنتاج الفحم وتصديره، قدم التماسًا لدونالد ترامب، بخفض سعر الطن إلى 15 دولار من أجل زيادة نسب التصدير، وفي المقابل فإن منطقة الشرق الأوسط والتي لا يوجد بها تقريبا صناعات فحم إلا فيما ندر، لكن الطلب عليه فيها آخذ في الارتفاع، لماذا؟
قالت صحيفة «الاتحاد»، على الرغم من تحقيق دبي نجاحا في مجال الطاقة الشمسية، فإن هناك نوعا مختلفا من توليد الكهرباء آخذ في الازدياد، ففي نوفمبر الماضي، بدأت شركتا «أكوا باور وهاربين إلكتريك الصينية»، بناء محطة توليد كهرباء 2.4 جيجا واط تعمل بالفحم، ومن المرجح أن ينتج الفحم 12% من كهرباء البلاد في الإمارات، بحلول عام 2050.
كما تستورد مصر الفحم منذ عام 2014 للاستخدامات الصناعية، وتعتزم الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان في شمال أفريقيا بناء عدد من محطات الطاقة الكبيرة التي تعمل بالفحم بالتعاون مع المستثمرين الصينيين، ووقعت مجموعة النويس للاستثمارات في أبوظبي في عام 2014 صفقة لشراء محطة تعمل بالفحم تبلغ مساحتها 1.32 جيجاواط على خليج السويس.
وكذلك إيران التى شهدت انفجارا فى منجم للفحم فى مقاطعة «جولستان» فى مايو الماضي، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 20 من عمال المناجم، تمضي الآن قدما في إنشاء محطات طاقة تعمل بالفحم، ومعظمها فى منطقة «تباس» الغنية بالفحم بمشاركة صينية أيضا، وتركيا التي تولد بالفعل أكثر من 16 جيجا واط كهرباء من خلال الفحم، تخطط أيضا لبناء محطات إضافية.
ولفتت الصحيفة إلى الأردن، والتي تستهدفت استراتيجيتها، الاعتماد على الفحم في توليد 5% من الطاقة بالبلاد بحلول عام 2025، ووقعت يونيو الماضي صفقة مع الصين لبناء محطة طاقة تعمل بالفحم، وتتطلع عمان أيضا لبناء محطة تعمل بالفحم في ميناء الدقم الجديد والذي من المقرر أن يكون مركزا للتجارة والصناعة.
تقول الصحيفة، إن اعتماد المنطقة على الفحم على الرغم من غناها بالنفط والغاز والطاقة الشمسية، أمر «غريب ومفاجئ»، مشيرة إلى أن الصين الشريك الرئيسي لهم، والتي كانت تحرق أكثر من نصف الفحم في العالم، خفضت استهلاكها منه منذ عام 2013 مع محاولة البلاد لتنظيف سماءها. وكذلك الولايات المتحدة التي تعمل على القضاء على الفحم من خلال الاعتماد على الطاقة الشمسية والغازات الرخيصة، وحتى الهند تلغي خططها لإنشاء محطات الفحم العملاقة لصالح الطاقة المتجددة.
وأرجعت الصحيفة زيادة اعتماد دول الشرق الأوسط على الفحم، إلى محاولة تعويض الخسائر الناجمة عن انخفاض أسعار النفط وتقلبه، إضافة إلى محاولتها التنويع في مصادر طاقتها، فدول مثل دبي ومصر وتركيا لا تريد أن تعتمد على الاستيراد.
وعلى الرغم من انخفاض أسعار الغاز في الوقت الراهن، فإن الفحم أرخص منه، -على الأقل بمجرد إنشاء مرافق الاستيراد المطلوبة- وتقدم شركات الطاقة والهندسة الصينية، التي تبحث عن أسواق أخرى، خبراتها وتمويلها المنخفض التكلفة وهو ما يشكل عامل جذب بالنسبة لتلك الدول.
ومن المقرر أن يتم بناء معظم هذه المحطات، بضوابط حديثة للتلوث، والتي تحبس ثاني أكسيد الكبريت والجسيمات والزئبق وغيرها من الانبعاثات السامة والحمضية، لكنها بحسب الصحيفة، ستظل تنتج كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون، وهو العامل الرئيسي المسؤول عن الاحترار العالمي، وهو ما يشكل عملا ضد جهود المنطقة لخفض الانبعاثات النووية وزيادة كفاءة استخدام الطاقة. وبينما يوجد ما يسمى بـ«ملتقط الكربون»، والقادر على اعتراض ثاني أكسيد الكربون والتخلص منها بأمان تحت الأرض، فإنه لا يوجد أي خطط لاستخدامها في تلك الدول من البداية.
ومن وجهة نظر مالية بحتة، يمكن إرجاع ارتفاع الفحم ونموه في الشرق الأوسط؛ إلى فشل الصناعات الأخرى في النهوض بقضيتها، فعلى الرغم من أن للطاقة النووية دورا استراتيجيا في خفض نسب الكربون لكن تكاليفها مرتفعة للغاية، كما تعتبر الطاقة المتجددة بديلا أنسب أيضا، ومع ذلك، لم تشهد بلدان مثل عمان ومصر وإيران أي تقدم يذكر فيها، إضافة إلى أن سياسات وأسعار الغاز الغير منظمة وعديمة الانفتاح على الاستثمارات الخاصة، حالت دون تطوير شبكة غاز إقليمية رائدة.
وختمت الصحيفة بأن الفحم يمكن أن يكون له دور محدود في إمدادات الطاقة بالشرق الأوسط، لكن يجب أن يؤخذ في الاعتبار السلبيات البيئية الخاصة به، كما ينبغي أن يكون هناك طريق واضح لإدخال مرافق احتجاز الكربون إذا عزمت المضي قدما فيما تربوا إليه. وتشير الصحيفة إلى أن الفحم رخيص بشكل مضلل مقارنة بالمصادر الأنظف، فبدلا من تبني اقتراح فرجينيا «السخيف». يمكنها ان تتبع سياسات أخرى من أجل الحصول على مصادر للطاقة نظيفة ومتجددة.