شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

مثلث الحرب الباردة – هيثم صلاح

مثلث الحرب الباردة – هيثم صلاح
  جاء خطاب الدكتور مرسي في القمة السادسة عشرة لمنظمة دول عدم الإنحياز ليرسم ملامح حربا تولد في منطقة الشرق الاوسط...

 

جاء خطاب الدكتور مرسي في القمة السادسة عشرة لمنظمة دول عدم الإنحياز ليرسم ملامح حربا تولد في منطقة الشرق الاوسط و ستدور أحداثها بشكل بارد بين ثلاثة أطراف يعادي كل منهم الطرفين الآخرين . ترضى على الصحابة في طهران عاصمة الدولة التي تتخذ من لعنهم دينا رسميا لها و دعم الثورة السورية علانية بإسقاط الشرعية عن النظام الأسدي دون أن يرد نجاد على هذا و بهذا أشار إلى أن ما يجري لا يعدو كونه بروتوكولا ضروريا و مصالح مشتركة آنية و لا مجال لشراكة إستراتيجية في الوقت الحالي .  أكد على إقامة سلام عادل و شامل و هو ما يعني في الواقع تفكيك دولة إسرائيل و تفريغها من معنى وجودها فهدوء بحر العلاقات الإسرائيلية المصرية مرهون الآن بالمرحلة الإنتقالية التي يشغلها حل المشكلات الداخلية و سنفرغ عن قريب . و كان حضور القمة من قبل رئيس الجمهورية في ظل سياسة  عزل طهران التي تتبعها أمريكا حاليا  تعبيرا دقيقا عن سياسة مصر الخارجية المستقلة عن المسار الأمريكي فلا تبعية بعد ثورة . كما أنه يدل على رغبة مصر في دعم كيانات دولية جديدة تساهم في بناء عالم متعدد الأقطاب لا يظل قدر دوله الوحيد السير في فلك الدولة العظمى الوحيدة في العالم , فمنظمة دول عدم الإنحياز تضم 120 دولة و نحن نهتم بدعمها و يجب أن تلعب دورا يناسب حجمها على الساحة الدولية .

 

رسائل متعددة في إتجاهات متباينة كل منها تحقق هدفا ما فهذا هو الشرق الاوسط الجديد الذي نتج عن الربيع العربي . تحاول  السياسة الخارجية المصرية إستغلال تناقضات بقية الاطراف لتحقيق مصالح مصر العليا . فاسرائيل تقع على حدود دولة يقودها حاليا رئيس خلفيته إسلامية ترفض الإعتراف بشرعية وجودها , تربى على فكرة تحرير فلسطين و هذا سيجعل العلاقة مع مصر تكون محاولة منع عود الثقاب من السقوط وسط برميل البارود . و إيران فقدت دورها الرائد الذي كانت تدعيه باعتبارها "دولة الثورة الإسلامية " ذات السياسة المستقلة الوحيدة في المنطقة التي " تواجه " أمريكا و إسرائيل بصعود مصر و نمطها الإسلامي السني الحقيقي الجديد . هي تعلم أن مصر لن تقبل سياسات الهيمنة التي تحاول إيران فرضها على المسلمين و ستقاوم هذا بشدة و لكن في نفس الوقت لا تستطيع تجاهل دولة رئيسية مثل مصر . ستضرر صورتها كدولة " إسلامية " كثيرا لو فعلت و لن يكون مناسبا ألا تكون شريكا لقائدة الدول العربية و في ظل إصرار مصر على أن يكون ذلك بشروطها يتفاقم شعور طهران بالعزلة في ظل الضغوط الدولية المتواصلة لإيقاف برنامجها النووي .  و الكل يتعامل مع القوة الأمريكية التي تحاول توفيق أوضاع الجميع بما يتناسب مع تحقيق مصالحها في المنطقة و ضمان أن الكل يحتاج إليها . إسرائيل في وسط الجسد العربي المسلم , كيان متماسك و يسبق محيطه على المستوى التقني و العسكري و إيران تحدي حضاري و عقدي و إستراتيجي للدول الإسلامية السنية التي ستنتج عن الربيع الحالي … وضع يبدو مريحا للغاية بالنسبة لدولة تهدف لأن تظل القوة المهيمنة على العالم و ترى الإسلام و اهله عائق كبير إذا قامت لهم قائمة في الشرق الأوسط . هذا الوضع المشتبك سيشعل حربا باردة بين الاطراف الثلاثة يسعى كل منهم خلالها للإنتصار لكي يصبح القوة الإقليمية الرئيسية و الطرف الذي تسعى القوى الأخرى لدخول المنطقة من خلاله و بشروطه .

 

السمة المعروفة للحرب الباردة أنها تنتهي بالنقاط و ليس بالضربة القاضية و بالتالي يجب على من يخوضها أن يجيد إستغلال أخطاء خصومه و يحولها إلى نقاط لصالحه . إيران دعمت نظاما دمويا ذبح شعبه من أجل الإستمرار في الحكم لمجرد إتفاقه معها في العقيدة و هذا يظهرها في صورة الدولة الطائفية البغيضة التي لا  تصلح لقيادة المنطقة و لا ريادة " مشروع المقاومة ضد المشروع الصهيوني " باعتباره مشروعا إسلاميا جامعا و بالتالي يجب على القيادة المصرية أن تتبنى الدفاع عن الشعب السوري المجاهد ليس باعتباره متوافق معنا طائفيا و إنما باعتباره شعب عربي أغلبيته مسلمة يتعرض للقتل و الإبادة , فالقضية بالنسبة لنا على المستوى الدولي و الدبلوماسي قضية حقوق إنسان يقتل كل يوم طلبا للحرية , و برفضنا التام لتقسيم سوري أو التدخل العسكري المباشر يظهر الرائد الحقيقي للمنطقة الحريص على مصالح جميع الاطراف . كما يجب ألا نترك للحكومة العراقية الحالية حرية الحركة للتبعية التامة لإيران و تنفيذ أجندتها و رفض المشروع الطائفي تماما في العراق لأنه المدخل الحقيقي لإيران إلى العراق و إستمرار الضغط على الحكومة العراقية من خلال الآليات العربية حتى تصير سياستها وطنية و تحفظ حقوق أهل السنة في إطار وطني ديموقراطي جامع . تحكم إسرائيل حكومة متعجرفة تهود القدس و لا تقدم اليوم سبيلا لإستمرار ما يسمى بالعملية السلمية و هذا يعطي فرصة ذهبية لإستغلاله على المستوى الدولي لعزل إسرائيل و الضغط لإعطاء الفلسطينيين حقهم الذي تعترف به معظم دول العالم في دولة يجب أن تكون في حدود 67 و إعطاء الفلسطينيين اللاجئين حقهم في العودة . تبني مصر لهذه الحقوق و دعم تحرك الفلسطينيين الحالي في الأمم المتحدة يخصم الكثير من النقاط من إسرائيل و يضيفها إلى جانبنا . و تستمر معركة حصد النقاط بيننا و بين أعدائنا كما جرت من قبل بين الإتحاد السوفيتي و الولايايت المتحدة الأمريكية حتى تنتهي بانتصار أحد الأطراف …. أو يشتعل البارود فجأة .



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023