شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«الجزيرة»: تخفيض المساعدات الأميركية لمصر لن يغير سلوك السيسي .. القمع مستمر

علّقت الولايات المتحدة جزءًا من المساعدات العسكرية والاقتصادية لمصر وخفضت بعضها؛ بسببب «قلق متعلق بشأن أوضاع حقوق الإنسان في مصر»، ويستهدف القرار تغيير مصر في هذه الأوضاع وتحسينها. لكن، هل بالفعل سيستجيب السيسي إلى هذه المطالب؟ هذا ما أجابت عنه شبكة «الجزيرة» في تقريرها التالي.

قالت الشبكة إنّ تعليق الولايات المتحدة بعض المساعدات الاقتصادية والعسكرية لمصر وخفض جزء آخر هو «رمزي» ولن يكون له تأثير كبير على قدرات مصر، بحسب محللين؛ إذ تقول «سارة يركس»، زميلة في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولية ومقرها واشنطن: «ستظل مصر تحصل على الغالبية العظمى من مساعداتها العسكرية البالغة 1.3 مليار دولار».

وأضافت لـ«الجزيرة» أنّ «هذه الخطوة رمزية أكثر منها عملية؛ فهي محرجة لمصر، ولكن لن يكون لها تأثير كبير على قدراتها».

وتقول «الجزيرة» إنّ القرار لم يسبق له مثيل، ويعكس إحباط الولايات المتحدة من موقف الحكومة المصرية تجاه الحريات المدنية؛ خاصة فيما يتعلق بقانون الجمعيات الأهلية. وأقرّت مصر، السيئة السمعة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وتدهور الاقتصاد، قانونًا مثيرًا للجدل أصدره «عبدالفتاح السيسي» لتقنين عمل 47 ألف منظمة غير حكومية وجمعيات خيرية في جميع أنحاء مصر.

ويعدّ القانون جزءًا من استراتيجية أوسع للقضاء على المعارضة في مصر، وتعهّد مسؤولون مصريون أثناء زيارتهم واشنطن في أبريل الماضي بإلغاء مشروع القانون الذي تلقى انتقادات كثيرة من منظمات حقوقية دولية مثل «هيومن رايتس ووتش» الأميركية.

ووصفت وزارة الخارجية المصرية خفض المساعدات وتأخيرها بـ«سوء تقدير لطبيعة العلاقات الاستراتيجية التي ربطت البلدين منذ عقود». وأضاف البيان أن «هذه الخطوة تعكس الافتقار إلى الفهم الدقيق لأهمية دعم استقرار مصر ونجاحها، فضلًا عن حجم التحديات الأمنية والاقتصادية التي يواجهها الشعب المصري وطبيعتها».

ويتعين على وزير الخارجية الأميركي «ريكس تيلرسون» أن يشهد أمام الكونجرس بأن مصر استوفت المعايير المضمونة لحقوق الإنسان التي أقرها مجلس الشيوخ لتصبح مؤهلة لتلقي المعونة.

بلا تأثير عسكري

ووفقًا لـ«كول بوكنفيلد»، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، فإنّ ما لا يقل عن 400 مليون دولار من المساعدات الاقتصادية عبارة عن أعمال في مصر، ومعظمها عرقلتها الحكومة المصرية، مضيفًا أن مبررات القرار ليست واضحة، ولكن من غير المحتمل أن تؤثر هذه الخطوة على الحملة العسكرية المصرية في سيناء؛ إذ لن تؤثر على قدرة الجيش المصري في هجماته بسيناء.

بييما قال «روبرت سبرينجبورغ»، الخبير في شؤون الشرق الأوسط وزميل غير مقيم في المعهد الإيطالي للشؤون الدولية، إن هذه الخطوة جزء من اقتراح إدارة ترامب بتخفيض الأموال بشكل كبير، خاصة إلى الشرق الأوسط، مضيفًا: «لكن العامل الأهم هو النهج العام والصارم لترامب الذي نراه فيما يتعلق بمختلف الحلفاء الذين يرغبون في دعم الولايات المتحدة بطرق مباشرة وغير مباشرة ضد كوريا الشمالية».

وتتلقى مصر المساعدات الأميركية منذ إقامتها علاقات دبلوماسية مع «إسرائيل» بعد توقيع اتفاقية «كامب ديفيد» عام 1978 برعاية الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر.

وكجزء من الاتفاقية، بدأت في عام 1980 سلسلة من المناورات العسكرية المشتركة بين مصر والقوات الأميركية في مصر، ويهدف التدريب إلى تعزيز العلاقات بين القوتين. وبحلول أوائل التسعينيات، أصبحت مصر أحد حلفاء الولايات المتحدة العسكرية الرئيسين في المنطقة. وعلى الرغم من تعليق هذه المناورات منذ عام 2009، فمن المقرر استئنافها الشهر المقبل، ووفقًا لـ«كول»، فإن مصر لديها أموال كافية في حساباتها لمواصلة الأنشطة العسكرية دون عوائق.

واستبعدت «سارة» أن تنفذ مصر تدابير جذرية في هذه المرحلة، لكنّ إعادة مناورات «النجم الساطع» مكسبٌ كبير لها، وتعتبر صفقة كبرى للولايات النتحدة.

وبالمثل، قال «إيسندر العمراني»، مدير مكتب شمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية ببروكسل، إن وقف المساعدات لا يبدو أنه مرتبط بأي تطور في العلاقات المصرية الأميركية؛ خاصة وأن المناورات العسكرية «النجم الساطع» استئنفت رسميًا.

لا حقوق للإنسان

وأضاف «إيسندر»: «إذا استمرت هذه التخفيضات فربما يرجع ذلك إلى أن الولايات المتحدة تريد إرسال إشارة بتدهور أوضاع حقوق الإنسان في مصر، أو ببساطة لأن إدارة ترامب لا ترى أن الكونجرس يوافق على صرف الأموال». ومضيفًا أيضًا: «إذا كان المقصود منها الإشارة إلى سلوك نظام السيسي، فإن تأثيره سيكون محدودًا عليه، لكنه سيكون بمثابة اعتراف من الولايات المتحدة بأن وضع حقوق الإنسان في مصر مقلق وأنها لا تتبنى خط النظام المصري حتى لو استمرت العلاقات العسكرية بين البلدين».

وتستعد مصر إلى الانتخابات الرئاسية في عام 2018، وتخضع إلى حالة طوارئ منذ أبريل الماضي وسط تعتيم وسائل الإعلام. ويستمر السيسي، المتوقع أن يترشح لفترة رئاسية ثانية، في قمع المرشحين المحتملين.

وعندما انقلب السيسي على الرئيس المصري محمد مرسي في صيف عام 2013 أصبحت المساحة العامة في مصر مقيدة بشكل متزايد، ومنذ توليه السلطة في 2014 سجنت حكومته عشرات الآلاف من المصريين دون تهمة وحظرت الاحتجاجات العامة؛ عبر سنّ تشريع يحظر تجمع عشرة أشخاص أو أكثر دون إذن مسبق.

وبحسب المحللين، فإن هذه الخطوة لن تغير بالضرورة سلوك السيسي فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، التي تعتبر مخالفة مباشرة للمعايير الديمقراطية، وقال الخبير الاستراتيجي «روبرت سبرينجبورغ» إنّ هذه الخطوة قد تكون لها تأثيرات تقييدية؛ لكن السيسي سيواصل قمع المعارضين.

بينما يعتقد آخرون أن الخطوة الأميركية لا علاقة لها بانتهاكات حقوق الإنسان؛ إذ قال الخبير كول إنّ «إدارة ترامب إذا أرادت حقًا إرسال إشارة قوية إلى حكومة السيسي بشأن حقوق الإنسان فكان يمكنها خفض الـ195 مليون دولار الأخرى بدلًا من تأخيرها.

وقال «جيمس جلفين»، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة كاليفورنيا، إنّ «الأمر الوحيد الذي نعرفه هو أن ترامب لا يهتم بحقوق الإنسان في الداخل أو في الخارج؛ ومن غير المحتمل أنّ يوجهه البيت الأبيض إلى قطع الأموال».

ووفقًا لجلفين، قد يكون السبب الكامن وراء ذلك هو «الخلل الحالي في وزارة الخارجية»؛ نظرًا للعدد الكبير من المناصب العليا التي ما زالت شاغرة، مضيفًا أن الأموال ستعاد بعد أن تصادق الولايات المتحدة على أن مصر تحرز تقدمًا في مجال حقوق الإنسان. مؤكدًا أن هذا التصديق سيحدث بلا شك؛ سواء تحقق هذا التقدم أم لا.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023