على مدار الأيام الماضية، تحدثت تقارير عن وجود خطة ألمانية لترحيل المهاجرين إلى مصر وتوطينهم مقابل مساعدات وصفقات عسكرية واقتصادية؛ ورأى خبراء أنّ القرار لن يكون بعيدًا ما دامت هناك مصلحة ستصب في يد النظام.
ونقلت صحيفة «The Australian» عن مصادر دبلوماسية أنّ ألمانيا تخطِّط لإرسال المهاجرين لأوروبا إلى مصر، وأن القاهرة تتفاوض للحصول على امتيازات تجارية ومساعدات وتعزيز التعاون الأمني.
مركز لاجئين مُرحَّلين
كما نشرت صحيفة «بيلد» الألمانية «خطة وزير الداخلية لولاية بادن فورتمبرغ وعضو الحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم في ألمانيا توماس شتروبل لترحيل نصف مليون طالب لجوء رفضت ألمانيا طلباتهم إلى معسكر سيقام لتجميعهم في مصر».
ونقلت الصحيفة عن الوزير الألماني قوله إنّ «هناك فرصة جيدة للاتفاق مع مصر على إقامة مركز فوق أراضيها لاستقبال هؤلاء اللاجئين المُرحّلين، وتجميع طالبي اللجوء الموقوفة قواربهم المتجهة لإيطاليا في البحر المتوسط؛ لمنع وصولهم إلى أوروبا».
مباحثات ألمانية
كما كشفت صحيفة «تايمز» البريطانية عن إجراء مسؤولين ألمان مباحثات مع الحكومة المصرية لمناقشة سبل الحد من الهجرة غير الشرعية، ونقلت عن مصادر دبلوماسية ألمانية أنّ من بين السيناريوهات المناقشة استضافة مصر للمهاجرين الذين يجتازون البحر المتوسط على أمل الوصول إلى أوروبا، مقابل «تنازلات» تجارية ومساعدات مالية، فضلًا عن إمكانية تعديل شروط قرض صندوق النقد الدولي وغير ذلك من الإجراءات التى يمكن تقديمها من الاتحاد الأوروبي للقاهرة حال الوصول إلى تفاهمات في هذا الشأن.
مقابل مساعدات
وتوقّع الدكتور عبدالله الأشعل، المرشح الرئاسي السابق، أن يبرم عبدالفتاح السيسي صفقة مع ميركل تتضمن حماية أوروبا من تدفق اللاجئين إليها في مقابل توقيع صفقات عسكرية واقتصادية؛ من بينها مساعدات ومنح.
وقال عبدالله في تصريح لـ«رصد» إنّ النظام الآن يبحث عن القوة لتكريس الحكم، سواء بالدعم العسكري أو الاقتصادي، كما حدث بعد يونيو 2013؛ إذ تدفقت أموال الخليج، وبعد توقفها الآن يلجأ السيسي إلى أوروبا تحت شعار «سأخلصكم من الإرهاب» للفوز بمساعدات.
الخارجية تنفي
ونفت وزارة الخارجية المصرية توقيع اتفاق مع ألمانيا بشأن توطين لاجئين، مؤكدة أن السياسة المصرية ترفض توطين رعايا دول أجنبية على أراضيها تمامًا، وفقًا لما أعلنه مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري.
وقال المركز، في بيان له أمس الأربعاء، إنه رصد شائعات باتفاق وزارتي الخارجية المصرية والألمانية على توطين لاجئين في مصر، وأنّ وزارة الخارجية تنفي ذلك «في ضوء توقيع ورقة للتعاون الثنائي بين البلدين في مجال الهجرة غير الشرعية». ونقل المركز عن وزارة الخارجية قولها إنّ «السياسة المصرية ترفض إنشاء مراكز لإيواء اللاجئين أو توطين رعايا دول أجنبية على أراضيها نهائيًا».
وأجرى وزير الخارجية سامح شكري الأحد الماضي مباحثات مع نظيره الألماني زيجمار جابرييل في برلين، ووقعا «ورقة العناصر المشتركة للتعاون بين مصر وألمانيا في مجال الهجرة».
التوطين في سيناء
من جانبه، كتب الرئيس الأميركي دونالد ترامب تغريدة على موقعه الإلكتروني تقول بالحرف الواحد: «التسوية القادمة في الشرق الأوسط لم يسبق أن بُحثت من قبل، وسوف تشمل عديدًا من الدول، وستتضمن مساحات كبرى من الأراضي»؛ ما جعل مراقبين سياسيين يتوقعون استعداد العسكر للتنازل عن سيناء.
وتساءل المراقبون: أين ستكون هذه المساحات الكبرى من الأراضي؟ ولماذا تحدّث ترامب بكل هذه الثقة، وكأنه حصل على موافقات مسبقة لتوطين الفلسطينيين من الأطراف الخادمة للمشروع الصهيوني في المنطقة العربية، ومنهم السيسي؟
من جانبه، قال الكاتب عبدالعظيم حماد إنه «طبعًا لن تكون هذه المساحات في لبنان؛ بسبب اكتظاظه بالسكان، وبسبب المقاومة المارونية الشرسة للوجود الفلسطيني، والرفض الساخن من حزب الله، ولحرص الغرب عمومًا على الوضع الخاص لمسيحيي لبنان».
وتابع: «إذن يتبقى من دول الجوار مصر والأردن والسعودية بعد التنازل لها عن تيران وصنافير ومشروع جسر الملك سلمان، وهناك أيضًا سوريا، وربما تمتد الأنظار إلى العراق الذي بحثت دوائر أميركية توطين نسبة كبرى من اللاجئين الفلسطينيين فيه، خاصة في المنطقة الوسطى؛ لزيادة الوزن السكاني للطائفة السنية فيها، وكان ذلك في أعقاب الغزو الأميركي للعراق».
وأوضح أنه «مع ذلك، لا بد أن نعترف أن الحديث في إسرائيل والولايات المتحدة يتركز على فكرة الدولة الفلسطينية البديلة في سيناء تحديدًا، ولم يعد أحد يتحدث عن التوطين أو عن الأردن باعتباره الدولة الفلسطينية في وعد بلفور، وهذا هو الذي يجب أن يقلق المصريين ويشغلهم».