أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا جديدًا اليوم الخميس، يُسلِّط الضوء على ما صفها بـ«أساليب قمعية» قال إن حكومة البحرين استخدمتها على مدار العام الماضي لسحق المعارضين وقمع المظاهرات بشكل عنيف، مما أدى إلى مقتل ستة أشخاص، بينهم طفل. بحسب التقرير.
ويبين التقرير، الصادر بعنوان: «لا أحد يستطيع حمايتكم: عام من قمع المعارضة في البحرين»، تعرض ما لا يقل عن 169 من منتقدي الحكومة أو أقاربهم للاعتقال أو التعذيب أو التهديد أو المنع من السفر على أيدي السلطات، خلال الفترة من يونيو 2016 إلى يونيو 2017.
وقال فيليب لوثر، مدير البحوث وكسب التأييد للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية، «لقد تمكنت حكومة البحرين، باستخدام شتى أنواع القمع، بما في ذلك المضايقة والاحتجاز التعسفي والتعذيب، من سحق المجتمع المدني، الذي كان من قبل نشيطا ومزدهرا، حتى أصبح الآن مجرد أصوات قليلة منفردة لديها من الشجاعة ما يكفي للمجاهرة بآرائها».
وأضاف فيليب لوثر قائلاً: «إن معظم المنتقدين السلميين، سواء أكانوا من المدافعين عن حقوق الإنسان أو من النشطاء السياسيين، أصبحوا يشعرون الآن بتعاظم المخاطر المترتبة على التعبير عن آرائهم في البحرين».
وقال تقرير المنظمة، إنه منذ منتصف عام 2016، دأبت السلطات البحرينية على شن حملة منظَّمة للقضاء على حرية التعبير في البلاد، وكان المدافعون عن حقوق الإنسان، والمحامون والصحفيون، والنشطاء السياسيون، ورجال الدين الشيعة، والمتظاهرون السلميون، هم الهدف الرئيسي لهذا القمع الواسع، كما تعرض نشطاء يعيشون خارج البحرين للمضايقة والترهيب، على حد وصفه.
ويُعد المدافع البارز عن حقوق الإنسان نبيل رجب، رئيس «مركز البحرين لحقوق الإنسان»، من أكثر المدافعين عن حقوق الإنسان الذين استُهدفوا في البحرين، ولا يزال نبيل رجب خلف القضبان في عداد سجناء الرأي، بعد أن حُكم عليه بالسجن سنتين بسبب مقابلات إعلامية أجراها، كما إنه عرضة للحكم عليه بالسجن 15 سنة أخرى، دونما سبب سوى أنه نشر تعليقات على موقع «تويتر»، بحسب التقرير.
وقُبيل إعادة القبض عليه في يونيو 2016، قال نبيل رجب لمنظمة العفو الدولية: «سُجنت خمس مرات في العام الماضي.. وفي معظم الأحيان أُمنع من السفر، وأُستَهدف، وأُسجن، وأتعرض للتعذيب، ويُستهدف بيتي ويتعرض لهجمات بالعيارات المطاطية والغاز المسيل للدموع.. أطفالي مُستهدفون من الحكومة، وكذلك زوجتي وعائلتي وأمي، التي فقدتها بينما كنتُ في السجن ولم يُسمح لي بأن أراها قبل وفاتها».
واتهمت المنظمة المجتمع الدولي بالتقاعس عن انتقاد البحرين، قائلة: «بالرغم من تدهور الوضع في البحرين، ووقوع انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، فقد ظلت معظم دول العالم تلتزم الصمت، أو تميل إلى تخفيف حدة انتقاداتها العلنية، وكانت بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية من بين هذه الدول، بالرغم من نفوذهما الكبير، على وجه الخصوص، لدى البحرين».
فقد استمرت بريطانيا في امتداح «التقدم في برنامج الإصلاح» في البحرين، بينما خفتَت تعليقاتها المتفرقة عن وضع حقوق الإنسان، بحسب التقرير.
ويتابع التقرير :«أما الولايات المتحدة الأميركية فكانت تنتقد البحرين علنًا خلال إدارة الرئيس باراك أوباما، بل وأعلنت، في سبتمبر 2016، أن بيع طائرات مقاتلة للبحرين مشروطٌ بإحراز «تقدم في مجال حقوق الإنسان».
وأضاف: «إلا إن السياسة الخارجية الأميركية شهدت تحولًا ملحوظًا منذ انتخاب الرئيس دونالد ترامب، الذي ألغى الشروط المفروضة على بيع الطائرات المقاتلة للبحرين، في مارس 2017، وبعد حوالي شهرين، قال الرئيس ترامب لملك البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة إنه لن يكون هناك توتر في العلاقات في ظل هذه الإدارة، وهو ما فسرته البحرين، على ما يبدو، باعتباره ضوءاً أخضر لها لمواصلة قمعها، فأقدمت بعد يومين فقط على قمع المظاهرات في قرية الدراز بشكل عنيف».
وقال فيليب لوثر: «لقد كان من شأن تقاعس بريطانيا والولايات المتحدة، وغيرهما من الدول ذات النفوذ لدى البحرين، عن التنديد بالتدهور الكارثي لوضع حقوق الإنسان في البحرين، أن يشجِّع الحكومة البحرينية، من الناحية الفعلية، على تكثيف مساعيها لإخراس ما تبقى من أصوات قليلة معارضة».
واستطرد فيليب لوثر قائلاً: «إن الأفق يبدو مظلماً بالنسبة لحقوق الإنسان في البحرين، إذا ما استمرت السلطات في حملتها القمعية دون مساءلة. ويجب على السلطات أن تبادر فوراً بكبح جماح قوات الأمن، وبالإفراج عن سجناء الرأي، والسماح لمنظمات المجتمع المدني المحظورة بمعاودة نشاطها. كما يجب عليها أن تضمن تحقيق العدالة والإنصاف لأولئك الذين تعرضوا للتعذيب وغيره من الانتهاكات الجسيمة».
وتشهد البحرين اضطرابات متقطعة منذ قمع حركة احتجاج، في فبراير 2011، قادتها فرق شيعية تطالب قياداتها بإقامة ملكية دستورية في المملكة التي تحكمها سلالة سنية.
وكثَّفت السلطات البحرينية في الأشهر الماضية محاكمة وملاحقة معارضيها، وخصوصًا من الشيعة، ونفذت في منتصف يناير، أحكامًا بالإعدام رميًا بالرصاص بحق ثلاثة من الشيعة، أدينوا بقتل ثلاثة رجال أمن بينهم ضابط إماراتي، في مارس 2014، ما أدى إلى قيام تظاهرات.
وصادق ملك البحرين، في أبريل، على تعديل دستوري يلغي حصر القضاء العسكري بالجرائم التي يرتكبها عسكريون، ويفتح الباب لمحاكمة مدنيين أمام المحاكم العسكرية، بحسب ما أعلنت وكالة الأنباء الرسمية.