شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«ذا ميديا لاين»: ثلاثة أسباب تدفع أميركا إلى إعادة علاقتها بمصر

من المقرر أن تجري مصر مناورات عسكرية مشتركة مع الولايات المتحدة الأميركية على مدار عشرة أيام، من 10 إلى 20 سبتمبر، وبمشاركة قرابة مائتي جندي أميركي، في «قاعدة محمد نجيب العسكرية»، وفقًا لما أكّده المتحدث باسم البنتاجون «أدريان رانكين غالاوي».

وقال إنه من الجيد أن تعود العلاقات العسكرية المصرية الأميركية مع عودة مناورات «النجم الساطع» مرة أخرى، بعدما توقفت في عام 2011 باندلاع ثورات الربيع العربي التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك، منذ بدأت سلسلة هامة من المناورات في عام 1981.

يقول موقع «ذا ميديا لاين» إنّ مصر كانت منذ عقود واحدة من أقرب حلفاء الشرق الأوسط إلى واشنطن، وساهمت المساعدات العسكرية الأميركية (التي تبلغ قيمتها 1.3 مليار دولار سنويًا) في ترسيخ اتفاقية «كامب ديفيد» عام 1979 مع «إسرائيل»، التي كانت من دعائم الاستقرار الإقليمي، وتعتبر الولايات المتحدة مصر دولة رئيسة لسياستها الخارجية الإقليمية، وتعتبرها أيضًا قناة أساسية يمكن منها تقديم القوة؛ ومن ثم حماية مصالحها في المنطقة.

وأضاف الموقع، بحسب ترجمة «شبكة رصد»، أنّ هذه العلاقات الاستراتيجية بين الدولتين تضررت بشدة في الفترة الأخيرة، أثناء ولاية «أوباما»؛ بعدما قاد «عبدالفتاح السيسي» انقلابًا عسكريًا على الرئيس محمد مرسي، ومنذ حينها تدهورت العلاقات بين القاهرة وواشنطن.

لكن، بمجرد تولي «دونالد ترامب» رئاسة الولايات المتحدة، سارع إلى إعادة هذه الروابط الثنائية بين الدولتين، ودعا «السيسي» إلى زيارة البيت الأبيض في أبريل الماضي، وأشاد به؛ وتعهد بالعمل معه لمحاربة «الإرهاب» في سيناء، الذي يتخذ منها مقرًا لإطلاق هجماته ضد القاهرة.

بعد ذلك، ومن دون تحذير، وفي انعكاس واضح لمسار الأحداث منذ تولي «ترامب»، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في أواخر الشهر الماضي حجب 95.7 مليون دولار من المساعدات الأميركية لمصر وتعليق 195 مليون دولار أخرى؛ بسبب مخاوف من تدهور أوضاع حقوق الإنسان في مصر. وجاءت هذه الخطوة بصدمة للمسؤولين المصريين، وأعلن عنها قبل ساعات فقط من اجتماع «جاريد كوشنر» مع المسؤولين المصريين.

وبعد ذلك أيضًا، كما حدث فجأة، وفي دلالة على ارتباك داخلي في واشنطن، دعا «ترامب» السيسي إلى التأكيد على «قوة الصداقة» التي من شأنها «التغلب على أي عقبات».

خيبة أمل إسرائيلية

رفض السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة «زفي مازيل» قطع المساعدات عن مصر؛ بسبب المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان، وقال إنّ ترامب نفسه أشار من قبل إلى أنه لن يتدخل في السياسة الداخلية للدول، وأنه لن يفرض أفكاره عن الديمقراطية، وقال إنّ ترامب محاط بأشخاص لا يعرفون حقًا ماذا يجري في القاهرة.

وأضاف «زفي» أنّ الحلقة بأكملها بدت فاشلة؛ فالقانون الذي يحكم وقف المساعدات يعطي السلطة التقديرية للولايات المتحدة، ووزير الخارجية «ريكس تيلرسون» قال إنه قرر استخدام سلطته، ومن غير المعروف ما إذا علم «ترامب» بهذه الخطوة أم لا.

ويجادل السفير الإسرائيلي السابق في أن السياسة المصرية لا يمكن أن يُنظر إليها من منظور الديمقراطية الأميركية، فمصر دولة مسلمة ولا يمكن أن تصبح ديمقراطية بين عشية أو ضحاها، موضحًا أنّ السيسي يحتاج الدعم الأميركي من أجل الإصلاحات الاقتصادية في بلد يعيش نصف 90 مليون نسمة على أقل من دولارين أميركيين يوميًا ويعتمد على الإعانات الحكومية للبقاء على قيد الحياة.

وادعى السفير الإسرائيلي أنّ الاقتصاد المصري نما بقرابة 4.5% في العامين الماضيين، على الرغم من أن البلاد عانت من حركة تمرد أدت إلى انخفاض دخل السياحة من 12 مليار دولار سنويًا، كما خسرت القاهرة مليارات الدولارات من عائدات الغاز؛ بسبب الهجوم على خط أنابيب لنقل أكثر من 12 مرة.

وبحسب «ياكوف لابين»، مراسل ومحلل في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، هناك ما يتراوح بين 500 وألف جهادي في شمال سيناء يتحدون حكم مصر، وتابعون لتنظيم الدولة «أنصار بيت المقدس».

وعلى هذا النحو، ظلّت سيناء مرتعًا لـ«الإرهاب» لسنوات عديدة. ولكن، منذ منتصف عام 2016، أصبحت الهجمات أقلّ تواترًا. وقال «ياكوف»: «تمكّن الجيش من الحدّ بشكل كبير من التهديد الذي يشكّله إرهابيو سيناء مقارنة بخمس سنوات مضت؛ لكن بثمن باهظ بالطبع».

بينما لا يزال السيسي تحت نيران مستمرة؛ بسبب حملات القمع ضد منظمات المجتمع المدني والمعارضين السياسيين.

ففي شهر مايو الماضي، أصدر السيسي ما اعتبره كثيرون تشريعًا صارمًا، ينظم عمل المنظمات الأهلية: «قانون الجمعيات الأهلية»؛ لا سيما تلك التي يموّلها الغرب والمنظمات المحلية، بما في ذلك من يعملون مع ضحايا التعذيب؛ إذ أجبرهم القانون على الإغلاق والتوقف تمامًا.

وفيما يتعلق بالتعذيب، فإن تقرير «هيومن رايتس ووتش» الصادر الأربعاء يوضح الخطوط العريضة لانتشار هذه الممارسات من المسؤولين المصريين الذين يضايقون المعتقلين السياسيين بأساليب تشمل الضرب والصدمات الكهربائية والاغتصاب. وقال التقرير إنه منذ صعود السيسي إلى السلطة واجه الآلاف تهمة الحبس، واختفى المئات قسرًا لشهور، وأُصدرت أحكام جماعية بالإعدام.

وتستهدف هذه الأساليب جماعة الإخون المسلمين تحديدًا، وهي كبرى حركة معارضة في البلاد.

عين شبه عمياء

وقالت الصحيفة إنّ هذا هو السبب الظاهر للقرار الأميركي بحجب المساعدات وتعليقها، وعلى الرغم من تبرير ذلك؛ فالواقع يشير إلى أن واشنطن ستصبح على الأرجح «عينًا شبه عمياء» نحو انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، على الأقل في المدى القصير؛ إذ هناك عوامل أخرى كثيرة في هذا المجال، وليس أقلها علاقة القاهرة مع كوريا الشمالية، التي اختبرت مؤخرًا الصواريخ البالستية فوق اليابان، وقنبلة هيدروجينية وسط تصاعد حرب الكلام مع «ترامب».

نموذج من صواريخ كوريا الشمالية التي تهدد بها أميركا – أرشيفية

وطوّرت الدولتان علاقاتهما العسكرية في السبعينيات، عندما درّبت كوريا الشمالية الطيارين المصريين قبل حرب 1973 مع «إسرائيل». وتحدثت تقارير عن بيع مصر صواريخ «سكود» الكورية الشمالية، في حين زعمت لجنة تابعة للأمم المتحدة في عام 2015 أنّ بورسعيد مرفأ للشركات الكورية لتهريب الأسلحة.

وفي ما يتعلق بالروابط التجارية، يملك «نجيب ساويرس»، من أغنى رجال الأعمال في مصر، الشركة التي ساعدت على إنشاء شبكة الهاتف الخلوي الرئيسة في كوريا الشمالية عام 2008.

وذكر «ذا ميديا لاين» ثلاثة أسباب تدفع أميركا إلى إعادة علاقتها بمصر:

السبب الأول: مع تصاعد التوترات في المحيط الهادئ، قد يكون أمر المساعدات مقابل تخفيض السيسي للعلاقات مع كوريا الشمالية.

والسبب الثاني: على الرغم من انتهاك مصر حقوق الإنسان وقمع الحريات الشخصية، قد تسعى واشنطن إلى التقارب معها؛ بسبب عودة القاهرة التدريجية إلى مدار روسيا، الراعي السابق لها في الخمسينيات والستينيات. ووقّع السيسي ونظيره فلاديمير بوتين على صفقات أسلحة تقدر بمليارات الدولارات، وأبرمت أيضًا اتفاقات ضخمة طويلة الأجل للشركات الروسية لبناء مفاعلات نووية في مصر.

السبب الأخير، وهو جيوسياسي: عندما أفسدت الولايات المتحدة في السبعينيات من القرن الماضي العلاقات مع مصر لجأت إلى الاتحاد السوفيتي. وبعيدًا عن المحور السوفياتي، فإن أي إعادة تنظيم شاملة اليوم للقاهرة مع موسكو من شأنها أن تعزز بشكل فعال عودة روسيا إلى الظهور في المنطقة؛ ما يمكن أن يكون له تأثير أكبر بكثير على المدى الطويل؛ إذ ستترنح دول في جميع أنحاء الشرق الأوسط على حافة الانهيار، كما أنّ «بوتين» سعيد جدًا بهذا التلاعب، وفي صالحه اضطراب المنطقة وفراغات السلطة، وأقام تحالفًا هائلًا مع إيران ووكيل حزب الله في لبنان الذي يهدد بتقويض قرابة خمسة عقود من الهيمنة الأميركية.

وفي هذا السياق، يرى «ياكوف» أنّ المناورات العسكرية المشتركة القادمة «أكثر من مجرد رمزية، ويمكن اعتبارها محاولة أميركية لإعادة تأكيد نفسها كحليفتها العظمى في مواجهة المحاولات الروسية لكسب النفوذ»، تتفق أيضًا مع نية الرئيس الأميركي بشكل عام للاقتراب من القوى السنية، وعكس مسار السياسة الخارجية التي تتبعها إدارة أوباما، التي حاربت إيران الشيعية على حساب الحلفاء التقليديين.

ومصر لا تملك بديلًا عن واشنطن، و«على الرغم من انتقالها نحو روسيا والصين أثناء ولاية أوباما؛ فالولايات المتحدة أهم دولة للقاهرة».



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023