تتواصل الضربات التي توجهها أثيوبيا إلي مصر في ملف سد النهضة، والتي كان أخرها انتهاء مهلة الـ 11 شهر التي حددتها اللجنة الفنية الثلاثية لسد النهضة مع الشركات الاستشارية الفرنسية «بى آر إل وأرتيليا»، لتنفيذ دراسات التأثير الهيدروليكي والاجتماعي والاقتصادي على مصر والسودان، إثر إنشاء وملء وتشغيل سد النهضة، بعد أن وقّعت العقود فى سبتمبر الماضى.
وجاء عدم صدور التقرير حتى الأن ليكشف عن تواطئ أثيوبي للتغطية على خطورة السد، وسط عجز مصري عن القيام بأي رد فعل، وفقدان مصر أي ورق ضغط على أثيوبيا، بعد توقيع السيسي على اتفاقية المبادئ، منتصف مارس 2015 بالخرطوم.
ويأتي هذا وسط تجاهل إعلامي من قبل إعلام السيسي، فرغم خطورة عدم إصدار التقرير حتى الآن، إلا أن إعلام السيسي تجاهل طرح هذا الموضوع، وخلت برامج «التوك شو» من الحديث عنه.
معوقات تواجه المسار الفني
وقالت مصادر مصرية تشارك في الاجتماعات الدورية حول السد، لصحيفة، إن هناك عددا من المعوقات تواجه المسار الفني بخاصة تنفيذ الدراسات، وإن المكاتب الاستشارية لم تنته حتى الآن من إعداد التقرير الاستهلالي.
وأضافت المصادر بحسب موقع «الشروق» أن خلافات فنية على مسار الدراسات حالت دون تجاوز النقاط الفنية العالقة، خاصة وأنه كان من المنتظر أن تجتمع اللجنة منذ شهر في الخرطوم إلا أن الاجتماع تعطل لعدة أسباب، وأوضحت المصادر أن المسار الفني لا يمكن أن يكون ضمانا للحلول بخصوص مسألة تخزين وتشغيل السد، مؤكدة أن مساعي سياسية تقوم بها الإدارة المصرية لاحتواء الموقف مع إثيوبيا والتوصل لاتفاق بشأن التخزين دون انتظار المسار الفني.
يكشف حجم خطورة السد
ومن جانبه قال نادر نور الدين، خبير الموارد المائية، أن عدم الانتهاء من التقرير حتى الآن يكشف حجم خطورة السد على مصر والسودان، وكذب التصريحات الأثيوبية عن عدم خطورة السد علينا.
وهاجم نور الدين في تصريح خاص لـ«رصد»، تحرك الخارجية ومؤسسات الدولة في هذا الملف، مشيرا إلى أن الصمت الإعلامي، وعدم تحرك النظام بالشكل المطلوب مؤشر خطير.
وأشار نور الدين إلي أن إثيوبيا على وشك بداية تشغيل المرحلة الأولى من سد النهضة، ومصر أصبحت لا تملك أي أوراق ضغط لديها، في المقابل إسرائيل تتابع عمليات بناء السد بترقب شديد وبشكل مستمر كونها أحد المستثمرين في شركة توزيع كهرباء السد الإثيوبي.
وأوصى الخبير المائي بضرورة العمل على مواصلة الزيارات واللقاءات لدول حوض النيل والعمل على كسب تأييد السودان لشرح الأضرار التي ستلقاها القاهرة جراء سد النهضة، مطالبا بضرورة الحصول على تعهد من إثيوبيا بشكل متابي بالحفاظ على حصة مصر في مياه نهر النيل.
اتفاق المبادئ وخسارة حقوق مصر
وكان اتفاق المبادئ الذى وقعه عبدالفتاح السيسي مع السودان وإثيوبيا فى مارس 2015، قد نص على الاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوى لسد النهضة، والتى يجوز لمالك السد ضبطها من وقت لآخر، وإخطار دولتى المصب بأية ظروف غير منظورة أو طارئة تستدعى إعادة الضبط لعملية تشغيل السد، محددا إطارا زمنيا لتنفيذ الدراسات، والاتفاق على قواعد التخزين والملء، فى إطار خمسة عشر شهرا، منها 11 شهرا لإعداد الدراسات، وأربعة أشهر مهلة للجنة الفنية الثلاثية للنظر فى كيفية تنفيذ نتائج وتوصيات الدراسات.
كما تسبب تعقد الإجراءات الإدارية والمالية فى وقت سابق، فى تأخير توقيع عقود دراسات سد النهضة لأكثر من عامين، منذ توقيع اتفاق المبادئ، وتشكيل اللجنة الثلاثية الفنية بعد أن تنازلت مصر عن شرطها بضرورة وجود خبراء أجانب فى اللجنة، حيث وقعت العقود مع شركتين «بى آر إل» و«أرتيليا» الفرنسيتين، فى سبتمبر 2016، وهو الحدث الذى اعتبره وزراء الرى فى الدول الثلاث وقتها، أنه إنجاز سيساهم فى الدفع بمسار التعاون الثلاثى لحل جميع المسائل العالقة بشأن التخزين والتشغيل فى سد النهضة. ثم تبين أنه كان مجرد وسيلة تماطل بها إثيوبيا من أجل كسب مزيد من الوقت؛ لوضع الجميع أمام أمر واقع لا يمكن تغييره في ظل عجز فاضح من جانب السيسي، الذي يبدو أنه رفع الراية البيضاء أمام إثيوبيا.