لم يستغرق الإفراج عن السائح الايطالي الذي قتل المهندس المصري طارق الحناوي، أكثر من ساعات، وجاء قرار النيابة مساء أمس الثلاثاء بتسليمة جواز سفره، استعدادا لرحيله دون محاكمة، ليسدل الستار على هذا الملف.
وأثار الإفراج عن السائح الايطالي موجة من الغضب في الشارع المصري، كما مثل صدمة لعائلته، التي ناشدت عبدالفتاح السيسي التدخل، فيما وجهت نجلة المهندس الحناوي رسالة إلي المصريين عبر صفحتها الشخصية على الفيس بوك، تعلن عن غضبها من البلد التي أضاعت حق والدها، واتهمت النظام أنه ضحى بوالدها، مقابل التهدئة في ملف الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي تم قتله في مصر.
وأعادت القضية الأذهان إلى الواقعة التي تمت في مارس 2016 حين أعلنت الداخلية المصرية قتل تشكيل عصابي مكون من خمسة مصريين قالت إنها اكتشفت حيازته جواز سفر ومتعلقات الطالب الإيطالي المقتول جوليو ريجيني ، ثم أعلنت بعدها بيوم أن المجموعة التي تم قتلها ليس لها علاقة بمقتل ذلك الطالب، ليضاف الحناوي إلى قائمة من المصريين الأبرياء الذين تم تقديمهم ككبش فداء لإرضاء إيطالي بعد مقتل ريجيني.
النيابة تسلم السائح جواز سفره
وأخطرت نيابة البحر الأحمر الكلية، مساء الثلاثاء، قسم شرطة مرسى علم، بتسليم جواز سفر السائح الإيطالى «دى لوناردس إيفان باسكال»، وذلك عقب استفسار قسم الشرطة للنيابة عن جواز السفر المتحفظ عليه بالقسم.
كان قسم شرطة مرسى علم، قد وجه لنيابة البحر الأحمر الكلية خطابا للاستعلام بشأن جواز سفر السائح الإيطالى المتهم بقتل المهندس المصرى بمرسى علم، فيما كان رد النيابة الكلية بالبحر الأحمر «يسلم جواز السفر لمالكه بالإيصال الرسمى المتبع».
المشهد الأخير
وتعتبر تلك الموافقة المشهد الأخير قبل سفر السائح الإيطالي الذي تم إخلاء سبيله قبل أيام بكفالة مالية قدرها 100 ألف جنيه، رغم ثبوت تهمة قتله المهندس المصري طارق الحناوي.
وشهدت مرسى علم بداية أغسطس الماضى قيام السائح الإيطالي بالتعدى بالضرب على المهندس المصري، بعد أن أخبره خفير القرية السياحية التى يعمل بها الحناوي تليفونيا أن سائحا إيطاليا وطفلتيه يرفضون مغادرة المارينا الخشبية لنزول البحر وحدثت مشادة تليفونية بين المهندس والسائح وعقب انتقاله للمارينا قام السائح بالتعدى عليه بالضرب على وجهه وصدره وتركه ينزف إلى أن مات.
وفقا لتصريحات هدير الحناوي، ابنة المهندس القتيل، التي كانت قد ناشدت النائب العام تكليف نيابة البحر الأحمر بالاستئناف على قرار قاضي المعارضات بمحكمة الغردقة الخاص بإخلاء سبيل المتهم الإيطالي.
نجلة الضحية باكية: شكرا لمصر
وقالت «هدير الحناوي»، نجلة المهندس «طارق الحناوي» إن «قاتل والدها حصل على إخلاء سبيل دون أسباب، وتم حجز تذكرة طيران لتسفيره إلى روما صباح الأحد الماضي».
وأضافت في مقطع مصور بثته عبر صفحتها على موقع «فيسبوك»، إنها شاهدت جثة والدها بعد التشريح، وفي ثلاجة الموتى، وتألمت كثيرا، لكن رجال النيابة قالوا لها إن «حقها لن يضيع، وأن السياسة لن تتدخل في القضية»، على حد قولهم.
وتابعت: «غالبا سافر في طائرة خاصة، رجع لبيته وأولاده، هيشوفهم وهم بيكبروا، بس أنا والدي مش هشوفه تاني».
وعلقت نجلة «الحناوي» على تلك التطورات وهي تبكي، قائلة: «الحكومة عملت ما يرضي ضميرها، شكرا جدا لبلدي اللي حافظت على حق والدي، شكرا لبلدي اللي حسستني أني مصرية، شكرا للسيسي، شكرا لأنك لعبت باسم والدي»، في إشارة إلى ما يتم تداوله عن مقايضة قاتل «الحناوي» بقضية طالب الدكتوراة الإيطالي «جوليو ريجيني».
زوجة الضحية: كان محجوز له قبل الجلسة
و قالت فاتن محمد، زوجة المهندس القتيل المصري على يد السائح الإيطالي، دي لوناردس إيفان باسكال، إن قرار إخلاء سبيل السائح نظير كفالة 100 ألف جنيه، فاجأ الجميع، مستكملةً: «القرار صدر دون إبداء أسباب من جهة النيابة العامة».
أضافت، خلال مداخلة لبرنامج «90 دقيقة»، عبر فضائية «المحور»، أن «السائح الإيطالي غادر مصر فور إخلاء سبيله، وكان محجوز له قبل جلسة المحاكمة، على متن طائرة في رحلة غير عادية، والكلام ده وصلني من داخل مطار الغردقة».
تابع: «السائح جه اتفسح وقتل زوجي، ومِشي لبلده في سلام، حتى تقرير الطبيب الشرعي لم يُضم لأوراق القضية حتى الآن».
واصلت باكيةً: «والله العظيم ما بشكك في بلديي ولا قضاء بلدي، أنا واحدة بحب مصر، بس حقيقي إحنا في ظلم فوق الوصف، إحنا متبهدلين.. الراجل يطلع ليه؟ أجيبه منين أخد حقنا منه؟». وخاطبت عبد الفتاح السيسي، «أنا بوجه رسالتي ليك، مليش حد تاني، أنا خبطت كل الأبواب ومعرفتش أوصل لحد.. أرجوك حرام حق جوزي وبنتي يضيع».
الفرق بين روجيني والمواطن المصري
وقارن نشطاء بين تعامل الحكومة المصرية مع مقتل المصري على يد سائح إيطالي، ورد الفعل والتصعيد الإيطالي بعد مقتل الطالب روجيني في القاهرة، وسحب السفير الإيطالي، وقطع العلاقات مع مصر.
وكان «جوليو ريجيني»، 28 عامًا، في القاهرة منذ سبتمبر 2015 لأغراض بحثية، وعثر عليه مقتولا بأحد الطرق غرب المدينة في فبراير 2016 وعلى جثته آثار تعذيب.
وتتهم وسائل إعلام إيطالية الأمن المصري بقتل «ريجيني» وتعذيبه، وهو الأمر الذي تنفيه السلطات المصرية، وتخلي مسؤوليتها منه.
وكانت الخارجية الإيطالية صرحت بأنها تتابع قضية مواطنها الذي جرى القبض عليه في مصر؛ لاتهامه بقتل مواطن مصري يدعى «طارق أحمد عبدالحميد»، مدير الفندق الذي كان يقضي فيه السائح الإيطالي عطلته بمدينة مرسى علم على ساحل البحر الأحمر، بعدما رفض الأخير السماح للسائح بالسباحة في البحر بعد المواقيت المحددة مساء.
وفي بيان مقتضب، أفادت الخارجية بأن سفارتها في القاهرة تتابع بالتنسيق مع الوزارة، وبالتواصل الوثيق مع السلطات المحلية، قضية المواطن «ليوناردو إيفان باسكال» المعتقل في مصر على خلفية وفاة أحد المواطنين المصريين.
وكان قاضي المعارضات بمحكمة الغردقة، شرقي البلاد، قرر إخلاء سبيل المتهم الإيطالي في جلسة الأحد الماضي، بكفالة 100 ألف جنيه على ذمة التحقيقات.
دماء مصرية لتسوية ملف ريجيني
وفي مارس 2016 أعلنت الداخلية المصرية قتل تشكيل عصابي مكون من خمسة أفراد قالت إنها اكتشفت حيازته جواز سفر ومتعلقات الطالب الإيطالي المقتول جوليو ريجيني ، ثم أعلنت بعدها بيوم أن المجموعة التي تم قتلها ليس لها علاقة بمقتل ذلك الطالب.
ونفت النيابة العامة المصرية تورُّط التشكيل العصابي الذي تم تصفيته يوم 25 مارس 2016 في حادثة مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني، وذلك بعد ساعات من إعلان وزارة الداخلية المصرية تصفية 5 أفراد من أفراد تلك العصابة.
تحقيقات نيابة القاهرة الجديدة في مصر قالت إن أحد المجني عليهم من قبل هذا التشكيل كان مواطناً إيطالي الجنسية، ولكنه لم يكن جوليو ريجيني، وقالت إن المتهمين استولوا منه على 10 آلاف دولار في وقت سابق أثناء ممارستهم عمليات النصب، وذلك حسب جريدة “الشروق” المصرية.
وظهرت عدة ثغرات في رواية الشرطة تشكك في مصداقيتها. لماذا احتفظت العصابة بمتعلقات ريجيني الشخصية بينما لم تحتفظ بمتعلقات الشخص الذي وُجد مقتولاً في السيارة التي داهمتها الشرطة؟
كما أن تصريحات الشرطة أكدت أن نطاق عمل هذه العصابة هو منطقة شرق القاهرة، لكن كل الشواهد تؤكد أن ريجيني اختفى بالقرب من منزله بمنطقة وسط البلد في قلب القاهرة.
والسؤال المهم هنا هو: لماذا قامت العصابة بقتله من الأساس؟ العصابة سرقت الكثير من الأجانب طبقاً لرواية الشرطة لكنها لم تقم بقتل أيٍّ منهم، فلماذا ريجيني تحديداً؟