علاقة طردية حكمت نظام عبدالفتاح السيسي وأذرعه، ومع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية تتزايد مخاوف النظام من المفاجآت؛ لذلك لجأت المخابرات إلى عقد لقاءات مع صحفيين وكتاب وشخصيات عامة لاستطلاع آرائهم بشأن قضايا مثارة على الساحة.
واستدعى اللواء خالد فوزي، رئيس جهاز المخابرات، صحفين وإعلاميين إلى مقر الجهاز بمنطقة كوبري القبة في القاهرة، وتحدث معهم عن أهمية دور وسائل الإعلام في ظل «التهديدات» التي تواجهها البلاد؛ أخطرها قضية «الإرهاب»، بحسب قوله.
وبحسب مصادر حضرت اللقاء، طلب رئيس المخابرات من الحضور مقترحات لتطوير الإعلام، وكان من بين الحضور ألبرت شفيق، الرئيس الحالي لشبكة «تلفزيون النهار»، المملوكة لرجل الأعمال أحمد أبو هشيمة وتشرف عليها المخابرات العامة، والإعلامي علاء بسيوني والكاتب الصحفي محمد فتحي.
وسيطر جهاز المخابرات في مصر على معظم وسائل الإعلام الكبرى، من صحف ومواقع إلكترونية وإذاعات ومحطات تلفزيونية؛ كانت آخرها شراء شركة «فالكون»، التابعة للمخابرات، مجموعة قنوات «الحياة» التي كان يمتلكها رجل الأعمال الوفدي السيد البدوي.
السيسي والشارع
وأكدت المصادر لـ«العربي الجديد» أنّ السمة الغالبة على لقاء خالد فوزي بهم كانت استطلاع رأيهم بشأن مسألة إجراء الانتخابات، ومدى رضا الشارع عن أداء السيسي، ولكن بطريقة غير مباشرة؛ «وكأنها محاولة لتقدير الموقف وقياس الأفكار والأجواء العامة»، بحسب تعبير المصادر.
وقالت المصادر إنّ الحضور استشعروا أنّ رئيس المخابرات على يقين من أنّ هناك قطاعًا كبيرًا من المجتمع غير راضٍ عن أداء السيسي وأجهزته، وما زال الجهاز يدرس أكثر من سيناريو للانتخابات المقبلة؛ خصوصًا بعد تراجع سيناريو تأجيلها وتعديل الدستور من أجل مد فترة الرئاسة إلى ست أو سبع سنوات، ليستفيد منها عبدالفتاح السيسي.
اقتحام المجالات
واقتحمت المخابرات العامة في مصر مجالات بداية من استيراد اللحوم والسلع الغذائية وبيعها للمواطنين، مرورًا بإنشاء شركات للأمن والمقاولات، ووصولًا إلى الاستحواذ على كيانات إعلامية في داخل مصر. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل امتد نشاط المخابرات العامة إلى مجال عمل الخارجية المصرية، ويشرف الجهاز الأمني على قطاعات بالوزراة إشرافًا كاملًا.
وفي هذا العام، تعاقدت المخابرات مع شركة ضغط أميركية كبرى لـ«تحسين صورة مصر في الخارج»، كما أشرفت المخابرات على تشكيل مجلس النواب في مصر برئاسة علي عبدالعال، واختارت جميع أعضاء ائتلاف الأغلبية «دعم مصر»؛ بإشراف من نجل السيسي بنفسه، وهو ما كشفه الناشط السياسي عضو حملة السيسي السابق حازم عبدالعظيم، وأوضح تفاصيل هذه الخطة عندما اعترف بوقوف جهاز المخابرات العامة وراء إنشاء قائمة «دعم مصر» الانتخابية، وسرد وقائع قال فيها إن الإعلام يدار من طرف المخابرات.