علقت صحيفة «الجارديان» البريطانية في افتتاحيتها على التطورات في السعودية، من اعتقال شيوخ وناشطين، ومنع صحافي من الكتابة، قائلة إنها تهدد رؤية ولي العهد لنقل المملكة إلى القرن الحادي والعشرين.
وتقول الافتتاحية، التي ترجمتها «عربي21»، إن «صعود الأمير محمد بن سلمان إلى ولاية العرش في يونيو، كان بمثابة امتحان روشاخ (نسبة للعالم النفسي السويسري هرمان روشاخ حول الشخصية والذكاء) بالنسبة لمراقبي مملكة الصحراء، الذين تساءلوا عن صعوده، وعما إذا كان الأمير مصلحا مستعدا لجر نظام بلاده القمعي، الذي يكتب سندات القبض ليسترضي بها المواطنين، إلى القرن الحادي والعشرين، أم إنه أمير لا يملك الخبرة يمكن أن يزعزع استقرار المنطقة».
وتشير الصحيفة إلى أن«الأمير البالغ من العمر 31 عاما، جمع بين يديه، بلا شك، سلطات واسعة، ويسيطر على المشهد الدبلوماسي والاقتصادي والداخلي السعودي، وولي العهد المعروف باسم (أم بي أس) هو مهندس المستنقع الدموي في اليمن، والمتشدد في الأزمة الخليجية مع الجارة قطر، وصحة والده الملك سلمان (81 عاما) ليست جيدة، فهو يمشي معتمدا على عكاز، ويفقد التركيز في أثناء اللقاءات، ومن خلال تعيين ابنه السابع وليا للعهد، فإن الملك أظهر استعدادا حاسما للتحول عن الماضي».
وتجد الافتتاحية أنه «إذا كانت الأشهر الأولى لولاية ابن سلمان العرش دليلا واقعيا، فإن المستقبل لا يبشر بخير، فانقلاب القصر الذي سمح لابن سلمان بالوصول إلى السلطة لم يكن دمويا، وفي لعبة العرش التي شهدها الصيف رأيناه وهو يهمش أعمامه ومنافسيه الأقوياء، في الوقت الذي وضع فيه بعضهم تحت الإقامة الجبرية، ويمكن للمراقب الحصول على رؤية عما يجري من خلافات داخل البلاط الملكي من التقارير التي زعمت أن الأمير الذي كان منافسا رئيسيا لابن سلمان كان يعاني من مشكلة مخدرات».
وتلفت الصحيفة إلى أن «”السلطات السعودية شنت في الأسبوع الماضي حملة ضد المعارضين، واستهدفت مفكرين إسلاميين ونقادا ومنافسين سياسيين، وتم اعتقال داعيتين معروفين؛ لأنهما لم يقدما الدعم الكافي للحملة ضد قطر، ولا يمثل أي من الداعيتين مواقف محافظة جدا، بل اعتبر أحدهما المثلية إثما، لكنه قال إن العقوبة ليست في الدنيا، وكلاهما مشهوران بين ملايين السعوديين المتابعين لهما على (تويتر)».
وتفيد الصحيفة بأنه «تم منع صحافي من كتابة عموده في صحيفة سعودية، فيما حكم على ناشطين في مجال حقوق الإنسان بأحكام غريبة؛ نظرا لحملات سلمية قاموا بها، ومهما كانت الصورة العامة لـ(أم بي أس) فإن عدم التسامح مع المعارضة هو نوع من البارانويا».
وترى الافتتاحية أن «السعودية بحاجة ماسة لمناقشة الطريقة التي يجب أن يتقدم فيها المجتمع السعودي للأمام، حيث كانت المملكة (مهد الجهادية)، ولهذا فإن استقرارها يعد أمرا يهم العالم، ومن ناحية الوضع المحلي فإن السعودية تعيش حالة من الفوضى، وتعد من أكبر مصدري ومنتجي النفط في العالم، باحتياطات تصل إلى 260 مليار برميل، إلا أنه المصدر الوحيد للدخل الحكومي، وانخفاض سعر النفط عن أسعاره المرتفعة عام 2014، اضطرها لاستخدام 200 مليار دولار من الاحتياطي لتغطية العجز في الميزانية، وردا على هذا الوضع بدأ الأمير برنامجا يشبه البرنامج الذي بدأته مارغريت تاتشر لخصخصة القطاع العام، لكن الخطط التي اقترحها تهدد العقد الاجتماعي بين العائلة المالكة والمواطنين، ومعظمهم ممن هم تحت سن الـ35 عاما».
وتلفت الصحيفة إلى أن «السعودية أجبرت للدفاع عن نفسها بسبب عجزها، فالحرب في اليمن كانت باهظة ودفع ثمنها المدنيون، فيما كان حصار قطر يستهدف هوسا يستنزف الجهود، ويركز على الحد من تأثير إيران في الشرق الأوسط وسحق الإسلام السياسي، ولم يحقق ولي العهد نجاحا في أي منهما، بل على العكس كانا محرجين له».
وتبين الافتتاحية أن «الرياض تحاول اليوم التقرب للقيادة العراقية، خاصة ذات العلاقة الوثيقة بإيران، وانسحبت من سوريا تاركة مستقبلها في يد موسكو وأنقرة وطهران، وتواجه السعودية اليوم خيارا صعبا في أفغانستان بين حليفتها باكستان وحليفها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي يبني ولي العهد نموذجه القاصر».
وتختم الجارديان افتتاحيتها بالقول: «لدى ولي العهد رؤية، إلا أن تهوره في اتخاذ القرارات يهدد بتحويلها إلى سراب».
المصدر: عربي21