شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«الجارديان»: «عاكف» رجل ناضل ضد الاستبداد.. وجعل الإخوان قوة رئيسة في مصر

محمد مهدي عاكف - أرشيفية

قالت صحيفة «الجارديان» إنّ «مهدي عاكف»، الذي توفي في سن 89 عامًا بعد إصابته بالسرطان، بذل كثيرًا؛ ما جعل جماعة الإخوان المسلمين قوة سياسية كبرى ورئيسة، خاصة في مصر، وكان مرشدًا لها لمدة ست سنوات؛ بل كان أول مرشد يتنحى في نهاية مدته بدلًا من الاستمرار حتى وفاته، وغادر منصبه في يناير 2010.

وأضافت أنه في نهاية ذلك العام بدأت موجة التغيير في الشرق الأوسط، التي عرفت باسم «ثورات الربيع العربي»، وبعد إسقاط مبارك؛ حكم محمد مرسي عامًا واحدًا، وبعد ذلك قضى «عاكف» سنواته الأربع الأخيرة في السجن إلى أن وافته المنية.

وتقول الجارديان، وفقًا لما ترجمت «شبكة رصد»، إنّ عاكف كان مشهودًا له كزعيم للحركة الإسلامية في سن الـ75، في تلك المرحلة التي تصاعد العداء بين شقين في جماعة الإخوان المسلمين، بين الحرس القديم والإصلاحيين الأصغر سنًا الذين شعروا بالاستبعاد؛ لكنّ عاكف أظهر الثبات والكاريزما والفطنة السياسية غير المتوقعة وسط ذلك، واتّبع التقليد التدريجي لجماعة الإخوان المسلمين في التنقّل؛ وأصبحت الجماعة أشبه بالمؤسسة، وفي مايو 2005 ندد عاكف بالنظام المصري ووصفه بالفاشل والاستبدادي.

مواجهته لأميركا و«إسرائيل»

وأضافت الصحيفة: «استطاع عاكف بكل إخلاص توجيه الغضب الشعبي ناحية السياسة الأميركية في العراق ومعاملة إسرائيل للفلسطينيين، وعلى الرغم من التزامهم بالشريعة الإسلامية؛ انضم أعضاء من جماعة الإخوان إلى حركة علمانية إلى حد كبير: كفاية، التي نظّمت احتجاجات في الشوارع للمطالبة بالحرية، وفي الانتخابات البرلمانية، التي تلتها في ذلك العام، ازداد تمثيل جماعة الإخوان في البرلمان إلى 88 مقعدًا من أصل 454».

وقالت إنّه في عام 2004، شرعت الولايات المتحدة في مبادرة «الشرق الأوسط الكبير»، التي تهدف إلى خلق معارضة علمانية وليبرالية وليست إسلامية، وإحداث إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية؛ وفي مواجهة الواقع وتنفيذ للمبادرة بدأ المسؤولون الأميركيون محاصرة أعضاء برلمان الإخوان بعد انتخابات عام 2005، لكنّ «عاكف» لم يجعل الأمر سهلًا لهم؛ ومن أشهر تصريحاته: «إن الديمقراطية الغربية حملت على كل من يرى غير رؤية إسرائيل فيما يخص أسطورة المحرقة».

وسبق له أن وصف «إسرائيل» بـ«السرطان والكيان الشرير المزروع في الأراضي المقدسة من الأوروبيين»، وأشاد بمن يقاتلون أميركا في العراق، وقال عنهم: «مقاتلون من أجل الحرية»، وأضافت الصحيفة أنه شدد على أن الإسلام «يُكرم المسيحيين واليهود»، وطمأن الأقباط والمسلميين بأنه لن تكون هناك دولة شريعة في مصر إلا بموافقة شعبية.

قيادة داخلية

وفيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والخارجية والدفاع وغيره، استطاع توفير للإخوان منصات لقيادة حملات ضد وحشية الشرطة والفساد والتمييز.

وفي عام 2011، بعد الإطاحة بمبارك، في احتجاجات خططت لها جماعات أخرى غير الإخوان، ساندتها الجماعة واستطاع حزب الحرية والعدالة أن يحصل على نصف المقاعد تقريبًا في الانتخابات البرلمانية عام 2012، واستطاع مرشحها «محمد مرسي» الفوز في الانتخابات الرئاسية؛ لكن في العام التالي أعلن عبدالفتاح السيسي انقلابًا بعد نزول المواطنين إلى الشوارع، واستطاع الاستيلاء على الحكم.

وأضافت الصحيفة: «سرعان ما أُعلنت جماعة الإخوان إرهابية، وكان عاكف واحدًا من مئات قادتها وأعضائها الذين اعتقلوا، ومنهم مرسي أيضًا، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة لدوره المزعوم في مقتل 12 متظاهرًا حاولوا مهاجمة مقر الإخوان في القاهرة، ثم ألغي الحكم في الاستئناف، وفي وقت وفاته كان عاكف يواجه إعادة المحاكمة»، وأضافت أيضًا: «بينما لم يواجه أيٌّ من قوات الأمن، التي قتلت أكثر من 600 متظاهر من أنصار الإخوان في 14 أغسطس، أيّ محاكمات».

عاكف والاحتلال وعبدالناصر

ولد «عاكف»، واحدًا من عشرة أخوة، في قرية «كفر عوض السنيطة» بمحافظة الدقهلية، في العام الذي أسس فيه حسن البنا، المدرس الذي امتلك «كاريزما»، جماعة الإخوان المسلمين؛ التي أصبحت حركة أساسية في مناهضة الاستعمار. وعلى الرغم من أنّ بريطانيا حينها لم تعد السلطة الحاكمة في مصر، ظلّ نفوذها قويًا، وكانت مصر قاعدة لقواتها أثناء الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1950، بعد عام من إطلاق الشرطة النار على البنا، تخرّج عاكف في المعهد العالي للتربية البدنية وأصبح مدرسًا في الجمباز.

كما قاد الهجمات شبه العسكرية على القوات البريطانية المتمركزة في السويس، ودرس القانون في جامعة إبراهيم باشا (عين شمس حاليًا).

على الرغم من أنّ الثورة الجمهورية في عام 1952 بدت وكأنها فجر عصر جديد للإخوان المسلمين؛ سرعان ما توترت العلاقات بعد أن تولى جمال عبدالناصر المسؤولية. وفي عام 1954 قُبض على أربعة آلاف من الإخوان بعد اتهام أحد ضباطه، وهو من أنصار الإخوان المعروفين، بمحاولة قتله. وحُكم على عاكف بالإعدام بتهمة التآمر لتهريب المعتدي المزعوم من مصر.

بعد ذلك، خُفّف الحكم إلى السجن مدى الحياة. وفي عام 1974 أمر أنور السادات، الرئيس المصري الجديد، بإطلاق سراحه؛ وبعد ذلك عُيّن في منصب مدير عام الشباب بوزارة التعمير.

لماذا نعمل بسرية؟

ولسنوات، عاش عاكف في الرياض، ونظّم معسكرات الشباب الإسلاميين التي ترعاها السعودية في الدول العربية والآسيوية والإفريقية. كما أنشأ مركزًا في «نيو جيرسي» شجّع بواسطته الإخوان هناك على على إعادة تشكيل أنفسهم كجمعية أميركية مسلمة نشاطها معلن، وقال: «لدينا دين ورسالة وأخلاق ومبادئ نريد أن نحملها للشعب كما أمرنا الله، فلماذا نعمل بسرية؟».

وفي عام 1984 توجّه عاكف إلى مركز آخر «ميونيخ» في ألمانيا، التي أصبحت نقطة محورية للمسلمين الراديكاليين. وفي محادثاته مع مسؤولي الحكومة الألمانية، ادعى أنه يتحدث عن جميع المسلمين في البلاد، ثم عاد إلى مصر عام 1987 في عهد مبارك، وانضم إلى اللجنة المركزية لجماعة الإخوان، وفي العام نفسه اُنتُخب لتمثيل شرق القاهرة في البرلمان، ثم أمضى ثلاث سنوات في السجن، في القضية المعروفة باسم «سلسبيل».

وبحلول عام 2000، لم تعد جماعة الإخوان محظورة، وأقامت تحالفات مع الأحزاب الموجودة، وناضل مرشحوها تحت شعارهم القديم الذي وضع في بداية تأسيسها عام 1928: «الله غايتنا والرسول قدوتنا والقرآن دستورنا والجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمى أمانينا».

وكان لعاكف وزوجته وفاء عزت إبراهيم عيسى أربعة أطفال، ونُقل من السجن إلى مستشفى القصر العيني في القاهرة، ورُفض طلب أسرته للإفراج عنه لإصابته بالسرطان إلى أن توفي.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023