لم تظهر الكثير من تفاصيل حرب أكتوبر التي خاضها الجيش المصري قبل 44 عامًا أمام المحتل الصهيوني، إلا عبر كتابات ومذكرات العديد من القادة والعسكريين والتي كشفت الكثير من تفاصيل تلك المعارك وما يدار في المكاتب المغلقة بهدف توثيق لحظات تاريخية في مذكرات اعتبروها إهداءا للتاريخ.
1- ماذا قال الجمسي عن أزمة ثغرة الدفرسوار
نشر المشير محمد عبد الغنى الجمسى كتابا، حمل اسم «مذكرات الجسمي» تناول فيه المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي، وأبرز خلاله الأزمة التي وقعت بين «السادات» و«الشاذلي» حول ثغرة الدفرسوار.
ويوضح الجسمي حقيقة ما حدث في 15 أكتوبر من تسلل للقوات الإسرائيلية، إلي الشاطئ الغربي للقناة في منطقة الدفرسوار، ويقول في مذكراته «في صباح 15 أكتوبر ركز العدو مجهوده الرئيسي علي الجنب الأيمن للجيش الثاني بغرض عمل اختراق للجيش والوصول ببعض قواته إلي الضفة الشرقية للقناة… واشتبكت القوات الإسرائيلية بقيادة شارون في قتال عنيف مع القوات المصرية مما جعل تقدمها بطيئاً برغم أنها تمكنت من عمل اختراق في مواقع الجنب الأيمن للجيش الثاني , وتحت ستار القتال الشديد تسللت قوة من لواء مظلات إسرائيلي ليلا إلي الشاطئ الشرقي للقناة ليلة 15/16 أكتوبر , ومنها عبرت في قوارب إلي الشاطئ الغربي للقناة في منطقة الدفرزوار , ولحقت بها سرية دبابات حوالي 7-10 دبابات.. وتمكنت قوات الجنب الأيمن للجيش الثاني من إغلاق الممر الصحراوي، وبذلك أصبحت القوات الإسرائيلية في غرب القناة معزولة».
وأشار الجسمي إلى أن « اتساع معركة الدفرسوار يرجع إلي خطأ في تقدير حجم القوات الإسرائيلية التي نجحت في التسلل إلى غرب القناة, فقد كان تقدير قائد الجيش الثاني أن 7 دبابات فقط هي التي عبرت وبالتالي سيتم القضاء عليها بسهوله , وثبت فيما بعد أن العدو كان له حوالي 30 دبابة وحوالي كتيبة من المظلات».
ولفت الجسمي في مذكراته أن التعتيم الإعلامي لما حدث في الدفرسوار، أعطى انطباعا بأن الفريق الشاذلي لم يبذل الجهد الكافي في التعامل مع الثغرة، موضحا أن « النجاح الاستراتيجي الذي حققته إسرائيل في معركة الثغرة قد خلق أوضاعا غير ملائمة للقوات الإسرائيلية، تحولت القوات الإسرائيلية غرب القناة من سلاح تضغط به علينا إلي رهينة نضغط بها علي إسرائيل ومصدر لاستنزاف لأرواح ومعدات واقتصاد إسرائيل».
2- حقائق عن الجيش الصهيوني في مذكرات خليل
تولى اللواء عبد المنعم خليل، منصب قائد المنطقة المركزية العسكرية أثناء حرب أكتوبر 1973، ثم عين قائدًا للجيش الثاني الميداني، وخصص مذكراته، التي تناول فيها حرب أكتوبر، عن حقائق جيش الاحتلال الذي دعمته الصهيونية لإقامة دولة إسرائيل.
ويقول اللواء عن قوة الجيش الإسرائيلي قبل بدء الحرب، بأنها «3 لواءات مشاة ، و3لواءات مدرعة، 5 كتائب نحال، و1400 دبابة شيرمان وباتون،..».
وعن أخطر أيام الحرب، كشف خليل، في مذكراته « كان يوم 20 اكتوبر1973م من اخطر ايام القتال فى الحرب، فكانت ضربات العدو مركزةـ فى مناطق عديدة من الجبهه وخسائر قواتنا تزداد، وارتداد لقواتنا فى مناطق راس شاطئ الفرقه 16مشاه وغرب القناة»، – في إشارة لتأثير الثغرة على سير الحرب.
وأشار خليل، في مذكراته غلى الدور العربي، في الحرب، على الرغم من الصراعات الدائرة بينهم، في حرب استمرت لمدة 22 يوما.
3- الشاذلي وتكذيب السادات
واجه الشاذلي بسبب مذكراته، أحكامًا عسكرية تصل لثلاث سنوات مع الأشغال الشاقة، حيث ووجهت له تهمة إفشاء أسرار عسكرية، كما تعرض الشاذلي خلال مذكراته لمساوئ حكم السادات، ولام كل من عملوا تحت رئاسته.
وأشار الشاذلي في مذكراته، إلى ما كتبه السادات في كتابه «البحث عن الذات» ووصف بعض ما جاء به بأنه محض كذب وافتراء، وقال «يدعي السادات في مذكراته (الصفحة 348) بأنني عدت من الجبهة منهارا يوم 19 من أكتوبر وأنني طالبت «بسحب قواتنا في شرق القناة لأن الغرب مهدد ويؤسفني بأن أقول إن هذا كذب رخيص. لقد كنا تسعة أشـخاص مات واحد ومـازال الثمانية الآخـرون أحياء وإني أتحدى إذا كان أحد من هؤلاء الأحياء يستطيع أن يشهد بصدق ما يدعيه السادات. لقد طالبت حقا بسحب جـزء من قواتنا من الشرق إلى الغرب وكانت مطالبتـي بهذه العملية يوم 20 من أكتوبر خامس محاولة جادة لإنقاذ الموقف».
ويحمل الشاذلي في مذكراته، السادات مسؤولية الثغرة قائلا «حصار الجيش الثالث جريمة لا تغتفر وإني لاتهم السادات بأنه هو المسئول الأول عنها. يقول السادات في مذكراتـه صفحة 353 إنه أمر قائد الجيش الثالث بالا يسمح للعدو بتحقيق أي تقدم نحو الجنوب وأن قائد الجيش الثالث أهمل تنفيذ ذلك. هذا كلام غريب لا يعتمد على المنطق أو العلم العسكري. كيف يستطيع قائد الجيش أن يمنع العدو من التقدم جنوبا في الوقت الذي لا يستطيع فيه أن يسحب جنديا أو أية بندقية من الشرق ولا يملك في الغرب سوى لواء مشاة مقابل فرقتين مدرعتين للعدو. لا أعتقد أن عاقلا يمكنه أن يلوم قائد الجيش الثالث على ذلك.