جاء قرار مجلس الوزراء بالموافقة على قانون تجربة الدواء السريرية على المصريين، ليمثل صدمة للأطباء، وسط تحذيرات من تحول هذا الأمر إلي تجارة.

وخلال السنوات الماضية، أصبحت مصر ثاني أهم الوجهات التي تختارها شركات الأدوية متعددة الجنسيات لإجراء «تجارب سريرية» في القارة الأفريقية، بعد دولة جنوب أفريقيا، بعيدا عن أعين الدولة.

الصحة تقنن

وقال الدكتور أحمد عماد، وزير الصحة، إن مجلس الوزراء وافق، على مشروع قانون تنظيم البحوث الطبية السريرية، موضحا أنه بمثابة نقلة تمت في تاريخ مصر والبحوث الطبية، مشيرًا إلى أنه تمت إحالته لمجلس الدولة لمراجعته.

وأضاف الوزير، خلال مؤتمر صحفي عُقد بمجلس الوزراء، أمس، أن تلك الأبحاث كانت تتم في مصر دون أي قانون ومن خلال قرارات وزارية، ضاربا مثالا بأنه عندما كانت تجرى تجارب على دواء جديد كان ذلك يتم دون قانون أو موافقة صريحة على هذا البحث.

وأوضح عماد الدين أن القرارات الوزارية التي كانت تصدر لا تسمح بمعاقبة من يُعد هذا البحث بشكل غير مقنن، مؤكدا أن القانون الجديد يقضي بأن تكون هناك دراسة طبية قبل البحث، وأن يتم البحث على 4 مراحل، الأولى على أفراد يتراوح عددهم من 20 إلى 80 فردا، والثانية من 200 إلى 300 فرد، والثالثة على مئات الأفراد.

وشدد وزير الصحة على ضرورة إجراء البحث على مرضى في بلد المنشأ التي ظهر فيها هذا الدواء، لافتا إلى أن المرحلة الثالثة والرابعة يمكن أن تكون خارج بلد المنشأ، مشيرًا إلى أن عقوبة مخالفة ذلك ستكون السجن أو غرامة 500 ألف جنيه.

ولفت الوزير إلى أن القانون يعطي فرصة لإعداد الأبحاث، مضيفا أن الدستور المصري نص في المادة رقم 23 بأن تكفل الدولة حرية البحث العلمي وتشجيع مؤسساته، مشيرًا إلى أن المادة 60 حرمت الاعتداء على جسد الإنسان أو تشويهه.

غضب الأطباء

وفي المقابل حذر أطباء من هذا القانون، وضرورة وضع معايير له، خصوصا وسط تخوفات من انتشار حالالات تجربة الدواء السريرية.

و قال رشوان شعبان، الأمين العام المساعد لنقابة الأطباء، إن وزارة الصحة تتعمد تجاهل نقابة الأطباء ومناقشتها قبل إصدار القوانين، موضحا أن القانون لم يعرض على النقابة، ولا نعرف مواده حتى الآن.

وأضاف شعبان في تصريح خاص لـ«رصد»، إن هذا القانون خطير ويحتاج إلي مناقشة مجتمعية، فيجب أن تكون هذة التجارب تحت رقابة وزارة الصحة، ويجب اتباع جميع الإجراءات التي تضمن حقوق المتطوع.

وأوضح شعبان أن هناك خطوات محددة يجب أن تتبع قبل تجربة الدواء، فيجب أن يجرب الدواء في البداية على الحيوانات، وتكون النتائج تحت إشراف وزارة الصحة، كما يجب أن يكون حجم التجربة صغير في البداية، ويجب أخذ موافقة كتابية من الحالة، ومعرفتة بخطورة الأمر، وضمان علاجة من الجهة التي تجري البحث من أي أعارض جانبية، كما يجب أن يكون هناك عقاب جنائي للمقصرين.

وحذر رشوان من أن يتحول القانون الجديد لغطاء لتقنين عمليات السمسرة، وأن يتحول المصريون إلي فئران تجارب، خاصة في ظل الحالة الاقتصادية الصعبة، وانتشار الفقر والجهل.

وقال الدكتور صبري عبدالمنعم، وكيل وزارة الصحة السابق، إن مصر تعتبر من أكبر الدول التي تشهد الكثير من حالات تجارب الدواء السريرية على حالات تجارب مقابل الأموال، حيث تعتبر مصر الثانية في أفريقيا من حيث إجرائها.

وأوضح صبري في تصريح خاص لـ«رصد»، أن أغلب هذة التجارب تتم بشكل غير قانوني عن طريق سماسرة، مقابل الأموال، فهناك سماسرة معروفين في مصر، يقومون بجلب المواطنين، وأن الأجور تختلف حسب خطورة الدواء.

وأشار صبري إلي أن المئات من المواطنين يموتون سنويا، بسبب التجارب الدوائية، وتجارب المواد الفعالة، وسط غياب تام من رقابة وزارة الصحة، والحكومة.

وأضاف وكيل وزارة الصحة السابق، أن الكثير من شركات الأدوية تستغل رخص أسعار مواطنين التجارب في مصر، وتقوم بتجربة المواد الفعالة عليهم، موضحا أن هذة تجارة لا تقل خطورة عن تجارة الأعضاء، فلا يتم مراعاة المعايير العالمية في التجارب السريرية، وتتم بعشوائية، وفي غياب رقابة الدولة.

مجلس النواب

وأعلن خالد هلالي، عضو لجنة الشئون الصحية في مجلس النواب، أن البرلمان لا يمانع في وجود تشريع يحدد ضوابط وآليات إجراء التجارب السريرية في مصر، على أن تضمن الحفاظ على صحة المرضى.

ورفض النائب في تصريح صحفي أن يكون المصريون «فئران تجارب» لشركات الأدوية.

وأشار إلى أن موافقة مجلس الوزراء، على مشروع قانون تنظيم البحوث الطبية السريرية، أمر جيد، خصوصا وأنه سينتقل بما كان يتم من تجارب بشكل غير معروف، ليكون تحت أعين القانون.

وأوضح هلالي أن غياب القانون في هذا الشأن الفترة الماضية، دفع العديد من المنظمات الدولية وغيرها بالتطاول على مصر، والادعاء بأنها ثاني دولة أفريقية يتم استخدام المرضى فيها في تجارب العلاج لشركات الأدوية العالمية، مثل تقرير نشرته صحيفة Géopolis الفرنسية.

وذكر تقرير نشرته صحيفة Géopolis الفرنسية، قبل فترة، أن شركات الأدوية العالمية تستغل عدم القدرة المالية لبعض المصريين في الحصول على العلاج، واستخدامهم «حقول تجارب» لبعض الأدوية.