قالت شبكة «الجزيرة» إنّ المواطنين السودانيين متفائلون برفع العقوبات الموقّعة عليهم من الولايات المتحدة الأميركية التي دامت عقودًا، لكن بحذر؛ فما زالت هناك أسئلة متعلقة بكيفية ترجمة القرار إلى حياة هؤلاء المواطنين اليومية، وسيأخذ وقتًا قبل أن يشعروا بآثاره، ويرى محللون أنّ هناك من لا يعرفون هذا، والجميع يتحدث عن آثاره وكأنها ستحدث فورًا.
وسلّطت الشبكة الضوء على هذه الآثار والتغييرات. وأضافت، وفقًا لما ترجمته «شبكة رصد»، أنّ العقوبات فرضت قيودًا على المعاملات المصرفية الدولية وتبادل التكنولوجيا وقطع الغيار، كما فرضت قواعد تجارية عليها عرقلت النمو؛ وبسببها أُغلقت مئات المصانع السودانية، ومن شأن قرار واشنطن أن يفتح مرة أخرى التدفقات النقدية لبعض أفقر سكان السودان.
شراكة مستقبلية
وقال مانزول عسال، المحاضر في جامعة الخرطوم، إنّ القرار يعتبر خطوة هامة في العلاقات مع الولايات المتحدة لبناء شراكة مستقبلية بين الدولتين؛ إذ يسمح بالعودة إلى المؤسسات المالية الدولية والاندماج مرة أخرى في شبكة الأعمال العالمية وتسهيل المنح والقروض. مضيفًا أن العقبات التي كانت موجودة أمام المستثمرين ستزول.
وأضاف أنّ المستثمرين في السودان واجهوا عقبات عدة بسبب هذه العقوبات؛ والآن يمكنهم المشاركة في المشاريع الاستثمارية الضخمة في السودان، وكانوا من قبل يخافون من العزلة وعجزهم عن تحويل الأموال إلى البلاد. والآن، ستتم التحويلات بسهولة كبرى من العالم أجمع وإليه. ويعتبر استئناف الرحلات الجوية الدولية إلى السودان أيضًا خطوة إلى الأمام؛ بالرغم من أن الأمر سيستغرق وقتًا قبل أن يُترجم في حياة الناس العادية.
وأعلنت واشنطن يوم الجمعة عن خطط لرفع الحظر المفروض على السودان؛ ما أنهى عزلة البلد الإفريقي الذي عانى منها على مدار عقدين في الأسواق العالمية وعرقلت اقتصاده السنوي الذي يبلغ 96 مليار دولار.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية «هيذر نويرت» إنّ 16 شهرًا من الدبلوماسية أقنعت السودان بـ«تحسين وصول المساعدات الإنسانية» إلى جميع أنحاء البلاد والمساعدة في معالجة «الصراعات الإقليمية وتهديدات الإرهاب».
آمال التغيير
واستقبلت الخرطوم هذه الخطوة بآمال في حدوث تحسّن في وضع الاقتصاد المزري، وسط معدلات بطالة مرتفعة للغاية، في بلد يعيش فيه ما يقرب من نصف سكانها البالغ عددهم 37 مليون نسمة تحت خط الفقر؛ ولكن هذه الآمال خفّفت من الحقائق السياسية في السودان.
وقال الصحفي السوداني شمايل النور إنّ من بين جميع التطورات السياسية والاقتصادية في التاريخ الحديث للسودان اكتسبت هذه المسألة الجزئية اهتمام جميع الناس تقريبًا، صغارًا وكبارًا، ريفيين وحضرًا؛ لكنهم يتوقعون التغيير بين عشية وضحاها، سواء من ناحية انخفاض الأسعار أو توفير العمالة.
وأضاف الصحفي أنّ هذه الأوضاع المزرية ستنتهي فقط مع وجود إصلاحات سياسية واقتصادية جادة؛ فمع الإصلاحات يمكن أن تكون هناك فرصة للاستفادة من قرار رفع العقوبات، وعلى الرغم من التحسن الفوري في سعر الصرف في السودان لن تتغير الأمور بين عشية وضحاها؛ ولا ينبغي لنا أن نتوقع تغييرها في ظل هذه الظروف.
تقول الشبكة إنّ السودان يصدّر ما يقرب من 3.7 مليارات دولار من السلع سنويًا، معظمها من الذهب والنفط والمنتجات الزراعية، إلى دول الخليج والصين؛ وتعرّضت هذه الصادرات إلى ضربة هائلة وخسرت الحكومة نصف إيرادتها بعد انقسام الشمال والجنوب في عام 2011، بعد حرب أهلية مريرة.
غير أنه لم تُرفع جميع العقوبات؛ فالسودان ما زال مدرجًا في قائمة الدول الراعية للإرهاب، إلى أن يُراجع إلى جانب سوريا وإيران كدول محظور عليها بيع الأسلحة أو استيرادها أو الحصول على المساعدات الأميركية.
وكان السودان من بين الدول التي فرض ترامب حظر سفر على مواطنيها إلى الولايات المتحدة؛ إلا أنها خرجت من هذه القائمة، وفرضت الولايات المتحدة قيودًا أخرى على السودان في عام 1997، بما في ذلك الحظر التجاري وتجميد الأصول؛ بسبب مخاوف «الإرهاب» وانتهاكات الحقوق. وفرضت عقوبات أخرى في عام 2006 على الفظائع المزعومة في إقليم «دارفور» السوداني.
وقبل مغادرة منصبه، خفّف الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما القيود مؤقتًا. وفي يوليو، أرجأت إدارة ترامب قرارها بشأن ما إذا كانت ستلغي العقوبات تمامًا، مع تحديد مهلة 12 أكتوبر الجاري.