أثارت أزمة انفصال إقليم كتالونيا عن إسبانيا، وفق إجراء استفتاء رفضته الحكومة في الأول من أكتوبر، ملف قضية «سبتة ومليلة» المغربيتين المحتلتين من قبل الإسبان منذ القرن الخامس عشر الميلادي،
وأمس جدد المغرب رفضه لاستقلال إقليم كتالونيا عن إسبانيا، وتمسكه بسيادة ووحدة التراب الإسباني، واعتبر مسلسل استقلال الإقليم متعارضا مع الشرعية الدولية، في حين تبنت المراكز الحقوقية الموقف الكتالوني، وطالبت بالسماح بتحييد مصيرهم، وفي الوقت ذاته إنهاء الاستعمار الإسباني لمدن المغرب.
«سبتة ومليلة»
وتقع مدينة سبتة على ساحل المملكة المغربية، وتقدر مساحته بنحو 20 كم²، عند مدخل البحر المتوسط على مضيق جبل طارق الذي تبعد عنه نحو 26 كم جنوبا.
أما مليلية تقع هي الأخرى قبالة الساحل الجنوبي لشبه الجزيرة الأيبيرية، بجانب بحر البورانو قبالة سواحل غرناطة وألمرية، تحيط بها الأراضي الريفية المغربية من كل الأطراف، يحدها من الشرق والشمال الشرقي البحر الأبيض المتوسط.
وسقطت المدينتين تحت الاحتلال الإسباني في القرن الخامس عشر الميلادي، فيما سمي بحروب الاسترداد، واستمرت محاولات استرداد حتى القرن الثامن عشر، دون نتائج، واحكمت إسبانيا قبضتها على مناطق الاستعمار .
وفي الوقت الحالي جمد الملف، بفعل الاستثمارات الإسبانية بالمغرب، وحجم المبادلات التجارية، وحجم الدين الخارجي.
مطالبات حقوقية باسترداد «سبتة ومليلة»
وعلى وقع الازمة الكتالونية، طالب نشطاء وحقوقيون، الحكومة الإسبانية برد المدن المغربية إلى أحضان المغرب، وإنهار الاستعمار لمدن «سبتة ومليلة».
وأعنلت الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان، تضامنها مع القوى السياسية الكتلانية «في مطالبها باستفتاء ديمقراطي حر ونزيه وفق المواثيق الدولية ذات الصلة والتزامات الدولة الإسبانية في مجال الحقوق المدنية والسياسية».
وفي بيانها، طالبت الرابطة، الدولة الإسبانية «بتصفية الاستعمار بكل من سبتة ومليلية وباقي المناطق المغربية والتعويض عن فترة الاستعمار».
ودعت، «المجتمع الدولي والأمم المتحدة والحكومة المغربية إلى مطالبة الدولة الإسبانية بتصفية الاستعمار، وحث الحكومة الإسبانية من أجل احترام حق الشعب الكتلاني في تقرير مصيره».
وتعتبر المدينتين إحدى آخر معاقل الاستعمار في إفريقيا، ولكنها المنطقة لم تصنفها الأمم المتحدة ضمن المناطق المحتلة والواجب تحريرها.
وفي ذات السياق، قالت الناشطة الحقوقية، خديجة الرياضي في تصريحات صحفية، إن القضيتين، «استقلال كتالونيا» و«سبتة ومليلية»، مختلفتان تماما، مؤكدة أن وضع المدينتين المغربيتين واضح، ومطالب استرجاعهما قائمة من الناحية السياسية والحقوقية وباقي النواحي.
الاهتمام المغربي بالأزمة الكتالونية
يختلف موقف المغرب سواء على مستوى الحكومة أو الشعب، بالنسبة للأزمة الكتالونية، عن باقي دول العالم، حيث تحظى باهتمام كبير، لعدة أسباب، منها القرب الجغرافي من إسبانيا، وموقفها من نزاع الصحراء.
كما أن فرض سيادة إسبانيا على مدن وجزر مغربية، ووضعها تحت الاستعمار الإسباني، مثل «سبتة ومليلة»، جعل هناك تداخل في الشؤون بين البلدين.
كما يرتبط بعض نشطاء منطقة شمال المغرب مع بعض الأحزاب الكتالانية مثل اليسار الجمهوري الكتالاني أو ائتلاف وحدة الشعب.
وعلى عكس الموقف الحكومي في المغرب من انفصال كتالونيا عن إسبانيا، تؤيد فئة من المغاربة استقلال كتالونيا، ليس من باب حق تقرير المصير وحسب، بل ينتهج الكثيرين منهم مبدأ الانتقام من اسبانيا لمواقفها الداعمة بشكل أو آخر لاستفتاء تقرير المصير في الصحراء.
وعلى صفحات التواصل الاجتماعي للنشطاء المغاربة تجد تعليقات منها «لتتجرع اسبانيا من كأس السم »، أو «لتكن اسبانيا منطقية وتسمح باستقلال كتالونيا مثلما تدافع عن استقلال الصحراء».
مصالح مع إسبانيا
تتهم الحكومة المغربية إقليم كتالونية بدعم البليسارو من أجل الانفصال، وهو ما يجعل المغرب ترفض انفصالها وتأسيس دولة مستقلة، خشية انفصال بوليساريو.
وقال الخبير في العلاقات المغربية الاسبانية، الدكتور سمير بنيس، في تصريحات صحفية، إنه ليس من مصلحة المغرب أن تحصل منطقة كاتالونيا على الاستقلال، وفي حال حصلت هذه المنطقة على الاستقلال، فإن ذلك سيشكل سابقة جديدة، ويخلط أوراق المغرب فيما يتعلق بقضية الصحراء المغربية.
وأكد بنيس «أي تدخل محتمل للمغرب في هذا الشأن، ولو بطريقة غير مباشرة سيدفع بالحكومة الإسبانية إلى رد الصاع بصاعين وتقديم دعمها لجبهة البوليساريو الانفصالية».