تشهد هذه الأيام أزمة طاحنة؛ بسبب النقص الحاد في مشتقات الوقود المختلفة وخاصة البنزين والسولار؛ حيث عادت طوابير السيارات لتصطف من جديد على محطات الوقود في منظر اعتدنا عليه، ورغم الإعلان عن التوصل إلى حلول من جانب المسئولين إلا إنه لم نلحظ انفراج للأزمة على أرض الواقع, وتزداد وتيرة الشكاوى من نقص الوقود يوما تلو الآخر، قمنا بجولة داخل محطات الوقود؛ للوقوف على حقيقة المشكلة وأبعادها المختلفة.
السوق السوداء
وفي البداية قال المهندس حامد مهران – مدير بنزينة -: لسنا سببا في المشكلة, ونتعامل مع الوزارة بالحصة, فلكل بنزينة حصة معينة تختلف عن الأخرى, والزيادة والنقصان في الأسعار ليس لنا يد فيها, فنحن يوميا نهان ونشتم عبر وسائل الإعلام.
واتهم تجار السوق السوداء بالوقوف وراء الأزمة؛ بسبب تهريب البنزين والسولار وبيعه بأسعار مبالغ فيها, وطالب بتشديد الرقابة للحد من سرقة الوقود.
ارتفاع أسعار بقية السلع
ويقول محمد سند – أحد سائقي السيارات -: يوميا نضطر للوقوف في طابور طويل عريض لمدة خمس ساعات؛ لكي نمول سياراتنا وبسعر أغلى من السعر المتعارف عليه للبيع, ولم نأخذ الكمية التي نطلبها منهم كاملة إلا إذا قمنا بدفع مبلغ للمحصل, فهذا لا يرضي الله. أين الرقابة على هؤلاء؟ ولماذا لا يتم توفير الوقود, الذي يعتمد عليه أغلب الشعب؟ فعدم وجود وقود أثر على أسعار أغلب السلع التموينية البسيطة.
الأزمة والمحطات الحكومية
محمد فوزي – سائق نقل – يرى أن الأزمة في السولار فقط وليس البنزين, وسببها طمع أصحاب محطات البنزين الخاصة؛ بسبب تخزين كميات كبيرة من السولار في تنكات لديهم, ويتم بيعه بعد تعبئته في جراكن وبأسعار تتراوح ما بين 20 و35جنيها, ويتم البيع بالاتفاق مع بعض البلطجية.
وأضاف: إن محطات شركة مصر للبترول والتعاون للبترول لهم فضل كبير في تقليل تلك الأزمة؛ لأنه كسائق نقل دائما في حالة الأزمات الخاصة بالسولار يذهب إليها لتلبية احتياجاته.
أين يذهب بترول مصر؟
من جهته يرى أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات أنور النقيب أن أزمة الوقود في مصر تكمن في جانب العرض وليس في جانب الطلب، بمعنى أن القطاع العائلي يستهلك فقط 25% من احتياجات الطاقة في مصر, وتساءل النقيب: "فأين تذهب ثروة مصر البترولية؟ ولماذا تستورد مصر من الخارج ولديها حصة الشريك الأجنبي؟، ولماذا تصدر البترول خاما ولديها معامل التكرير لإنتاج مشتقات النفط؟، ولماذا لا توضح الحكومة موقفها إزاء ما يشاع من أن وزير البترول المصري السابق سامح فهمي قد باع ثروة مصر البترولية لفترة 20 سنة قادمة؟ ولماذا الإصرار على تصدير الغاز لإسرائيل بنفس الأسعار البخسة؟!!.
مشكلة لوجيستية
وفي رد فعله على الأزمة صرح الدكتور أسامة كمال – وزير البترول – أنه لا توجد أزمة بنزين, وإنما الأزمة في السولار والبوتاجاز؛ بسبب مشكلة لوجيستية في التحويلات النقدية، مؤكدا أن هذه الأزمة ستنتهي آخر الأسبوع, وأن مصر تكمل احتياجاتها من السولار من خلال الاستيراد من أوروبا وآسيا والسعودية والكويت وقطر, ونعمل حاليا على تزويد الطاقات التخزينية للاحتياطي الإستراتيجي بحيث تصل إلى 20 يوما أو 30 يوما لضمان عدم تكرار الأزمة.