قضت محكمة النقض، اليوم الأربعاء، برفض الطعن المقدم من ضابط و5 أمناء شرطة، أدينوا سابقا بجريمة التعذيب حتى الموت للمواطن طلعت شبيب في مدينة الأقصر، وأيّدت حكم سجن الضابط 7 سنوات، وسجن أمناء الشرطة 3 سنوات، لتكون الأحكام نهائية.
كما حكمت بتأييد حكم تغريم وزير الداخلية، مجدي عبد الغفار، بصفته، بمبلغ مليون ونصف المليون جنيه مصري كتعويض باعتباره مسؤولا عن تصرفات موظفيه في جهاز الشرطة الذين تكرر اتهامهم بجرائم التعذيب.
وكانت محكمة جنايات الأقصر (أول درجة)، قد قضت بالسجن المشدد 7 سنوات ضد الضابط سمير هاني، والسجن 3 سنوات لأمناء الشرطة، بتهمة ضرب وتعذيب المواطن طلعت شبيب حتى الموت داخل قسم شرطة الأقصر، على خلفية الادعاء بضبطه بتهمة حيازة أقراص مخدرة، وإجباره على الاعتراف بحيازتها، وإلزام وزير الداخلية بالتعويض وإلزامه بدفع المصروفات.
أصل القضية
وتعود أحداث القضية إلى نوفمبر 2015، عندما ألقى الأمن القبض على شبيب، أثناء جلوسه على أحد المقاهي، ولفقت له تهمة حيازة «شريط من مخدر الترامادول»، وتم نقله إلى قسم شرطة الأقصر للتحقيق معه، وهناك تم تعذيبه حتى فارق الحياة.
وتجمهر أهالي المدينة الواقعة في أقصى جنوب مصر احتجاجًا على مقتل شبيب أمام مستشفى الأقصر الدولي، وتدخلت الأجهزة الأمنية لمنع تجمهرالمواطنين الذين هددوا بأعمال شغب ضد قسم شرطة الأقصر، وغيره من المنشآت الحكومية، وهو ما دعا الأجهزة الأمنية إلى نقل محاكمة المتهمين إلى محكمة جنايات قنا.
جرائم وانتهاكات
ومنذ 3 يوليو2013، تحولت السجون ومقار الاحتجاز في مصر، إلى ما تشبه المقابر الجماعية بالنظر إلى المعاملة غير الآدمية والتعذيب البدني والنفسي غير المسبوقين، واللذين يمارسان بحق السجناء.
ولم تفلح التقارير الحقوقية المحلية والدولية، ولا الإدانات، في وقف هذه الانتهاكات ولا حتى التخفيف منها، فقد استمر النظام في انتهاج سياسة ممنهجة للتعذيب أودت بحياة مئات تحت التعذيب أو بسبب الظروف المعيشية البالغة السوء أو الإهمال الطبي ومنع تلقي العلاج.
وعادة ما ترفض الأجهزة الأمنية بمصر، اتهامات معارضين لها، بالإهمال الطبي بحق المسجونين أو ارتكاب انتهاكات بحقهم، وتدعى إنها توفر كامل الرعاية للسجناء داخل أقسام الشرطة والسجون، وأن التعامل مع جميع المحبوسين يتم وفقا لقوانين حقوق الإنسان.
وكشف تقرير لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» الشهر الماضي، عن قيام ضباط من الشرطة وعناصرها، وقطاع الأمن الوطني، في عهد عبد الفتاح السيسي، بتعذيب المعتقلين السياسيين بشكل روتيني بأساليب تشمل الضرب، الصعق بالكهرباء، وضعيات مجهدة، وأحيانا الاغتصاب.
ولفتت إلى أنه تجاهل النيابة العامة عادة شكاوى المحتجزين بشأن سوء المعاملة وتهدّدهم، أحيانا، بالتعذيب، ما يشيع بيئة من الإفلات شبه التام من العقاب، ما حدا جو ستورك، نائب المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «هيومن رايتس ووتش» إلى أن يؤكد أن «السيسي أعطى ضباط الشرطة والأمن الوطني وعناصرهما الضوء الأخضر لاستخدام التعذيب كلما أرادوا، لم يترك الإفلات من العقاب على التعذيب المنهجي أي أمل للمواطنين المصريين في تحقيق العدالة».