تتجه مصر نحو أكبر تعديلات في قانون الإجراءات الجنائية (التقاضي)، منذ صدوره عام 1950، أملاً، في مواجهة (الإرهاب) بحسم ، فيما يبدي حقوقيون تحفظات على هذه التعديلات باعتبارها «انتهاكات واسعة» في منظومة العدالة.
وتشمل التعديلات، التي ينظرها مجلس النواب، 270 مادة من إجمالي 560 مادة في قانون الإجراءات الجنائية، الذي وصفه النائب المصري، بهاء أبو شقة، بأنه الدستور الثاني للبلاد، وتتعلق تلك التعديلات بتسريع الإجراءات التي تتم في المحاكم، وهي معنية بحقوق المتهم وأطراف الدعاوى القضائية.
وسبق أن وصف عبد الفتاح السيسي، القوانين أنها «مكبلة للقضاء»، وأن «يد العدالة الناجزة مغلولة بالقوانين التي تعرقل سرعة إصدار الاحكام، ويجب تعديلها من الحكومة والبرلمان لمواجهة الإرهاب»، وذلك في سياق تعليقه على هجومين إرهابيين، وقعا نهاية ديسمبر 2016، ويونيو 2015.
ويرى متخصصون أن تلك التعديلات «مجرد هروب من الواقع المزدحم بالمظالم، ولا تعبر عن حلول عملية لقضايا تضم أعداد كبيرة من السجناء المعارضيين، الذين يتحدثون عن عدم وجود عدالة في المحاكمات او الأحكام التي تصدر بحقهم».
ولم يحدد البرلمان، الذي ينظر مشروع القانون الذي وافقت عليه الحكومة في مايو الماضي، توقيتًا للتصويت علي التعديلات، والتي تعد بدائل الحبس الاحتياطي، أبرز التعديلات لتجاوز بعضهم مدة الحبس بعامين على ذمة القضايا.
وتشكو لجنة عفو، أطلقت سراح المئات من السجناء بعفو رئاسي، من أنها تواجه عقبات قانونية، مع عدم استطاعة الرئيس قانونيا العفو عن المحبوسين احتياطياً، إذ إن العفو الرئاسي يحق لمن صدر بحقهم أحكام قضائية نهائية.
وتطرح التعديلات 4 بدائل للحبس الاحتياطي، منها الإقامة الجبرية، وتدابير أمنية احترازية، مثل التواجد في مقار الشرطة لأوقات محددة.
كما تناقش التعديلات، وضع ضوابط للمنع من السفر، والإدراج على قوائم الترقب والوصول، وهو أمر يرحب به إذا كان سيحقق الحرية، وليس التفاقاً على الحقوق وتقنين المنع، على حد قوله.
وردت السلطات بأنها ملتزمة بتطبيق القانون بشأن من منعتهم، وأبرزهم الناشط الحقوقي، محمد زراع، الذي قالت القاهرة إنه صادر بحقه أمرا قضائي بعدم مغادرته البلاد في قضية متعلقة بنشاطه الحقوقي.
على الجانب الآخر، قال الفقيه الدستوري، د. صلاح فوزي، عضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، وأحد المشاركين في وضع مشروع التعديلات، إن«من أبرز التعديلات استحداث نظام المحاكمة عن بعد (فيديو كونفرانس)، في حال صعوبة نقل المتهمين، والتأكيد على حماية الشهود، وتعويض مشروط للمحبوسين احتياطاً، لمن صدر بحقهم حكم بات بالبراءة أو عدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية».
وتابع فوزي، في حديث للأناضول، أن «التعديلات تستهدف تطوير منظومة إعلان المتهم بتحريك دعوى قضائية ضده، وربط الدعاوى برقمه القومي، واستخدام كود قضائي، واستخدام وسائل الاتصال الحديثة في إبلاغ المتهم، بدلا من اللجوء إلى شخص معلن واستلام باليد، وهو أسلوب تقليدي تسبب في بطء التقاضي، فضلا عن إمكانية تشابه الأسماء وتوريط أشخاص أبرياء».
وأرجع الفقيه الدستوري أسباب التعديلات المقترحة إلى أن «قانون الإجراءات الجنائية وضع عام 1950، ونحن اليوم في 2017، وحدثت متغيرات كثيرة، منها الزيادة السكانية (104 ملايين نسمة حالياً) والتطور التكنولوجي، والرغبة في الالتزام بالدستور، لتلافي أي بطء في التقاضي أو معوقات.
بينما قال النائب المصري، مصطفى بكرى، في تصريحات يوم 22 سبتمبر الماضي، إن التعديلات ستساهم فى الإسراع وتنفيذ كافة إجراءات التقاضي، بما فيها قضايا المتهمين بالإرهاب، وهو ما يخدم تحقيق العدالة الناجزة وردع الإرهاب.
المصدر: الأناضول