قالت صحيفة «نيوزويك»، إنّ القوّتين السورية والعراقية تركتا مهربًا لتنظيم الدولة بعد هزيمته في الدولتين، والمعقل الأخير الذي تركته القوتان هو مدينة «بوكمال»، على حدودهما داخل الأراضي السورية؛ ما سبّب توتّرًا بين قوتي سوريا والعراق؛ إذ دفعتهم القوات العراقية داخل الأراضي السورية بعد السيطرة على آخر معاقلهم «مدينة القائم».
وأضافت الصحبفة، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ زخم وجود تنظيم الدولة سارع في الانتهاء منذ أسابيع، بعد فقدانه آخر نقطتين رئيستين له في سوريا والعراق، وأعلن النظام السوري يوم الجمعة أنّ قواته استعادت بشكل كامل محافظة دير الزور الشرقية، آخر معاقل التنظيم، بمساعدة روسيا وإيران ومختلف المليشيات الموالية لهم؛ وكسروا حصارًا استمر أكثر من ثلاثة أعوام على المدينة.
وبعد استعادة دير الزور، آخر موقع معروف لقيادة التنظيم، ومدينة ميادين التابعة لها؛ أصبح التنظيم محاصرًا الآن في بلدة البوكمال الحدودية في موقع بين القوات السورية والعراقية.
وقالت وزارة الدفاع السورية في بيان إنّ تحرير محافظة دير الزور المرحلة النهائية في القضاء النهائي على التنظيم في سوريا؛ خاصة أنها كانت مقر قيادة التنظيم، مضيفة أنّه مع فقدانها فقد التنظيم قدرته تمامًا على قيادة الأنشطة الإرهابية لمجموعاته التي أصبحت معزولة ومطوقة في الريف الشرقي للمدينة.
ولم تطرد قوات بشار والمجموعات القتالية التي تدعمه وحدهما التنظيم؛ إذ دعمتهما الولايات المتحدة، التي قادت تحالفًا من الكردستان العرب والأقليات العرقية، وتمكنوا من السيطرة على الرقة شمال سوريا الشهر الماضي، وهي معقل رئيس أيضًا للتنظيم بجانب دير الزور.
وانتقدت الولايات المتحدة دعم روسيا لبشار الأسد. لكنّ الأكراد، حلفاء البنتاجون، دخلوا في محادثات مع الحكومة السورية لمبادلة حقول النفط التي يسيطر عليها الأكراد في دير الزور، مقابل أراضٍ في شمال سوريا؛ بهدف تحقيق الحلم بإقامة منطقة حكم ذاتي في الشمال، وعارضت الحكومة السورية والقيادة السياسية مطالب الأكراد ووصفتهم بالمعارضين، بجانب الجهاديين الذين يحاولون الإطاحة ببشار؛ وهو ما خلق اختلافًا في المشهد السياسي بعد الحرب في سوريا.
وبينما ادّعت القوات السورية انتصارها الأخير في دير الزور، اندلعت معركة أخرى على الحدود؛ فسرعان ما كسرت القوات العسكرية العراقية المدعومة من إيران، ومعظمها من الحشد الشعبي الشيعي، خطوط دفاع التنظيم ودفعته إلى الحدود السورية واستعادت في نهاية المطاف معبر القائم يوم الجمعة.
وأرسلت القوات العراقية مفاوضًا إلى منطقة العبيدي في «القائم»؛ لإبلاغ مقاتلي التنظيم بأنّ «عليهم إلقاء أسلحتهم واحترام حقوق المواطنين، واختيارهم الوحيد الموت أو الاستسلام على أيديهم»، وفق بيان صادر عن وزارة الدفاع.
ويعدّ فوز العراق في القائم الحدث الأكثر أهمية؛ إذ خسر التنظيم على إثره مدينة الموصل الشمالية، كبرى مدينة تقع تحت سيطرته، بعد ما وصفه الجيش الأميركي بأنه الاعتداء الحضري الأكثر كثافة منذ الحرب العالمية الثانية. فقد التنظيم المدينة في يوليو الماضي لصالح التحالف المشكّل من الجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي والمليشيات الكردية بقيادة الولايات المتحدة؛ غير أنّ هذا التحالف انهار إلى حد كبير، بعدما عارضت العراق وإيران والولايات المتحدة الاستفتاء الكردى المثير للجدل، الهادف إلى الاستقلال وإقامة الحكم الذتي للأكراد؛ ما أجبر الرئيس الكردي العراقي «مسعود بارزاني» على الاستقالة.
تقع مدينة القائم، التي تعتبر من أهم النقاط، على طول الحدود التي تبلغ 372 ميلًا بين سوريا والعراق، على بعد أقل من 12 ميلًا من مدينة البوكمال التي يحتلها تنظيم الدولة في سوريا.
ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن مصادر في التحالف الأميركي قولها إنّ القوات السورية كانت على مسافة مماثلة، على بعد قرابة 18 ميلًا من البوكمال؛ وبدأت مسيرتها نحو آخر مدينة يسيطر عليها التنظيم.
وقالت وزارة الدفاع الروسية إنّ روسيا ساعدت حلفاءها السوريين في قصف أهداف للتنظيم بالقرب من البوكمال بصواريخ كروزر أسرع من الصوت، عبر غواصة بحرية بجانب الغارات الجوية التي قادتها الطائرات الحربية، كما قاد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة غارات جوية على مواقع التنظيم بالقرب من البوكمال ودير الزور وفي أراضي التنظيم في العراق.
وبلغ التنظيم ذروته في عام 2014، وهو منبثق من تنظيم القاعدة في العراق؛ بعد الإطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين عام 2003 واحتلال العراق، واستفاد التنظيم من الاضطرابات التي بدأت في سوريا عام 2011، بعدما بدأت في الدول المجاورة؛ ولا زال التنظيم محتفظًا بأراضٍ في شمال إفريقيا وأفغانستان والفلبين.