شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

السعودية تعيد ترتيب أجندتها في اليمن.. أداتها الجديدة «المخلوع صالح»

الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان - أرشيفية

اتّخذت الأزمة اليمنية مؤخرًا منحى مغايرًا، وهو ما بدى جليًا في سياسة التحالف العربي الذي تقوده السعودية وتشاركها فيه دول على رأسها الإمارات؛ بدأت بوادرها في التمهيد للتحالف بين المملكة والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وفق محللين.

وفي تطوّر ربما يعكس اتفاقًا جديدًا وخفيًا بين السعودية وصالح، الذي كان حتى الأمس القريب خصمًا لها وحليفًا للحوثيين؛ بدى التغيّر واضحًا في خطاب المؤسسات الإعلامية السعودية والإماراتية تجاهه وحزبه؛ بعدما دعا اليمنيين اليوم السبت إلى التحرّك لـ«الدفاع عن أنفسهم» ضد جماعة الحوثيين، في ظل الحرب المشتعلة بين الطرفين في صنعاء وأسفرت عن سيطرة القوات الموالية لـ«صالح» على «معسكر 48»، القاعدة الرئيسة لقوات الحرس الجمهوري في صنعاء.

وبدأت قنوات «العربية» و«الحدث» و«سكاي نيوز» و«الإخبارية» الحديث عن لقب جديد لصالح، باعتباره «الرئيس اليمني السابق» وحزبه «المؤتمر الشعبي»؛ بعدما اعتادت تسميته «الرئيس اليمني المخلوع» و«حزب صالح» منذ عام 2014.

كما اعتادت هذه المنصات سابقًا مهاجمة صالح واتهامه بالفساد وارتباطه بتنظيم «القاعدة»، واستخدمت تعبير «شريكي الانقلاب» عند الحديث عنه و«الحوثيين».

إعلاميون على النهج

وسار إعلاميون سعوديون على النهج نفسه على مواقع التواصل الاجتماعي؛ من بينهم ناشر صحيفة «إيلاف» الإلكترونية السعودية «عثمان العمير»، الذي غرّد: «في اليمن: آخر الدواء هو علي عبدالله صالح!».

واعتبر الكاتب السعودي في صحيفة «عكاظ» علي التواتي القرشي أنّ «التحالف العربي عليه أن يتحالف مع حزب المؤتمر اليمني والقبائل الشمالية في هذه المرحلة، وأن يدعمهم بالمكون اليمني من قوات التحالف، لتعزيز نجاحهم وتمكينهم من فرض السيطرة على صنعاء وكافة المحافظات الشمالية بما فيها صعدة… يجب ألا يعلو أي صوت على صوت معركة القضاء على الحوثي».

وقال الشاعر «صعب الصديد» إنّ «مشكلة الإعلام في (بعض) أنواعه من مسموع إلى مرئي إلى مقروء أنه بطيء جدا جدا في استثمار الحدث وتجييره لمصلحة التحالف العربي في اليمن، ما زال هناك إعلام يستخدم كلمة (مخلوع)، هذا ليس وقت الاستعداء يا إعلام يا مغردين يا كتاب استثمروا هذا الانشقاق وادعموا (صالح ضد الحوثي)».

تغيّر في موقف التحالف

هذا التبدّل السريع في نبرة الإعلام السعودي ترافق مع تغيّر في الموقف الرسمي أيضًا، واتبع نهج بيان قوات التحالف في اليمن الصادر اليوم السبت ووصف تحرك صالح بـ«الانتفاضة المباركة» على يد «الشرفاء من حزب المؤتمر الشعبي».

وأضاف البيان أنّ التحالف «يثق بإرادة قيادات وأبناء حزب المؤتمر الشعبي، التابع للرئيس السابق علي عبدالله صالح، بالعودة إلى المحيط العربي».

وأعلن الرئيس اليمني المخلوع، الذي أصبحت تصفه وسائل الإعلام هذه بـ«الرئيس السابق»، ضمنًا إلغاء تحالفه مع «الحوثيين»؛ بعرضه على السعودية فتح صفحة جديدة «إن أوقفوا عدوانهم»، ما دفع التحالف ا الذي تقوده السعودية إلى الترحيب بما وصفها بـ«الانتفاضة». بينما دعا زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي إلى «التعقّل»، في ظل المواجهات المستمرة بين الطرفين في صنعاء.

ودعا «صالح»، في كلمة بثتها قناة «اليمن اليوم» التابعة له، من وصفهم بـ«الأشقاء» و«دول الجوار»، إشارة إلى السعودية، إلى أن «يوقفوا عدوانهم ويرفعوا الحصار»، والسماح بوصول المساعدات؛ وفي مقابل ذلك «سنفتح معهم صفحة جديدة بحكم الجوار». وأضاف: «سنتعامل معهم بشكل إيجابي».

رد الحوثيين

في المقابل، اتّهم عبدالملك الحوثي، في خطاب بصنعاء، من وصفها «المليشيات» بأنها «تنشر الفتنة»، وبعد أن وبّخ حزب المؤتمر بعبارات عدة ناشد صالح بالاسم «بأن يكون أعقل وأن يكون أنضج وأرشد من تلك المليشيات العابثة المتهورة وأن يتفاعل إيجابيًا مع كل الجهود الرامية إلى وقف هذا التهور وهذه الفتن».

في السياق نفسه، اعتبر المتحدث باسم الجماعة «محمد عبدالسلام»، في بيان نقلته قناة «المسيرة» التابعة للجماعة، أنّ «ما جاء في كلام صالح انقلاب على التحالف والشراكة»، وتماهيًا مع توجه ما وصفه بـ«العدوان (إشارة إلى التحالف بقيادة السعودية) لإضعاف الجبهة الداخلية».

واتهم الناطق باسم الحوثيين حزب صالح بالتنسيق مع الإمارات، التي قال إنها «تحاول أن تحقق عبر بعض المحسوبين على المؤتمر ما فشلت في تحقيقه في الميدان، وإن هناك مشروعًا ترتكز عليه الإمارات مع بعض القيادات المحسوبة داخل المؤتمر الشعبي العام لتقوم بما فشل به العدوان في الجبهات العسكرية على مدى ثلاثة أعوام».

وأضاف: «حاضرون للوقوف إلى جانب الأجهزة الأمنية في وضع حد لهذه الاعتداءات، وعلى المواطنين أن يدركوا أنّ الأمن مصلحة الجميع والتحرك بمسؤولية عالية».

بدوره، قاد المكتب السياسي للحوثيين هجومًا على صالح، في بيان، واصفًا إياه بـ«الغادر»؛ واتهمه بالانقلاب على الشراكة، وقال إنّ عليه تحمل عواقب ما «سوّلت له أبو ظبي والرياض»؛ في اتهام بالتنسيق معهما.

انقلاب جديد

يرى المحلل اليمني «ياسين التميمي»، عبر منشور له في «فيس بوك»، أنّ محاولة صالح استثمار تقدمه العسكري لإنشاء سلطة أمر واقع آخر في صنعاء، بإسناد من تحالف «الرياض أبو ظبي»، الذي ظل يدّعي أنه يقاومه، «لن يخرج عن كونه انقلابًا».

مضيفًا: «الجديد في هذا الانقلاب الجديد هو أن صالح يتحمّل هذه المرة المسؤولية عنه بشكل سافر وليس بأسماء مستعارة».

وفي تصريحات للصحف، أكّد ياسين أنّ صالح «الذي حاول استعادة السلطة من خلال تحالفه مع الحوثيين، يسعى اليوم للتخلّص منهم بمقتضى اتفاق جديد مع الرياض»، مؤكداً أن الأمور ليست بهذه البساطة.

وأضاف أنّ صالح «يسعى لتقويض نفوذهم من خلال استعداء اليمنيين عليهم؛ لأنه لا يملك تحمّل كلفة استمرار الحرب على هذا النحو؛ لأن الحوثيين يملكون قوة كبيرة في صنعاء».

لعبة سياسية

وتوقع الصحفي والمحلل «عامر الدميني» أن يكون لصالح وحزبه دور أكبر في المستقبل في التفاوض السياسي الذي يقوده المبعوث الأممي، وسيصبح هناك طرفان واضحان: الشرعية، وصالح وحزبه وحلفاؤهما داخل اليمن؛ وربما يعجّل هذا الأمر من التقارب والتفاهم عن مستقبل البلاد، وقد يقود لمصالحة شاملة.

ويرى «عامر»، في تصريحات صحفية، أنّ صالح «سعى منذ 24 أغسطس الماضي لصنع مواقف تشير إلى تململهم من شريكهم الانقلابي، وتعرّضوا من جراء ذلك لمضايقات وضغوط حوثية واضحة؛ بل وصل الأمر إلى استخدام السلاح ضد أقرب المقرّبين لصالح، رغم أن الطرفين سعيا لاحتواء هذه الأزمة المتصاعدة بينهما».

وقال إنّ «صالح بات الحلقة الأضعف في الصراع، بينما يمسك الحوثيون بتفاصيل الوضع في العاصمة صنعاء والمحافظات التي يسيطرون عليها؛ لذلك علينا أن نفرّق بين طموح صالح للتفلّت من التحالف مع الحوثيين، وبين قدرته على ذلك وإنهاء تحالفه».

ويرى عامر أنّ الحوثيين «يدركون جيدًا أنّ صالح قد يغدر بهم؛ ولذلك لن يسمحوا له بهذا الأمر، وقد يسارعون للإجهاز عليه وعلى حزبه قبل أن يجهز عليهم، فانتهاء التحالف بينهما معناه وفاة أحدهما وانتصار الطرف الآخر».

واعتبر «الدميني» أن نجاح صالح في إنهاء التحالف مع الحوثيين في اللحظة الراهنة يفوق قدرته، ولن يتمكّن من ذلك «إلا بتدخّل دولي ينقذه؛ سواء عبر لعبة سياسية أو انتصار عسكري».

ومن الواضح أن ملفّ اليمن بات يمثل ضغطًا على السعودية؛ لما يسببه لها من خسائر مادية وسياسية، وانتقادات حقوقية متصاعدة للأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها البلد الفقير الذي مزقته الحرب، وتسعى المملكة إلى مصالحة تعيد «صالح» إلى كرسي العرش بعد سنوات الحرب والدمار.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023