شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«فوكس نيوز»: السجون المصرية مصنع لتنشئة «تنظيم الدولة»

سجن العقرب شديد الحراسة - أرشيفية

نشر موقع «فوكس نيوز» تقريرًا عن أوضاع السجناء داخل السجون المصرية وما يسببه التعذيب والقمع الممنهج من تحوّل المعارضين المسالمين إلى متطرفين، على لسان المعتقل الأيرلندي السابق إبراهيم حلاوة، المفرج عنه بعد أربع سنوات من الحبس الاحتياطي وجلسات المحاكمة.

وأكّد إبراهيم، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ سجناء كثيرين تحوّلوا إلى متطرفين واعتنقوا فكر «تنظيم الدولة» داخل السجن بالرغم من أنهم لم يسمعوا عنه أصلًا أثناء دخولهم. كما إنّ السلطات تنتقم من المعتقلين بشكل منتظم بعد تنفيذ أيّ هجوم «إرهابي» في مصر، دون أن تكون لهم أدنى علاقة؛ ليس إلا لكونهم معارضين.

وإبراهيم حلاوة مواطن أيرلندي حصل على حكم بالبراءة بعد سجنه أربع سنوات في مصر، وشرح لـ«فوكس نيوز» كيف تحوّل العشرات من السجناء في مصر إلى «متطرفين» وتبنيهم آراء «تنظيم الدولة» أثناء سجنهم «الوحشي» في السجون المصرية المكتظة.

إبراهيم حلاوة

اُعتُقل إبراهيم (الباغ 21 عامًا) بعدما قبض عليه الأمن في احتجاجات عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة في 2013، بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح فيه السيسي بأول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا «الدكتور محمد مرسي»، واُحتُجز في زنزانة مكتظة بالمساجين، وكان شاهدًا على تدهور الأحوال داخل السجون السيئة السمعة أصلًا. ففي حملة غير مسبوقة على المعارضة المصرية، زج النظام بأكثر من 60 ألف مواطن داخل السجون.

ولد إبراهيم في ضاحية كروملن بدبلن، لأب وأم مصريين، وواجه احتمال عقوبة الإعدام لتهم تراوحت بين التحريض على العنف والقتل، وقال إنّ التعذيب والضرب الممنهج المتعرّض إليهما وزملاؤه داخل السجن أديا بهم إلى حافة اليأس.

وأضاف أنه والسجناء الآخرين في بداية سجنهم لم يسمعوا عن «تنظيم الدولة». لكن، بحلول وقت مغادرته السجن، أكّد إبراهيم أنه ترك ما يقارب 20% ممن اقتنعوا بفكر التنظيم داخل احتجازهم، وكثير منهم مهندسون وأطباء وطلاب، وكل ما أرادوه العودة فقط إلى منازلهم بعد سنوات خلف القضبان دون أيّ تفسير سوى الانتقام.

وينشط «تنظيم الدولة» للغاية في شمال سيناء بمصر، وأسفرت هجماته في السنوات السابقة عن مقتل المئات من قوات الأمن والمدنيين في هجماتهم التي وصلت إلى عمق الوادي.

مسلحون من تنظيم الدولة في سيناء – أرشيفية

وفي الوقت نفسه، وبعيدًا عن تنظيم الدولة، تقود السلطات المصرية حملة واسعة النطاق ضد المعارضة، وتقول منظمات حقوق الإنسان إنّ هناك قرابة 60 ألف سجين محتجزون داخل السجون المصرية، خصوصًا أنصار الرئيس الأسبق محمد مرسي، إضافة إلى نشطاء علمانيين بارزين.

وقال إبراهيم إنّ المسؤولين في السجن المحتُجز فيه يشيرون إليهم دائمًا بأنهم «المعتقلون السياسيون»؛ حتى إنّهم صنفوا الزنازين على هذا الأساس، وكتبوا على باب كل زنزانة «سجناء سياسيين». وفي الزنزانة التي تسع فقط عشرة أفراد، وضعوا فيها العشرات. وصنّفت الحكومة المصرية جماعة الإخوان «إرهابية».

وأضاف إبرهيم أنّ معظم الموجودين في السجن المحتجز فيه من جماعة الإخوان، وفي 6 أبريل الماضي انضم إليهم شباب آخرين من حركة «6 إبريل».

وتابع أنّ الحراس لاحظوا تسريب معتقلين ما يحدث داخل السجن ونشر آرائهم عبر صفحات الفيس بوك؛ وفي كل مرة يحدث ذلك كانوا «يزدادون قسوة في معاملتنا».

قادة من جماعة الاخوان داخل سجن العقرب

اُعتُقل إبراهيم في صيف عام 2013، بعد أيام قليلة من فضّ الاحتجاجات الجماهيرية ضد الإطاحة بمرسي، الذي حكم لمدة عام واحد فقط، وقُتل المئات من المتظاهرين. واعتاد إبراهيم السفر بانتظام برفقة أشقائه إلى مصر لقضاء العطلات الصيفية؛ آخرها بعد إنهائه امتحانات الثانوية، وهو الوقت الذي اعتقل فيه.

ويقول: «لم يكن لدي علم حينها بما يحدث في مصر، وشاركت في احتجاجات، منها ضد مرسي أثناء حكمه، ورغبت في رؤية جميع الأطراف، وفي مرة طُلب مني الصعود إلى المنصة للتحدّث، وهو ما فعلته».

وأضاف: «المكان كان مليئًا بكثير من الأشخاص البسطاء الذين خرجوا للتنديد بالحكم العسكري، من بينهم مزارعون بسطاء راتبهم لا يتعدى الخمسين دولارًا في الشهر، ووصلوا إلى مرحلة اليأس؛ حتى إنّهم لم يستطيعوا التحدّث إلى المراسلين الأجانب».

معتصمو رابعة أثناء تأديتهم صلاة – أرشيفية

يقول «فوكس نيوز» إنّ والد إبراهيم حثّه وإخوته لمرّات على تجنّب النزول إلى التظاهرات في مصر؛ خشية القبض عليه، لكنّ فضوله تمكّن منه. ووالده «حلاوة» إمام لكبرى جماعة إسلامية في أيرلندا، وكلاهما يصران على أنه لا تربطهما أي علاقة بالإخوان من قريب أو بعيد.

«أقاربنا في مصر ليس لهم أي انتماء سياسي، والجميع يعرف ذلك، حتى الشرطة، ولم يُتّهم أحد من أسرته مطلقًا بالانتماء إلى جماعة الإخوان، وحتى بعد القبض عليه وثلاثة من أشقائه أُفرج عنهم بسرعة؛ لأنه لا صلة بينهم والإخوان»، يقول إبراهيم.

ويضيف أنّه كان طفلًا أيرلنديًا نموذجيًا ويمارس ألعابًا رياضية، ووصف بأنه مصري متدين ملتزم خلقيًا، ودائمًا ما وصفوه أيضًا بأنّ «شكله أكبر من عمره»؛ لكنّ السلطات المصرية اعتبرته تهديدًا، ووجوده في احتجاج ساهم في تعزيز شكوكهم.

وبالرغم من أنه لم يتحدث كثيرًا بعد القبض عليه، صُنّف داخل السجن على أنه مصري، وعومل معاملة المصريين داخل السجن: المعاملة كانت قاسية للغاية، على حد وصفه.

ويضيف إبراهيم: «الطعام في كثير من الأحيان كان فاسدًا، لكنني لحسن الحظ كنت أحصل على حصتي عن طريق السفارة الأيرلندية، والحراس داخله كانوا فاسدين للغاية، وكانت التهم أسهل شيء يستطيع القائمون على إدارة السجن توجيهها، وكثيرًا ما يُعاقب السجناء بعد تنفيذ أي هجمات إرهابية ضد الدولة؛ مثل حادثة اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات في 2015».

وبعدها، اقتحمت قوات الأمن الزنازين وأفرغوا محتوياتها وألقوا بالأطعمة والشراب على الأرض، وأخرجوا المساجين وأوقفوهم في الشمس طوال النهار، وحرموا في هذا اليوم من الطعام.

وتقول منظمات حقوق الإنسان إنّ التعذيب والانتهاكات يمارسان بشكل منتظم وممنهج داخل السجون المصرية، بينما ينكر المسؤولون المصريون هذه الاتهامات.

وقبع إبراهيم خلف القضبان أربع سنوات، وبعدها تحوّل عدد كبير ممن كانوا معه إلى «متطرفين»، وهناك أشخاص أبدوا استعدادهم للتخلي عن جماعتهم «الإخوان» إذا أُفرج عنهم؛ لما رأوه في الداخل.

وحوكم إبراهيم حلاوة جماعيًا رفقة 500 شخص آخر، وحصل على براءة بعد معاناة وتدخلات كثيرة؛ بينما حُكم على متهمين آخرين معه بالسجن مددًا تتراوح بين خمس سنوات ومدى الحياة، وأفرج عن 50، وأفرج عنه في 18 أكتوبر الماضي وعاد إلى بلده فورًا.

ويأمل إبراهيم أن يدرس علوم الكمبيوتر وممارسة الأعمال التجارية ومواظبة حياته بشكل طبيعي؛ لكنه عبّر عن أمنيته في مواصلة حكومته الأيرلندية ومنظمات حقوق الإنسان الحملات لإنقاذ المعتقلين داخل السجون المصرية، مضيفًا: «هناك سجناء كثيرون خلف القضبان من دون أي سبب، أود أن أساعدهم».



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023