جاء حادث الهجوم على كنيسة مارمينا بحلوان، والذي أسفر عن مقتل 11 شخص، قبل شهور من الانتخابات الرئاسية المقرر لها في مايو 2018، ليفتح باب التساؤلات عن رؤية الأقباط في استمرار دعمهم لنظام عبد الفتاح السيسي.
تباينت أراء النشطاء الأقباط فمنهم من اعتبر الأحداث الدامية التي يتعرض لها الأقباط كفيلة بسحب الثقة من عبد الفتاح السيسي، بينما رأى آخرون ضرورة دعم السيسي ضد الجماعات المسلحة.
حالة انقسام
من جانبه، قال أمين اسكندر، الناشط الحقوقي القبطي: «إن المجتمع القبطي الآن في حالة انقسام بشأن حالة الرضا عن الدولة، فهناك فريق ينتابه غضب شديد من الدولة عقب تكرار حوادث العنف ضد الكنائس، نتيجة الشعور بوجود تراخٍ أمني بشأن تأمين الكنائس، وهذا الغضب ليس وليد العمليات الإرهابية فقط، لأن الدولة لم تفعل شيئًا لحل الكثير من أزمات الأقباط، وعلى رأسها إشعال الحوادث الطائفية ما بين الحين والآخر».
وأشار إلى أنه «رغم حالة الغضب، إلا أن هناك إصرار غير مفهوم من الكنيسة على ضرورة مساندة السيسي، تحت مزاعم أنَّ البديل ليس أفضل للجماعة القبطية».
وتابع اسكندر:«في عهد السيسي أصبحت الهجمات على الكنائس ظاهرة ليس مفاجئة، فضلا عن عدم خروج قانون بناء الكنائس بالصورة المرضية، وتعرض الأقباط لتهجير قسري من البعض، ولم يحصلوا سوى حضور السيسي أعياد الميلاد، وبرقيات تعازي».
وطالب الناشط الحقوقي الحكومة بضرورة توحد القوى السياسية للاتفاق على مرشح مناسب لمصر، وما دون هذا سيؤدي ذلك في النهاية إلى انفجار الوضع.
تحملوا المسؤولي
من جانبها؛ طالبت النائبة مارجريت عازر، عضو لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب، الأقباط بتحمل جزء من المسؤولية، قائلة:«الجميع سواسية أمام الإرهاب ولا بد أن نتوحد لدعم عبد الفتاح السيسي والجيش والشرطة والقضاء ضد الجماعات المتطرفة وقوى الشر».
وفي تصريح لـ «رصد» اعتبرت مارجريت أن «أن المسيحيين يدركون جيدًا ما تصبو إليه الجماعات المسلحة عبر استهداف الأقباط، ولهذا لن نعطيهم الفرصة لتحقيق أحلامهم الشاذة».
وقالت عضو مجلس النواب: «إن الأقباط يساندون القيادة السياسية في حربها ضد الإرهاب، والحديث عن وجود خلافات كبيرة بين الطرفين ليس له وجود على أرض الواقع، كما تتعمد ترديده وسائل إعلام الإخوان عقب كل حادث تتعرّض له الكنائس».
وشهدت بداية عهد السيسي ترحيب وتفاؤل كبير لدى الأقباط حول مطالبهم بعودة الأمن وإصدار قانون دور العبادة والأحوال المدنية، لكن ما حدث علي أرض الواقع كان كفيلا بأن تتغير دفة الأمل إلى اليأس والهتاف ضد السيسي ومطالبته بالرحيل.
في البداية، كان الأمل واضحا في وصف الكنيسة للسيسي خاصة في عيد الميلاد المجيد يناير 2015، حيث شبه الأنبا بولا أسقف طنطا، السيسي بـ«المسيح»، بعد حضوره قداس عيد الميلاد بالكاتدرائية قائلاً في أحد تصريحاته التليفزيونية «كما ظهر الملاك مبشرًا بميلاد المسيح، فجأة نجد المسيح ظهر داخل الكاتدرائية في يوم ميلاد المسيح» ليتخلى الأقباط عن وقار العبادة، هاتفين للسيسي.
البداية من القوانين
مع ظهور مشروع قانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين في 2015، ثار جدل حول مواده بعكس ما كان يتمنى الأقباط صدوره، وتحفظ كثيرون على مواد القانون، خاصة مواد الطلاق والزواج المدني والتبني التي تضمنها مشروع القانون، حتى وافق المجمع المقدس في أبريل 2014 عليه.
أثار أيضا قانون دور العبادة الموحد أزمة كبيرة بين الأقباط، حيث رفضت الكنائس مشروع القانون وأبلغت مجلس الوزراء بهذا الرفض، وفي أغسطس 2016، قال الأنبا يوحنا قلتة، رئيس مجلس كنائس الشرق الأوسط سابقًا، في تصريحات تليفزيونية، إن سبب الاعتراضات، احتواء القانون على بند خاص بهدم وصيانة الكنائس، ولا يوجد به بند بناء كنائس جديدة، إلا حسب تعداد السكان، كما اشترط القانون بناء كنيسة إذا توافر حد أدنى لعدد معين من الأقباط في مساحة محددة من الأرض، بالإضافة إلي التمييز بين المسلمين والمسيحيين.
ومع اندلاع الهجمات ضد الأقباط وسقوط المئات منهم قتلى، ظهرت دعوات في الشوارع تطالب برحيل السيسي عن الحكم في مصر، إلا أنها سرعان ما تم إخمادهما من قبل قادة الكنيسة.