أكدت صحيفة «نيويورك تايمز»، صحة تقريرها الذي انفردت به، السبت الماضي، ونقلت فيه كلاما مسربا في تسجيلات صوتية لضابط في المخابرات يدعى النقيب أشرف الخولي، وهو يوجه عددا من الإعلاميين المصريين والفنانين حول توجيه الرأي العام لقبول الموقف الأميركي حول القدس المحتلة.
ونشرت الصحيفة، في تقريرها الجديد الذي نشرته فجر الخميس، تصريحات لمحرر الشؤون الدولية في صحيفة نيويورك تايمز يقول فيه: «كان تقريرنا عبارة عن عمل صحفي معمق مهم ومترابط، ونحن نتمسك بكل ما جاء فيه من معلومات»، بحسب عربي21.
وذكرت الصحيفة أنها كانت قد أجرت مقابلة قبل نشر انفرادها مع أحد مقدمي البرامج التلفزيونية، اسمه عزمي مجاهد، الذي أكد فيها صحة التسجيلات، ووصف ضابط المخابرات بأنه «معرفة قديمة» له.
وفي ما يأتي الترجمة الكاملة لتقرير «نيويورك تايمز»:
مصر تفتح تحقيقا جنائيا حول مقالة «نيويورك تايمز»
تقرير: ديكلان والش
أمر النائب العام المصري بإجراء تحقيق جنائي بشأن مقالة نشرتها صحيفة نيويورك تايمز، وصفت فيها الجهود السرية التي تبذلها المخابرات المصرية للتأثير على الرأي العام لصالح قرار الرئيس دونالد ترامب الاعتراف بالقدس «عاصمة لإسرائيل».
وقال النائب العام نبيل صادق، في بيان صادر عنه، إن المقالة «تقوض الأمن والسلم العام في مصر، وتلحق الضرر بالمصلحة العامة للبلاد».
ويأتي التحقيق بعد وابل من التعليقات الغاضبة في وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة في مصر، وفي داخل البرلمان، حيث ندد نواب البرلمان بالمقالة التي نشرت يوم السبت في موقع الصحيفة على الإنترنت، واعتبروها جزءا من مؤامرة دولية تستهدف مصر.
ومع أن مصر تؤيد رسميا إقامة دولة فلسطينية عاصمتها «القدس الشرقية»، إلا أن صحيفة نيويورك تايمز نشرت تقريرا يفيد بأن مصر، ومعها في ذلك بلدان عربية أخرى، وافقت سرا على تأييد قرار ترامب الشهر الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة الولايات المتحدة الأميركية إليها.
في معرض حديثه عن صحيفة «نيويورك تايمز»، قال نائب البرلمان مصطفى الجندي: «إنهم في الحقيقة يشنون حربا على مصر، ويسعون إلى إسقاط البلد».
بعد أن نُشرت المقالة، قالت الهيئة العامة للاستعلامات التابعة للدولة، في بيان لها، إنه لا يوجد شخص باسم أشرف الخولي يعمل في جهاز المخابرات، ونفت صحة ما ورد في التقرير.
ثم ما لبث السيد مجاهد أن سحب تصريحه السابق، وقال في مقابلة أجراها معه التلفزيون المصري، إن صحيفة نيويورك تايمز، حرفت كلامه، مؤكدا أن «تلك هي المرة الأولى التي أسمع فيها عن هذا الرجل المسمى الخولي».
فيما بعد بثت التسجيلات قناة تلفزيونية مقرها إسطنبول لها ارتباط بجماعة الإخوان المسلمين التي كانت مصر قد صنفتها منظمة إرهابية. ولعل ما أثار غضب أنصار الحكومة المصرية هو ذلك الربط بين التسريبات وبين جماعة الإخوان المسلمين.
من جهته، قال رئيس البرلمان علي عبدالعال، إن المقالة تثبت أن صحيفة نيويورك تايمز، متحالفة مع جماعة الإخوان المسلمين، ومع قطر التي تدعم الإخوان، وتعمل على إثارة الشقاق والخلاف بينما تتجه البلاد نحو إجراء الانتخابات الرئاسية»، بحسب ما جاء في وسائل الإعلام المملوكة للدولة.
ووصفت الهيئة العامة للاستعلامات التقرير بأنه «غير ملائم» وقالت إن «مصر أعلنت مرارا وتكرارا موقفها الذي لا يتزحزح تجاه القدس».
بالإضافة إلى ذلك، قام أحد المحامين في الإسكندرية بالتقدم بشكوى جنائية ضد «نيويورك تايمز»، بينما طالب مقدمو البرامج التلفزيونية المؤيدون للحكومة الصحيفة بتبيان كيف وصلت التسجيلات إلى قناة تلفزيونية مرتبطة بالإخوان، وقالوا إن نيويورك تايمز تتحالف سرا مع قطر.
ويذكر في هذا السياق أن مصر واحدة من أربع دول عربية قررت، في يونيو الماضي، معاقبة قطر، بفرض حصار عليها بعد اتهامها بتمويل الإرهاب، وتوفير مأوى لقادة جماعة الإخوان المسلمين، الأمر الذي نفته قطر بشدة.
وكانت مصر التي خاضت 3 حروب مع إسرائيل قد ظلت على مدى عقود تتصدر الدفاع عن القضية الفلسطينية، التي لا تزال قضية تمس عواطف معظم العرب. أما في السنوات الأخيرة فقد وجه الناقدون لمصر اتهامات بالاصطفاف ضمنا مع إسرائيل، وهي التهم التي ما فتئت حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي تنفيها.
جاء نشر مقالة في وقت بالغ الحساسية من الناحية السياسية في مصر؛ حيث أعلنت الحكومة، يوم الإثنين، أن أول جولة من الانتخابات الرئاسية ستجرى في الـ26 من مارس، وأن من المقرر أن تعلن النتائج النهائية في الأول من مايو.
لم يعد السيسي، الذي يتوقع أن يعيد ترشيح نفسه، يواجه معارضة تذكر بعد أن أعلن منافسه الأهم، رئيس الوزراء السابق أحمد شفيق، انسحابه من السباق.
إلا أن المحامين الذين يمثلون السيد شفيق، قالوا إن المسؤولين ضغطوا عليه حتى ينسحب من السباق وهددوا بمحاكمته بتهم تتعلق بالفساد إذا لم يفعل.