شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«الجارديان»: مكاسب الربيع العربي «القليلة» قُضي عليها

احتجاجات تونس - أرشيفية

قالت صحيفة «الجارديان» البريطانية إنّ المكاسب التي حققتها ثورات الربيع العربي، التي بدأت في تونس، أكثر هشاشة من أي وقتٍ مضى. وبقياس الآمال التي انبثقت لدى الشعوب في 2011 وما حققته من إنجازات؛ وجد أنها قليلة للغاية وأصبحت ضعيفة الآن.

وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ القضايا الأساسية التي قامت عليها الثورات في تونس ومصر وليبيا والبحرين واليمن وسوريا بقيت دون تغيير، والأنظمة التي اعتلت الحكم بعد الثورات خدعت الجميع؛ إذ مكّنت نفسها أمنيًا، بعدما نُظر إليها على أنها مجرد أنظمة انتقالية.

محفزات لاحتجاجات تونسية

ففي تونس على سبيل المثال، التي تقترب حاليًا من الذكرى السنوية لرحيل بن علي، لا تزال أسباب الإطاحة به قائمة حتى الآن؛ إذ ترتفع معدلات البطالة بين الشباب، ولا يزال الاقتصاد يعاني من حالة ركود، معتمدًا على صندوق النقد الدولي، الذي فرض تدابير تقشفية أثارت احتجاجات جديدة، كما أنّ هناك مؤشرات على أنّ نظام «بن علي» يعود إلى الحياة السياسية مرة أخرى.

ويقول «روري مكارثي»، الخبير في الشأن التونسي والزميل بجامعة أكسفورد، إنّ النخبة السياسية في تونس بذلت جهدًا واضحًا لإنهاء الزخم الثوري لعام 2011، والانتقال كان متحفظًا للغاية، وأجريت إصلاحات سياسية، ووجدت أحزاب كثيرة وأجريت انتخابات حرة؛ لكنّ قليلًا من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية نُفّذت. إضافة إلى وجود أدلة على عودة التقنيات القديمة في الحكم.

ومن المتوقع أن تتصاعد الاحتجاجات المناهضة للحكومة التونسية بسبب سياساتها. ولا تزال قضايا التهميش الاقتصادي والاجتماعي محفزًا قويًا لها.

مصر الأسوأ من السابق 

وكما هو الحال في تونس، تعاني مصر أيضًا من المعضلة نفسها؛ إذ عادت الأجهزة الأمنية مرة أخرى بقوة بعد إخضاعها عقب رحيل مبارك، وتؤثر على معظم جوانب المجتمع، وأصبح «التحدي المفتوح في مصر نادرًا».

وأغلق نظام عبدالفتاح السيسي المجال أمام الخطاب السياسي والمعارضة، ولا يزال اقتصاد البلاد يعاني من تدهور مستمر، وترتفع معدلات التضخم وانخفاض الدخل، ويكافح المواطنون من أجل البقاء، بجانب تعرّض نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين إلى حملة قمع لم يسبق لها مثيل.

وأكّدت «نانسي عقيل»، المديرة التنفيذية لمعهد تحرير سياسات الشرق الأوسط، أنّ الوضع في مصر الآن أسوأ بكثير مما كان عليه أيام مبارك، والفارق الرئيس في الوضع السياسي فقط، الذي يختلف حاليًا عما كان سابقًا؛ فأي جهة فاعلة خارج الجهاز الأمني وخارج زمرة السيسي تُهمّش إلى حدٍ بعيد، وتعجز عن المشاركة في السلطة؛ فلا مجلس الوزراء ولا البرلمان ولا المجالس المحلية تملك القدرة على تحديد مجريات الأمور.

وأضافت أنّ السيسي قدّم نفسه على أنه الرجل الأوحد والقادر على محاربة التمرد الجهادي في سيناء، الذي قتل أكثر من مائة شخص حتى الآن.

وتتناقض مكافحة الإرهاب في مصر مع جميع الالتزامات السياسية الأخرى، كما فعلت ليبيا تحديدًا؛ إذ أدّت الآمال الأولى في الانتقال من ديكتاتورية معمر القذافي (التي دامت أربعة عقود) إلى تقسيم البلد لشعبين، ما بين قبائل وعشار وجماعات إرهابية، والحرس القديم الموالي للقذافي، وغياب حكومة مركزية فعالة تسيّر أمور البلاد.

سلطة هشّة ونتائج مختلفة

وفي البحرين وسوريا، كشفت الاحتجاجات هشاشة السلطة؛ وتسبّبت في هزيمة النظامين، لكنّ النتائج اختلفت تمامًا عما حدث في مصر وتونس. ففي البحرين، تمكّنت بمساعدة السعودية من قمع الاحتجاجات المنخفضة المستوى التي دعمتها إيران في البداية، وحافظت على النظام الملكي، الذي لم يقدم سوى تنازلات صغرى أمام المتظاهرين.

وفي سوريا، أخذت الأمور منحى غير مرغوب فيه؛ إذ اندلعت حرب أهلية، وحلّت محل دعوات التغيير المدني منذ عام 2012، ويبدو أنها تقترب من نهايتها الآن بعد سنوات، مع بقاء نظام بشار الأسد ووجود إيران وروسيا داعمين؛ لكنّ فوزه جاء على حساب إهدار دماء كثيرة.

مستقبل بمخاوف 

وفي تونس، حيث بدأ كل شيء، يؤكّد المتظاهرون أنّهم لم يفقدوا الأمل في التغيير المستدام، ولا تزال شاهدة على قصة النجاح «النسبي» لثورات الربيع العربي؛ بعدما اتخذت البلاد خطوات نحو الحكم الديمقراطي، وأجرت انتخابات حرة ونزيهة وتحوّلت في السلطة بطريقة سلسة.

وهناك محاولات جادة لبناء مؤسسات، وكما قال مكارثي: «تونس كانت أكثر نجاحًا من أي دولة عربية أخرى؛ لكنّ المستقبل مليء بالمخاوف».



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023