شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«نيويورك تايمز»: مصر يجب أن تمحي يوم الثلاثاء.. أحكام الإعدام تتضاعف فيه كل عام!

السيسي - أرشيفية

سلّطت صحيفة «نيويورك تايمز» الضوء على ارتفاع وتيرة تنفيذ أحكام الإعدام في مصر، خاصة في المدة الأخيرة؛ إذ شهد مطلع هذا العام وحده تنفيذ أحكام أضعاف ما نُفّذ العام الماضي، غير الأعداد المهولة للذين ينتظرون دورهم على منصة حبل المشنقة.

وكشفت في مقال للناشطة السياسية «منى الطحاوي» أنّ الأحكام وسيلة السيسي للسيطرة على السلطة وتعزيز قبضته عليها، مسلطة الضوء أيضًا على يوم الثلاثاء، المعتاد لتنفيذ هذه الأحكام؛ داعية الدول إلى التدخل لإنقاذ من يمكن إنقاذه.

وقالت «منى»، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، إنّ تسعة مدنيين أعدموا يوم الثلاثاء الماضي بحكم صادر من المحكمة العسكرية؛ لإدانتهم بجريمة اغتصاب في عام 2011. وفي الثلاثاء 2 يناير (الجاري)، أُعدم أربعة أدينوا بتنفيذ تفجير ستاد كفر الشيخ الذي قتل فيه ثلاثة طلاب من الكلية الحربية في 2015. وفي الثلاثاء 26 دبسمبر (2017) أُعدم 15 مدنيًا بزعم هجومهم على نقطة تفتيش عسكرية في سيناء عام 2013 ومقتل ضابط وثمانية مجندين.

والهجوم المُشار إليه وقع وسط موجة من العنف التي اندلعت في مصر بعد وقتٍ قصير من الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في انقلاب عسكري، وقتلت قوات الأمن في اليوم السابق له ما يقارب الألف مواطن أثناء فضها اعتصامي رابعة والنهضة، ولم يُسأل عنه أحد؛ بالرغم من أنّ ما فعلوه يصنف «قتلًا جماعيًا».

وتعتقد جماعات حقوق الإنسان أنّ السيسي هو من دبّر مجزرتي رابعة والنهضة، حينما كان وزيرًا للدفاع.

والمثير للاشمئزاز هو محاولة استيعاب المجزرة التي نفذتها الدولة في ظل وجود هيئة قضائية مستقلة، لكنها بعيدة كل البعد عن الحياد، سواء في قاعات المحاكم المدنية أو العسكرية؛ فهناك جزء من الكود الأخلاقي المصري لا ينحني للعدالة. وبدلًا من ذلك، تحرّكهم النزوة السياسية وحبّ الوصول للسلطة بأيّ ثمن؛ وهو ما وضح جليًا في داخل أروقة المحاكم العسكرية.

ومنذ أن تولى السيسي مقاليد السلطة، ارتفعت مجمل أحكام الإعدام بشكل ملحوظ. ووفقًا لوسائل الإعلام الرسمية، أصدرت المحاكم في عام 2017 وحده 186 حكمًا بالإعدام، وهو أضعاف الأحكام التي صدرت في 2016، المقدّرة بـ60 حكمًا، وكانت أرقام 2016 مضاعفة لأرقام 2015 التي وصلت إلى 22 حكمًا. والعام الماضي وحده نُفّذ منهم 16 حكمًا، وفي الأيام التسعة الأولى فقط من العام الجاري تضاعف عدد من نُفّذت بحقهم الأحكام.

وغير أحكام الإعدام التي تنفذ تحت مظلة القضاء، هناك أحكام إعدام تنفذ خارج نطاقه؛ ففي أبريل الماضي قالت «هيومن رايتس ووتش» إنّ القوات المسلحة في سيناء أعدمت ما لا يقل عن اثنين وأصابت ثمانية من المعتقلين السلميين، وبرّرت القتل بأنهم إرهابيون مسلحون أطلقوا النار تجاه قوات الجيش.

بينما أكّدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان في 26 ديسمبر الماضي أنّ إجراءات محاكمة الـ15 مدنيًا المعدومين بتهمة الهجوم على كمين عسكري كانت معيبة، وأكدت أيضًا أنّ بعضهم تعرّض للتعذيب حتى يعترف، وقال محامي دفاع لموكل إنّ المحكمة لم تتح لهم الوقت الكافي للاستئناف على الحكم، ورفضت أي فرصة ليحصلوا على العدالة.

وفي السياق ذاته، قالت شقيقة أحد الذين أعدموا الثلاثاء الماضي، لموقع «مدى مصر»، إنّ أسرهم لا تعرف أين نُفّذت أحكام الإعدام ولا كيفية تسلّم جثامينهم.

وربما يكون تنفيذ أحكم الإعدام يوم الثلاثاء رسالة واضحة من الحكومة بأنها مصممة على إظهار أنّ الأمور تحت سيطرتها، واعتادت الأجهزة الأمنية قيادة حملات قبل الذكرى السنوية لثورة الخامس والعشرين من يناير.

لكن، هل يسيطر السيسي فعلًا؟ وهو الذي أمر قواته باستخدام «القوة الغاشمة» ضد المسلحين في سيناء، بالرغم من أن قوات الأمن دأبت لسنوات على استخدام العنف والقوة الغاشمة هناك. على سبيل المثال؛ في نوفمبر الماضي قتل مسلحون أكثر من 300 مُصلّ أثناء أدائهم صلاة الجمعة، ولم تستطع قوات الأمن باستراتيجيتها هناك منع وقوع الهجوم.

لكنّ هناك عاملًا آخر، ربما يكون مساهمًا في زيادة أحكام الإعدام؛ فستجرى الانتخابات الرئاسية في شهر مارس القادم، والسيسي كان مديرًا للمخابرات قبل أن يخوض الانتخابات الماضية في 2014، وأصبح رئيسًا بحصوله على 96.1% من الأصوات، وهو رقم مشكوك فيه.

حتى لا يكون هناك شك في نتيجة الانتخابات المقبلة، التي ستعقد بعد شهرين من الآن؛ يجب أنً نضع في اعتبارنا أنّ المرشحين عليهم الإعلان عن ترشحهم حتى نهاية الشهر الجاري، كما أن هناك مرشحًا في السجن: العميد أحمد قنصوة، وثالث قيد الإقامة الجبرية: أحمد شفيق، الذي تراجع بالفعل، والرابع سيُستبعد إذا أدين بارتكاب فعل خادش للحياء: خالد علي، والخامس مطلوب منه جمع آلاف التوكيلات قبل نهاية الشهر الجاري؛ إذ ينص القانون على أن يحصل المرشح على تأييد 20 عضوًا بالبرلمان و25 ألف توكيل من 15 محافظة مختلفة.

وبالرغم من أنّ السيسي لم يعلن ترشحه حتى الآن بشكل رسمي، فأكثر من ثلاثة أرباع البرلمان أعربوا مسبقًا عن تأييدهم له، بعد يوم واحد فقط من إعلان فتح باب الترشح.

وبالرغم من كل هذه الأنباء السيئة، تُنتهك حقوق الإنسان أيضًا باستمرار، في ظل تجاهل واشنطن، ومناخ عالمي متسامح. ونفى مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان «زيد بن رعد الحسين» أحكام الإعدام الأخيرة التي نفذتها مصر، وهو الذي أعلن منذ أيام أنه لن يسعى إلى الترشح لولاية ثانية في منصبه؛ بسبب الظروف الجيوسياسية الراهنة التي قد تتطلب الركوع والتوسل، على حد تعبيره.

وأعربت الكاتبة عن أملها في أن يدين نائب الرئيس الأميركي مايك بينس، أثناء زيارته لمصر السبت المقبل، العدد المروع لأحكام الإعدام الأخيرة في مصر. لكن، بالرغم من ذلك، الإدارات الأميركية الناجحة لم تهتم بحقوق الإنسان في مصر إلا قليلًا؛ حتى إنها ما زالت ترسل المليارات من الدولارات للمساعدات.

ولكي نكون صرحاء، عندما يتعلق الأمر بعقوبة الإعدام فالولايات المتحدة في وضع يمكّنها من إسداء النصح، في الوقت الذي ينتظر فيه 2832 شخصًا دورهم في الإعدام، ولا يمكن أن ننسى ناجي شحاتة، الذي أرسل 680 شخصًا دفعة واحدة إلى الموت في أبريل 2014 في محاكمة لم تستغرق سوى بضع جلسات؛ بسبب مقتل ضابط شرطة.

في النهاية، حكومة مصر غير عادية وبربرية وشنيعة؛ خاصة في بلد نادرًا ما تحصل العدالة فيه على حقها. مصر يجب أن تمحي يوم الثلاثاء هذا.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023