اختتم نائب الرئيس الأميركي مايك بنس جولته إلى الشرق الأوسط، أمس الثلاثاء، بعد زيارة بدأها يوم الأحد الماضي، شملت الأردن ومصر وانتهت بالأراضي المحتلة ولقائه مسؤولين إسرائيليين، في الوقت الذي رفضت قيادات فلسطينية استقباله، ليكون أول مسؤول أميركي لا يلتقي السلطة الفلسطينية في زيارته.
فشل في أهدافه
كانت زيارة بنس، مقررة في ديسمبر الماضي، إلا أنه بسبب تداعيات القرار الأميركي بشأن القدس تأجلت إلى يناير الجاري، ليبدأها بمصر في مستهل جولته، والتي بحث فيها التأكيد على أن مصر تقف بجانب الولايات المتحدة في قراراها، إلا أنه وبحسب ما أعلنته السلطات المصرية، والتي أشارت إلى حديث السيسي حول «موقف مصر الثابت من القضية الفلسطينية والداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية».
بنس بحث في مصر والأردن عن موضع قدم جديد للولايات المتحدة في استعادة عملية السلام، وفق ما تحدده الأجندة الأميركية، خاصة بعد التشديد من عدد من الجهات بأن الدور الأميركي الوسيط بين فلسطين وإسرائيل انتهى بمجرد إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل.
وتعتبر زيارة بنس إلى الأردن «غير موفقة»؛ حيث تضمنت إقرار نائب الرئيس الأميركي وملك الأردن على أنهما «اتفقا على الاختلاف» حول موضوع القدس، الذي أعرب خلالها ملك الأردن عن مخاوفه في المحادثات المشتركة من قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وشدد الملك عبدالله على أن الحل الوحيد للصراع الإسرائيلي الفلسطيني هو حل الدولتين بين إسرائيل والفلسطينيين على حدود 1967، وأن تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية.
موقف فلسطيني رافض
في المقابل، شهدت الساحة الفلسطينية احتجاجات على الزيارة على المستوى الشعبي والسياسي، والتي رفضت خلالها السلطة الفلسطينية استقبال بنس خلال جولته الشرق أوسطية.
وقال نبيل شعث، مستشار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، إن «موقفنا لم يتغير، حتى اللحظة، ولن يتغير طالما بقيت تصرفات الإدارة الأميركية الحالية المنحازة لإسرائيل».
ومن جهتها، نددت حركة حماس بالزيارة واعتبرتها فرضا للأمر الواقع في المنطقة بعد القرار الأميركي، وكشف رئيس المكتب السياسي للحركة، إسماعيل هنية، عن تحركات للحركة لصد السياسة الأميركية المنحازة إلى إسرائيل.
وكشف هنية عن تحركات جدية لبناء تحالفات قوية في المنطقة لمواجهة السياسة الأميركية، موضحا أن هذه التحالفات «تتبنى إستراتيجية من عنصرين قائمين على عدم الاعتراف بإسرائيل، وبتبنّي إستراتيجية المقاومة».
وعلى المستوى الشعبي، شل الإضراب العام، الضفة الغربية المحتلة، وأجزاءً من قطاع غزة، بعد أن وجهت الفصائل الشعب الفلسطيني، للاحتجاج على الزيارة الأميركية، وشمل الإضراب المرافق التجارية العامة والخاصة بما فيها مؤسسات التعليم والصحة والبنوك ومركبات النقل العام والخاص.
خطاب صهيوني
وفي ظل الاحتقان الفلسطيني والعربي، وعدم الخروج من الزيارتين القصيرتين إلى مصر والأردن بمخرجات تتماشى مع الأهداف الأميركية، زاد بنس من حدة الاحتقان بزيارة الأراضي المحتلة ولقاء المسؤولين الإسرائيليين والكنيست الإسرائيلي وحائط البراق.
ولقي خطاب بنس في الكنيست بين النواب الإسرائيليين ترحيبا حارا، خاصة مع بعض التصريحات المتصهينة والتي أكد خلالها أن القرار الأميركي هو «تصحيح خطأ عمره 70 عاما»، وتخلل الخطاب العديد من الإشارات من الكتاب المقدس، الذي تعهد خلاله بنقل السفارة الأميركية إلى القدس قبل نهاية عام 2019.
وبحسب بنس فإنه «في الأسابيع المقبلة، ستقدم الإدارة خطتها لفتح سفارة الولايات المتحدة في القدس. وستفتح سفارة الولايات المتحدة قبل نهاية العام المقبل».
واختتم بنس زيارته، بفعل مماثل لما عمله الرئيس الأميركي حيث زار حائط البراق، بعد خطاب وصفته صحيفة «إسرائيل اليوم» بـ«التاريخي والأكثر ودية تجاه إسرائيل» من بين كل الخطب التي ألقيت في الكنيست.
زيادة الغضب
الزيارة التي تأجلت من أجل أن تحظى المنطقة بهدوء نسبي، زادها بنس اشتعالا، بخطاب يؤجج الصراع، علقت عليه تقارير غربية ومسؤولون ووصفته بـ«المتطرف».
وقال عريقات، في بيان، إن «خطاب بنس التبشيري هو هدية للمتطرفين، ويثبت أن الإدارة الأميركية جزء من المشكلة بدلا من الحل»، مضيفا أن رسالة نائب الرئيس الأميركي واضحة: قوموا بخرق القانون والقرارات الدولية وستقوم الولايات المتحدة بمكافأتكم».
النواب العرب في الكنيست، أغضبهم خطاب بنس، واحتجوا برفع لافتات تقول «القدس عاصمة إسرائيل»، فقوبلوا بالطرد من القاعة بالقوة، وسط تصفيق حاد من النواب الإسرائيليين وكذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وقال الكاتب الفلسطيني شاكر زلوم، إن «نائب الرئيس الأميركي مايك بنس أكثر صهينة من ترامب بل هو أكثر صهينة من غلاة الصهاينة، بنس أنجلوساكسوني عقائدي وهو الأكثر عداءً للعرب مسيحيين ومسلمين، لم استقبلناه بالابتسامات؟ حالنا محزن ومعيب، لقد وصلنا إلى دون مستنقع الحضيض».
وقال المحلل السياسي ياسر الزعاترة، تعليقا على الزيارة، عبر تويتر: «الإنجيلي المهووس بدعم إسرائيل تبعا لقناعات دينية (مايك بنس) يختتم زيارته للكيان الصهيوني، ويرى أن الاعتراف بالقدس عاصمة له تساعد على تحقيق السلام!! في أميركا فريق صهيوني ومتصهين لم يسبق له مثيل، والتعامل معه جريمة، فضلا عن القبول بطروحاته».
واعتبر متخصص الشؤون الأميركية للصحيفة حمي شليف، في مقال له بصحيفة «هآرتس»، أن مواقف بنس المؤيدة لإسرائيل «تنطلق من دوافع دينية أيديولوجية بصفته إنجليكانيا خلاصيا متشددا، وهذا ما يجعله لا يتردد في التعبير عن تأييد إسرائيل في كل مواقفها، بغضّ النظر عن طابعها».