قال موقع «جلوبال ريسيرش» إنّ الحرب الأميركية على العراق في 2003 كانت من أجل الاستيلاء على موارده النفطية، خاصة وأنّه ثالث أكبر منتج للنفط في العالم؛ ما كلّف الخطط الأميركية البريطانية حياة مائة ألف مدني عراقي.
وأضاف، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ الحكومات المشاركة في الحرب دأبت على الادّعاء بأنها من أجل إنهاء خطط صدام حسين لامتلاك أسلحة دمار شامكل، ومن أجل الإطاحة بنظامه وتحرير الشعب العراقي من القهر والاستبداد؛ لكن ا كُشف بعد رغبتهم في السيطرة على موارده الطبيعية الهائلة التي تتيح لهم مليارات الدولارات بسهولة.
وبعد 15 عامًا من الادعاء بأن غزو العراق لم يكن من أجل الاستيلاء على الموارد العراقية، بدأت شركات النفط العملاقة التي يديرها مهندسون سابقون في الحرب الأميركية بالعراق الإعلان بشكل صريح عن العقود التي حصلوا عليها لاستكشاف النفط وإنتاجه من الحقول العراقية.
وفازت شركة النفط والغاز البريطانية «P B» بعقد تشغيل حقل نفط «الرميلة» بالاشتراك مع شركة نفط البصرة في 2009، وتفتخر الآن على حسابها الرسمي على «تويتر» بقدرات الحفر الجديدة التي تمتلكها. ويعد حقل «الرميلة» ثالث أكبر احتياطي نفط خام على كوكب الأرض، ويستخرج مائة مليون دولار من النفط يوميًا؛ ما يكفي لتغطية ميزانية الصحة السنوية في العراق.
وعمل السير «جون ساويرس»، أحد أعضاء مجلس إدارة شركة «بي بي» حاليًا والرئيس السابق لجهاز المخابرات السرية البريطانية M16 من 2009 إلى 2014، ممثلًا خاصًا للمملكة المتحدة في العراق إبّان الغزو الأميركي لها، وحصل على مزايا قليلة. لكن، بعد انضمامه إلى شركة «بي بي» في عام 2015 بعد عام واحد من مغادرته جهاز المخابرات السرية، وبعد عامين من استلام شركة «بتروليوم» ترخيص واحدة من أثمن مجموعات الذهب السائل على كوكب الأرض؛ لم تكن هناك أي رقابة على المجموعات البريطانية التي تعمل في العراق، سواء أفرادًا أو شركات.
في مارس 2003، قبل أن تذهب بريطانيا إلى الحرب، نددت «بي بي» بتقارير تفيد بأنه أجرى محادثات مع شركة «داونينج ستريت» عن النفط العراقي، وقالت إنها تقارير غير دقيقة للغاية، ونفت أن تكون لها أيّ مصالح استراتيجية في العراق. ووصف «توني بلير»، رئيس وزراء المملكة المتحدة، نظريات المؤامرة على النفط العراقي بأنها الأكثر سخافة على الإطلاق آنذاك.
الغنائم مقابل الدعم العسكري
ومع ذلك، كشفت مذكرات لـ«الإندبندنت» قصة مغايرة على الإطلاق؛ بعد اجتماعات في 2003 تواصلت شركة «بي بي» مع «غاري سيمونز»، وزيرة القوى العاملة البريطانية، للضغط على حكومة بلير من أجل المطالبة بحصة من غنائم الحرب العراقية مقابل الدعم العسكري البريطاني.
وفيما يلي محضر اجتماع شركة «بريتيش بتروليوم» وشركة «شل» وشركة «بي.جي» في 31 أكتوبر 2002:
- اتفقت البارونة «سيمونز» على أنه سيكون من الصعب تبرير خسارة الشركات البريطانية في العراق على هذا النحو، خاصة وأن الحكومة البريطانية كانت مؤيدا بارزا للحكومة الأميركية فيما تفعله في العراق على طول الخط، ووعدت سمونز بتقديم تقارير إلى شركات النفط البريطانية الراغبة في الحصول على عقود استكشافية بالعراق قبل نهاية عيدالميلاد آنذاك بشأن جهودها في الضغط على حكومة توني بلير.
- وفى 6 نوفمبر 2002، دعت وزارة الخارجية البريطانية شركة «بي بي» إلى التحدث معها عن الفرص المتاح أمامها في العراق، وما إذا كانت تطلب تغيير نظام الوظائف المتبع في المملكة المتحدة حينها، وجاء في تقرير الاجتماع أنّ «العراق يعد من أكبر آفاق النفط في العالم، وشركة بي بي يائسة من الوصول إلى هناك، وقلقة أيضًا من أنّ الصفقات السياسية المبرمة حينها ستحرمهم من فرصة الوصول لتلك الآبار».
- وللمرة الأولى في تاريخها، تنجح شركة «بريتيش بتروليوم» في إقناع الحكومة البريطانية بالاستيلاء بالقوة على موارد دولة أجنبية ذات سيادة، منذ الانقلاب الإيراني عام 1953؛ من أجل تعزيز أسهم الشركات البريطانية العملاقة، ولا شك في أن الشخصيات التي تدور في أروقة المواقف السياسية والعسكرية، كالسير جون ساويرس، هم أفضل الشخصيات المؤهلة لإدارة مثل هذه الأمور، وما ساعد جون هو علاقاته مع وزيرة الخارجية الأمبركية «هيلاري كلينتون» وجورج بوش الرئيس الأميركي.
وقال المعهد إنّ تكلفة هذه الخطة كانت حياة مائة ألف مدني عراقي. ووفقًا لما سبق؛ يمكن القول بقلبٍ مطمئن: «نعم الحرب الأميركية والبريطانية على العراق في 2003 كانت تدور بشأن النفط».
ووفقًا لما قالته «عزيزة عبدالعزيز منير»، الباحثة بجامعة فرايبورغ بألمانيا، كانت الموارد الطبيعية محركًا لحروب واضطرابات سياسية انتهت بمقتل آلاف الأبرياء. فمثلًا في أنجولا، موّلت الجماعات المتمردة حربًا أهلية طاحنة لسنوات طويلة منذ 1972 حتى عام 2002 مات فيها قرابة 1.5 مليون إنسان؛ عن طريق الاستيلاء على الألماس وبيعه في السوق السوداء العالمية، وصوّر فيلم Blood Diamond جانبًا من هذه الحرب الأهلية البغيضة.
وأضافت أنّ الثروات الطبيعية لم تكن محركًا للحروب وحسب؛ بل كانت سببًا رئيسًا لكثير من الصراعات التي شهدها التاريخ. ففي مفارقة تاريخية، غزا العراق الكويت عام 1990 في خطوة اعتبرها كثيرون محاولة للسيطرة على آبار النفط في الكويت والتحكم في إمدادات النفط في منطقة الخليج العربي ورفع أسعار النفط لتعويض خسائر العراق في حربه الطويلة مع إيران.
وتمثّلت المفارقة التاريخية الأخرى، كما ترى «عزة»، في غزو أميركا للعراق عام 2003 بسبب ظاهري: العثور على أسلحة دمار شامل وتحرير الشعب العراقي من القهر والاستبداد، وسبب آخر حقيقي: السيطرة على نفط العراق وتأمين تدفق النفط العراقي إلى الأسواق العالمية، كما يشير الكاتب غريغ موتيت في كتابه «النفط على النار».