قبل ما يقارب أسبوع على إعلان الدولة اللبنانية توقيع العقود مع تحالف الشركات النفطية العالمية التي حصل على رخصتيّ استكشاف وإنتاج النفط في الرقعتين 4 و9 من المياه البحرية اللبنانية، خرج وزير الدفاع بحكومة الاحتلال الصهيوني أفيجدور ليبرمان ليدعى أن الحقل الغازي رقم 9 الواقع داخل المياه الإقليمية اللبنانية قرب فلسطين المُحتلة هو ملك لـ «إسرائيل» وليس للبنان.
ووصف ليبرمان إعلان لبنان عن إتمام توقيع عقود استخراج الموارد النفطية من الموقعين النفطيين، بـ«التحدي السافر والتصرف الاستفزازي الذي يخالف جميع القواعد والبروتوكولات». كذلك حمل حديث ليبرمان، خلال مؤتمر أمني عُقد اليوم، تهديدات مبطنة للشركات النفطية التي وقّعت على العقود مع لبنان، ووصف خطوتها بأنها «خطأ فادح».
واستدعت تصريحات وزير الاحتلال الصهيوني، ردًا سريعًا من الرئيس اللبناني ميشال عون، الذي اعتبر في اجتماع عقده مع وفد الرابطة المارونية اليوم الأربعاء في قصر بعبدا، تصريح ليبرمان تهديدًا للبنان وحقه في ممارسة سيادته على مياهه الإقليمية.
وقال عون،«نبذل جهدا في سبيل تحصين الموقف اللبناني في مواجهة التحديات على أنواعها»، مضيفا ما «قاله وزير الدفاع الإسرائيلي عن البلوك رقم 9 في المياه الإقليمية اللبنانية، يشكل تهديدا مباشرا للبنان ولحقه في ممارسة سيادته الوطنية على مياهه الإقليمية، ويضاف هذا إلى سلسلة التهديدات والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة للقرار 1701 في الجنوب».
الرئيس عون: كلام ليبرمان عن البلوك رقم 9 تهديدٌ للبنان ولحقّه في ممارسة سيادته على مياهه الإقليمية
— Lebanese Presidency (@LBpresidency) January 31, 2018
تصريح سافر واستفزازي
بدوره، قال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، في بيان له اليوم الأربعاء، أن ما جاء على لسان الوزير الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان، هو استفزاز سافر وتحدٍ يرفضه لبنان، وأضاف في بيان له أنّ المسؤولون الإسرائيليون يتعمدون منذ أيام، توجيه رسائل تهديد للبنان، معتبرا « ادعاء ليبرمان باطل شكلاً ومضموناً، ويقع في إطار سياسات إسرائيل التوسعية والاستيطانية لقضم حقوق الآخرين وتهديد الأمن الإقليمي ».
وأكد أن الحكومة اللبنانية، ستتابع خلفيات هذا الكلام مع الجهات الدولية المختصة، للتأكيد على حقها المشروع بالتصرف في مياهها الإقليمية، ورفض أي مساس بحقها من أي جهة كانت.
اعتراض على الورق
من جانبه، وصف وزير الطاقة اللبناني سيزار أبي خليل تصريح الوزير الصهيوني بشأن بلوك 9 بـ«اعتداء موصوف على الحقوق اللبنانية»، مؤكدا أن لبنان «سيستعمل كل الوسائل المتاحة لحماية أنشطته البترولية.. ودرء الاعتداء الإسرائيلي».
وأضاف وزير الطاقة، في كلمة ألقاها أمام مجلس النواب اليوم أن «أي اعتراض على حدودنا البحرية سيبقى على الورق ولن يستطيع أحد تنفيذه على الأرض.. إذ حدود لبنان صدرت بمرسوم وقانون».
#سيزار_أبي_خليل من مجلس النواب: كلام #ليبرمان عن البلوك رقم 9 اعتداء موصوف على الحقوق اللبنانية ولن نرضى أن يفرض أحد علينا أي قيود لاستغلال مواردنا النفطية و #لبنان سيستعمل كل الوسائل المتاحة لحماية انشطته البترولية
— Cesar Abi Khalil (@CesarAbiKhalil) January 31, 2018
#سيزار_أبي_خليل من مجلس النواب: #لبنان سيستخدم كل الوسائل المتاحة لدرء الاعتداء الاسرائيلي الذي أعلن عنه اليوم #ليبرمان حول البلوك 9 ولن نسمح لأحد بتقييد لبنان
— Cesar Abi Khalil (@CesarAbiKhalil) January 31, 2018
سياسة عدوانية
من جهته، اعتبر «حزب الله» اللبنانية تصريحات ليبرمان «تعبيرا جديدا عن الأطماع الإسرائيلية في ثروات لبنان»، مضيفا في بيان له، اليوم الأربعاء: «إننا إذ نعبر عن تأييدنا لمواقف الرؤساء الثلاثة وبقية المسؤولين اللبنانيين ضد هذا العدوان الجديد، نجدد تأكيدنا على موقفنا الثابت والصريح في التصدي الحازم لأي اعتداء على حقوقنا النفطية والغازية، والدفاع عن منشآت لبنان وحماية ثرواته».
وأشار «حزب الله» إلى إن تصريحات ليبرمان «تندرج في إطار السياسة العدوانية ضد لبنان وسيادته وحقوقه المشروعة».
يذكر أن الولايات المتحدة الأميركية لعبت دور الوسيط بين لبنان وإسرائيل بعد اكتشاف كميات استثمارية من النفط والغاز في مياه البحر المتوسط، وزار المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأميركية، منسق شؤون الطاقة الدولية، آموس هوكستين، لبنان مراراً خلال الأعوام الماضية، لتثبيت نقاط تفاهم حول الحقول النفطية والغازية التي تقع جنوبي لبنان، التي شكّلت محل نزاع سيادي واقتصادي بين لبنان و«إسرائيل»، قبل أن يُقدّم لبنان كل المستندات والخرائط التي تُثبت ملكيته للرقع التي تتدّعي «إسرائيل» حقها فيها.
تهديد وتصعيد صهيوني
وفي سياق ذات صلة، صعّد وزير الأمن بحكومة الاحتلال الصهيوني، أفيجدور ليبرمان، اليوم الأربعاء، من لهجته ضد «حزب الله» ولبنان، في سياق حديثه عن احتمالات اشتعال مواجهة عسكرية مع الحزب، مؤكدا أن «المواجهة الشاملة ستكون مغايرة كليا، ولن تكون فقط ضد «حزب الله»، بل ضد لبنان ككل».
واعتبر «ليبرمان» في خطاب له أمام مركز أبحاث الأمن القومي، أنّ «الحرب القادمة، ووفقا لما شاهدناه في المنطقة، لن تكون قادرة على تحقيق أهدافها بدون مناورات برية واجتياح بري للأراضي اللبنانية، لأنه لا يمكن تحقيق ذلك بدون «أقدام على الأرض»».
وشدد، خلال حوار أجراه معه رئيس المركز، عاموس يادلين، على أن من الواضح أن «حزب الله» ينشط خلافا للمصالح القومية للبنان، التي يضحي بها خدمة لمصالح إيران.
وأضاف «المواجهة القادمة في حال اندلاعها لن تكون ضد الحزب وحده، بل إن لبنان كله، وجيش لبنان، سيدفعون كامل الثمن»، وادعى أنه يمكن تفادي المواجهة العسكرية من خلال ثلاثة أمور، هي «التصميم والردع واستخدام كافة العوامل الدولية للضغط على إيران، وهو ما يعرفه الجميع اليوم في واشنطن وموسكو».
وأشار «ليبرمان» إلى أنه «عندما يجري الحديث عن الجبهة الشمالية، فإن ذلك لا يقتصر على لبنان اليوم، وإنما الحديث عن جبهة كاملة تدخل ضمنها سورية، وآمل أن يملك السوريون العقل الكافي لعدم التورط، لكنني لست متأكدا أنهم يملكون القدرة اليوم على قول لا لـ«حزب الله»، ولذلك فإن نقطة الانطلاق عندنا عند الحديث عن الجبهة الشمالية تتحدث عن مجموعة مركبة من العوامل والأطراف، ونبني قوتنا وفقا لذلك.. إننا لا نواجه «حزب الله» وحده، بل أيضا سورية ولبنان، ولدينا حلول جيدة للتعامل مع ذلك».
وقال الوزير الصهيوني، إنه «في حال اندلاع مواجهة عسكرية في نهاية المطاف، علما أن أحدا لا يبحث عن مغامرة عسكرية، فإن الهدف سيكون أولا إنهاء القتال بأسرع وقت ممكن، وأن يشمل ذلك حسما واضحا للحرب. العمليات البرية هي أمر معقد، وتستلزم بذل جهد كبير، وأيضا للأسف ضحايا. وفي سياق إسرائيل، فإن هذا الأمر ليس قرارا سهلا، يجب الاستعداد لمناورات برية، دون أن يتم بالضرورة القيام بذلك، ولكن إذا لم يكن هناك مفر سنقوم به، وإذا كان هناك خيار آخر، فذلك أفضل».
وهدد «ليبرمان» أنه «في حال حرب قادمة، وإذا اضطر سكان تل أبيب للنزول إلى الملاجئ، فإنه يتعين أن يكون كل سكان بيروت أيضا في الملاجئ، ولن نسمح بتكرار صور من حرب 2006 عندما كان الإسرائيليون في الملاجئ وسكان بيروت على شاطئ البحر.. يجب أن يكون ذلك واضحا للطرف الآخر».
وأقرت الحكومة اللبنانية، منتصف ديسمبر الماضي، البند المتعلق بالترخيص للتنقيب عن النفط، بموافقتها على منح رخصتين (لشركتين روسية وفرنسية) لاستكشاف وإنتاج النفط في البلوكين رقمي 4 (شمال) و9 (جنوب) من أصل 10 بلوكات محددة في البحر اللبناني.
وكان لبنان أعلن في يناير 2017، إطلاق أول جولة تراخيص للنفط والغاز، بعدما قرر فتح خمس مناطق بحرية (1 و4 و8 و9 و10) أمام المستثمرين لتقديم عروضهم.
ويقع لبنان ومعه قبرص والأراضي الفلسطينية المحتلة ومصر فوق حقل غاز شرق البحر المتوسط، الذي تم اكتشافه عام 2009.
وتقدر حجم الاحتياطيات البحرية اللبنانية من الغاز بـ96 تريليون قدم مكعب، ومن النفط 865 مليون برميل.
وبدأ لبنان الاهتمام بمسألة النفط والغاز منذ عهد الانتداب الفرنسي (1920-1943)، إلا أن النزاعات السياسية بين الأطراف اللبنانية المتنافسة وظروف الحرب الأهلية (1975-1990)، وعدم الاستقرار السياسي، حالت دون البدء بعملية التنقيب وتطوير القطاع.