في 21 يناير، أعلن المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن التصعيد ضد الحكومة اليمنية، التي تتخذ من عدن عاصمة مؤقتة لها، وأعطى «عيداروس الزبيدي»، رئيس المجلس، الحكومة أسبوعًا مهلة للاستقالة، ورفض مبادرة رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر لعقد جلسات برلمانية في عدن، الذي أعلن قبل أيام أنّ البرلمان سيجتمع في عدن للموافقة على الميزانية الأخيرة، وهي أولى ميزانية للحكومة منذ عام 2015.
وكان الإنذار الذي أطلقه المجلس الانفصالي مشابهًا في لهجته وصورته بإعلان الحوثيين في 2014 بتمردهم، وأعطوا أيضًا الحكومة أسبوعًا للاستقالة؛ متهمين إياها بالفساد، حسبما نشرت «ميدل إيست آي».
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد»، تفاقمت التوترات في عدن بين الجانبين، واندلعت اشتباكات الأحد الماضي، وعلى مدار العامين الماضيين سيطر الجانبان على المدينة بشكل متفاوت، وكانت أكثر المناطق تحت سيطرة المجلس الانفصالي؛ بينما كانت هناك قواعد عسكرية أخرى تحت سيطرة القوات الموالية للرئيس اليمني عبدربه هادي.
ووفقًا لمصادر من المجلس، عمل محمد الزبيدي، شقيق عيداروس، على تعبئة القوات الموالية للمجلس الانفصالي الجنوبي؛ وتمكنوا سريعًا من السيطرة على الطرق بين أبين وعدن. وقال «مهران القاطبي»، ضابط عسكري موالٍ لعبدربه هادي، إنه تلقى أوامر واضحة من الرئيس اليمني بمنع المجلس الانفصالي من السيطرة على المدينة.
وبحلول ليلة الاثنين، وبعد 48 ساعة من الاشتباكات، تراجعت قوات المجلس الانفصالي من منطقة دار سعد، وبقيت في مناطق الشيخ عثمان والمنصورة والمعلا والبريقة والمناطق الهادئة نسبيًا.
إمدادات الأسلحة الإماراتية
وفي الوقت نفسه، سيطرت قوات هادي على قاعدة عسكرية كانت تحت سيطرة المجلس، واندلعت اشتباكات أخرى بين اللواء الرئاسي الثالث وقوات المجلس في منطقة خورماكسار، حيث يقع المطار، وأدت اشتباكات أخرى في جبل حديد إلى مقتل عبدالمجيد شيعي، شقيق شلال شيعي، الذي يرأس الحرس الأمني التابع للمجلس الانفصالي الجنوبي وقائد أمن عدن.
وأعلن التحالف الذي تقوده السعودية وقف إطلاق النار في وقت متأخر من يوم الاثنين، وهو القتال الذي استمر ساعتين فقط قبل تجدد الاشتباكات ثانية، وقال أعضاء اللواء الرئاسي الرابع إن القوات الإماراتية زودت المجلس الانفصالي الجنوبي بمدرعات كانت تستخدم لاقتحام قاعدة اللواء الرئاسي الرابع في دار سعد.
وأكدوا أنه أثناء استمرار الاشتباكات، شاركت الطائرات الإماراتية في إطلاق النار على قوات هادي؛ ما أعطى فرصة للمجلس الانفصالي باقتحام القاعدة، وأكد مكتب رئيس الوزراء أنّ جميع قواعد القوات الرئاسية، باستثناء الموجودة قرب القصر الرئاسي، سقطت في يد قوات المجلس الانفصالي بعد وقف إطلاق النار المفترض بمساعدة مباشرة من القوات الإماراتية فى عدن.
سجناء في الانتظار
واجتمع أعضاء مجلس الوزراء في القصر الرئاسي يوم الثلاثاء، ووفقًا لما ذكرته مصادر من داخلهم، أكّدت أنهم شبه مسجونين، وينتظرون الإمارات أن تتخذ قرارها. ونفى بن داغر تقارير أفادت بأنه هرب إلى الرياض، لكنه كان واضحًا عندما أكد أنه لا يستطيع الانتقال خارج القصر الرئاسي؛ خوفًا من استهداف قوات المجلس الانفصالي له.
وقال «القبطي»، الذى أخلي من قاعدة اللواء العسكرى الرابع فور إصابته من القوات الجوية الإماراتية، إنه يعتقد أنّ مهمة المجلس الانفصالي اغتياله. وقال «فهمي السقاف»، العضو في الحركة الجنوبية، إنّ المسؤولية تقع في المقام الأول على التحالف الذي تقوده السعودية، مضيفًا أنّ الإمارات موّلت إنشاء قوات مسلحة تابعة للمجلس الانفصالي ودعمتها؛ وظلّ هادي صامتًا بذريعة أنّ هذه القوات ساعدت في استغلال الفراغ الأمني في عدن.
وفي الوقت نفسه، قالت مصادر من المجلس الانفصالي إنّها ظلّت حليفًا قويًا للتحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين، وهجومها في عدن كان ردًا على استخدام الحكومة اليمنية للقوة والفساد.
ماذا بعد؟
في ضوء الأحداث الأخيرة في عدن، يبدو أنه لا يوجد حل سياسي قريب، وفي الوقت الذي تستمر فيه القوات الموالية للحكومة في الحشد ضد الحوثيين في تعز وسط اليمن، فإنهم الآن مستعدون للجولة الثانية المحتملة من المعركة مع المجلس الانفصالي الجنوبي.
وأصبح التحالف الذي تقوده السعودية أكثر بقيادة الإمارات العربية المتحدة، التي بنت تحالفات ودعمت مجموعات مختلفة ونشطة على أرض الواقع؛ بينما تبدو السعودية في المقعد الخلفي حاليًا، وتحاول الإمارات بناء قوات طارق صالح مرة أخرى لتولي أمر الحوثيين في الشمال.
بالإضافة إلى المجلس الانفصالي الجنوبي، وجدت الإمارات لنفسها حليفًا جديدًا في الشمال، باستثناء طارق محمد صالح، ابن أخ الرئيس السابق، وقاد القوات الخاصة في الماضي؛ ولجأ الآن إلى الجنوب في ظل حماية دولة الإمارات، ومن المرجح أن يسعى المجلس الانفصالي إلى التحالف مع صالح.