تتشابه ساحة الحرب السورية والقوى الفاعلة فيها حاليًا مع ساحة الحرب الأهلية اللبنانية والقوى الفاعلة فيها في ثمانينيات القرن الماضي، كما تُستخدم لبنان ساحة حرب بين إيران و«إسرائيل» وسوريا وغيرها. أيضًا، هناك علاقة بين إسقاط الطائرة الإسرائيلية نهاية الأسبوع الماضي وإسقاط طائرتين في الحرب الأهلية اللبنانية؛ وهذه المرة الأولى التي تفقد فيها «إسرائيل» طائرة حربية للمرة الأولى منذ عام 1982، عندما أسقط الدفاع الجوي السوري طائرتين إسرائيليتين في وادي البقاع.
هذا ما يراه «كمال علام»، المتخصص في التاريخ العسكري المعاصر، في تحليله بصحيفة «ميدل إيست آي» وترجمته «شبكة رصد»، ويرى أنّه في أعقاب إسقاط الطائرة الحالية كانت الاستجابة الإسرائيلية فورية وشرسة، ووصف بأنه أكبر هجوم على أنظمة الدفاع الجوي السوري منذ الثمانينات
وتورّطت تحالفات لا يُحصى عددها في الحرب الأهلية السورية، إضافة إلى الوكلاء التابعين لدول؛ لكنّ أقلّ جهة فاعلة هناك هي النظام السوري، صاحب الأرض، وكان هناك اعتراف من ترامب وماكرون بأنّ دمشق أصبحت الآن أكثر جرأة مما كانت عليه من قبل بسبب روسيا، وبمساعدتها أصبحت الحكومة السوؤية تسيطر حاليًا على ما لا يقل عن 65% من الأراضي.
لكنّ الظل الإيراني موجود بقوة، وهو الذي اخترقت طائرته المجال الجوي الإسرائيلي؛ ما أدى إلى التصعيد الأخير بين الجيش السوري وجيش الاحتلال. كما إنّ هناك فرقًا واضحًا في كيفية رؤية الروس والإيرانيين ساحة المعركة؛ بالرغم من أنّ الطرفين يدعمان الحكومة السورية.
واعتمد الإيرانيون على المليشيات المسلحة المحلية والأجنبية، إضافة إلى القوات التابعة لها؛ وكان هدفها الرئيس دعم القوات الحكومية «الجش العربي السوري».
وكان إسقاط الطائرة الإسرائيلية انتصارًا رمزيًا للجيش السوري، الذي سعى إلى استعادة مجده على حساب الجهات الفاعلة غير الحكومية، وكانت روسيا أيضًا على بيّنة من الهجوم الإسرائيلي؛ فثمّة اتصال مباشر بين الطرفين في موسكو وتل أبيب، خاصة بتناول التحركات على الأرض وفي الجو.
والواقع أنّ ساحة المعركة السورية بدأت الآن تشبه الحرب الأهلية اللبنانية، التي أصبحت ساحة لتبادل إطلاق النار بين سوريا وإيران و«إسرائيل». وسياسة الرئيس الأميركي «ريجان» حينها هي رفض أن يكون السوريون فاعلين رئيسين هناك؛ لكنّ روسيا كان لها رأي آخر، كما هو الحال في الوقت الحالي؛ إذ سمحت سوريا للحكومة الروسية بأن تكون فاعلًا على أرضها، أما ترامب فيبدو أنه غير مهتم.
وما لا يعرفه مراقبون أنّ روسيا شاركت بشكل كامل في دعم الأنشطة العسكرية السورية في لبنان في الثمانينيات، كما أجرى الجيش السوفيتي مراجعات واسعة للعروض الإسرائيلية في الجو؛ تمامًا كما يحدث الآن. وبجانب ذلك، استطاع السوريون أن يحققوا نجاحات بعد مساعدة المستشارين الروس لهم؛ تمامًا أيضًا كما يحدث الآن.
وتتشابه السيناريوهات مع بعضها بعضًا، لكنّ المحللين يعتقدون أنّ سوريا ستكون أفغانستان أخرى لروسيا؛ أي استخدام طريق جماعات وسيطة لمساعدة سوريا، لكنّ الوضع على أرض الواقع يلفت إلى أنّ روسيا بنفسها تدعم سوريا، والجماعات الوسيطة تابعة لدول أخرى كإيران مثلًا؛ تمامًا كما حدث في سبعينيات القرن الماضي، ودعمت النظم الدفاعية السورية ضد التوغل الإسرائيلي في الأراضي السورية.
وفي السنوات الماضية، تراجعت الهيمنة الروسية على روسيا؛ ما حدا بسوريا أن تقيّد في تحركاتها الدفاعية، ولم يجرؤ الجيش السوري العربي على مهاجمة «إسرائيل» مرة واحدة. لكن، منذ التدخل العسكري الروسي في سوريا، عادت الثقة مرة أخرى لسوريا؛ وأصبحت قادرة على توجيه ضربات لأيّ كان، وهو يعد انتصارًا فعليًا لبشار.
وغير روسيا، دعمت الصين والهند الحكومة السورية دبلوماسيًا وعسكريًا، وتوفّر الدولتان دعمًا لسوريا في الأمم المتحدة بشكل شبه دائم، وساعدت الصين النظام السوري في محاربة «الإيغور» الصينيين الذين كانوا يقاتلون بجانب الجماعات المسلحة.
وكان للهند دور تاريخي في دعم النظام السوري. وغيرها والصين هناك مصر والجزائر، اللتان دعمتا النظام السوري؛ وإن كان على نطاق أصغر من نظرائهما، وكانت مصر جزءًا من اتفاقية وقف إطلاق النار.