قالت شبكة «بي بي سي» إنّ الحرب السورية لم توشك على الانتهاء بالرغم من مرور ثماني سنوات عليها، بل تواجه خطر أن تصبح أكبر وأعمق من الدائرة حاليًا: خطر التحوّل من الصراع بين الوكلاء إلى المواجهة المباشرة بين القوى والأطراف الفاعلة فيها؛ مثل روسيا وأميركا و«إسرائيل» وإيران وتركيا والأكراد.
وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ المواجهة الأصلية كانت بين الحكومة السورية والمعارضة، وفي سياق من الزمن، تراجعت قوة الجيش السوري بشكل لم يسبق له مثيل وتقدمت قوى المعارضة بشكل متسارع؛ لكنّ الفراغ الذي حدث سرعان ما حاولت قوى متنافسة ملأه، ثم جاء دور الرعاة الخارجيين لهذه القوات، وانتقلوا بعد سنوات من الصراع الدبلوماسي إلى المواجهة العسكرية المباشرة.
واكتسبت هذه القوى أكبر قدر من النفوذ والقوة، لكنها خسرت أكثر من غيرها في المعركة، من حيث التكاليف الاقتصادية الهائلة لإنقاذ بشار الأسد؛ غير أنّ أميركا الدولة الوحيدة التي دفعت تكاليف أقل بكثير، معتمدة في استراتيجيتها على تدريب الوكلاء وخوض حروبهم بأنفسهم.
وكانت تركيا فاعلاً رئيسًا آخر بدعمها المعارضين، لكنها اتّخذت مؤخرًا نهجًا مختلفًا في محاولة وقف الأكراد السوريين عن إقامة دولة مستقلة صغرى على حدودها.
وإلى الجنوب، تسببت «إسرائيل» في اتخاذ الحرب السورية منعطفًا هو الأخطر منذ بدئها، وحتى منذ بدء الحرب الأهلية اللبنانية؛ إذ استهدفت أهدافًا إيرانية داخل العمق السوري، وبالمثل ردت سوريا وأوقعت طائرة إسرائيلية.
وفي سنوات النزاع، كثيرًا ما تعارضت مصالح القوى الخارجية المشاركة، وأحيانًا استهدفوا بعضهم بعضًا بشكل مباشر، وبالرغم من أنّ معظم أهدافهم متعارضة؛ فجميع الجهود الرامية لإنهاء الحرب فشلت، وحتى مع تقارب مصالحهم أكثر من التعارض، كان لدى هذه القوى وكلاء على الأرض.
غير أنّ هذه القوى تخلّت عن بشار الأسد بمجرد أن نشأت نقاط طوارئ خطيرة، وتحاشت أطراف عدة التصعيد في مواقف؛ وتُرك السوريون وحدهم كما في السابق يعانون من العواقب.
الأهداف المشتركة
أضاف صعود تنظيم الدولة داخل العراق وسوريا بعدًا أكثر دموية للصراع داخل سوريا، وكان الهدف المشترك الذي جلب القوى المتحاربة حاليًا في البداية هو مواجهته؛ إذ وضعت الولايات المتحدة والروس والإيرانيون والأتراك والأكراد، وحتى النظام، خلافاتهم جانبًا؛ وخاضوا حربًا لهزيمة التنظيم.
لكن، من ناحية أخرى، خلقت الحرب ضد التنظيم، خاصة بعد الانتصار عليه، تعقيدات جديدة تتعلق بمستقبل البلد؛ إذ استولى الأكراد بدعم أميركي على مزيد من الأراضي، وهو ما أثار قلق تركيا، بينما رسّخ الروس والإيرانيون من وجودهم بشكل عميق في سوريا، بجانب استمرار النظام السوري في استعادة مزيد من الأراضي.
وبعد هزيمة التنظيم، أصّرت الولايات المتحدة على وجود طويل الأمد في سوريا للدفاع عن مصالحها ودعم حلفائها، بينما رأت «إسرائيل» أنّ حزب الله والإيرانيين والمقاتلين المدعومين منها يقتربون بشكل كبير من حدودها؛ وهو ما يمثّل تهديدًا أمنيًا خطيرًا لها.
وبالرغم من وجود مناطق تصعيد وأخرى وقف إطلاق النار في سوريا؛ ما زال القتال دائرًا في مناطق كثيرة فيها.
خطر مواجهة كبرى
يوضّح الوضع المتأزم في سوريا احتمالية تفاقم الخطر الحالي بالحرب بين الوكلاء إلى حرب مباشرة بين القوة المشاركة، وهو تطوّر خطير للغاية، أكّدته الأحداث الأخيرة بما لا يدع مجالًا للشك؛ في إشارة إلى المواجهة الروسية الأميركية، والمواجهة الإيرانية السورية والإسرائيلية.
وهذه الصراعات الصغرى ستقود في النهاية إلى حروب كبرى، وستؤدي إلى إطالة أمد الحرب في سوريا، كما أنها تثير مخاوف من المواجهة الشاملة بين المشاركين الخارجيين الذين تظل مصالحهم متعارضة بشكل أساسي حاليًا أكثر من أي وقت مضى.