تشارك أميركا في حرب اليمن بشكل غير دستوري؛ ما دعى أعضاء في مجلس الشيوخ إلى التصويت على انسحاب قواتها من هناك، فالدستور ينص على أنّ للرئيس الأميركي الحق في تفويض استخدام السلطة العسكرية؛ لكن في الحالات الطارئة فقط، بينما حرب اليمن لم تعد طارئة؛ وهو ما يحتم على الكونجرس التدخل لوقفها.
هذا ما يراه السيناتور الأميركي «بيرني ساندرز» في مقاله بصحيفة «واشنطن بوست» وترجمته «شبكة رصد». ويوضّح أنّ في اليمن يموت طفل كل عشر دقائق لأسباب يمكن تفاديها، تقريبًا منذ بدء الحرب قبل ثلاث سنوات. وحتى الآن، قتل قرابة عشرة آلاف مدني وأصيب نحو 40 ألفًا آخرين، ويعجز 15 مليونًا عن الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي، وهناك ما يقدّر بـ17 مليونًا آخرين (60% من تعداد اليمنيين) لا يحصلون على الغذاء بالشكل الكافي؛ ما يعرّضهم لخطر المجاعة.
فشل حكومي
وأنفق الأميركيون قرابة 768 مليون دولار مساعدات إنسانية، وعندما تقع مآسٍ مثل الحرب اليمنية تنمو غريزة الشعب الأميركي للمساعدة على نحو مفاجئ؛ لكنّ ما لا يعرفونه أنّ جيشهم أحد المتسببين الأساسيين في سوء وضع الشعب اليمني، بمساعدته أطراف الصراع على مواصلة قصف المدنيين الأبرياء؛ ما يجعل الملايين المُنفقة على المساعدات الإنسانية تعّبر عن فشل الحكومة الأميركية.
ولفهم دينامية هذا الفشل من الضروري فهم كيفية مشاركة أميركا فيها: في عام 2015 أعلن التحالف بقيادة السعودية التدخل عسكريًا في اليمن بهدف دعم حكومة عبدربه منصور هادي ضد الحوثيين، الذين سيطروا على جزء كبير من اليمن، بما فيها العاصمة صنعاء.
وسرعان ما سمحت إدارة أوباما، دون التشاور مع الكونجرس، للقوات العسكرية الأميركية بتقديم «الدعم اللوجيستي والاستخباراتي» إلى التحالف السعودي، ولا يزال قائمًا حتى اليوم؛ إذ تنسّق القوات الأميركية وتزوّد الطائرات السعودية والإماراتية بالوقود، كما أكد وزير الدفاع «جيم ماتيس» في ديسمبر الماضي.
وبما أنّ الكونجرس لم يأذن باستخدام القوة العسكرية؛ ينبغي على أميركا ألا تؤدي دورًا في تقديم المساعدة الإنسانية، وهو السبب في تقديم قرار مشترك إلى الكونجرس لإجباره على التصويت لإنهاء الحرب الأميركية في اليمن؛ خاصة وأنه لم يأذن ببدء الحرب.
وتنص المادة الثامنة من الدستور الأميركي على أن للكونجرس السلطة في إعلان الحرب، وبالرغم من أنّ الرئيس قد يأمر بأنشطة عسكرية طارئة دون الحصول على الإذن؛ فحرب اليمن المأساوية ليست طارئة على الإطلاق.
وبموجب قانون القوى الحربية الصادر في عام 1973، فإن تكليف أحد أفراد القوات المسلحة الأميركية بقيادة حركة أو مرافقة جيش بلد آخر أثناء الحرب أو التنسيق معه أو المشاركة فيها يشكّل إدخالًا لأميركا في نزاع؛ وهو ما لم يأذن به الكونجرس.
بموجب تفويض استخدام القوة العسكرية لعام 2001، الصادر بعد هجمات 11 سبتمبر؛ يجب أن يكون أي عمل عسكري أميركي في اليمن محدودًا وموجّها فقط ضد جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة؛ مثل القاعدة في شبه الجزيرة العربية أو تنظيم الدولة. أمّا خوض الحرب مع التحالف ضد الحوثيين فهو غير قانوني، والقوات الأميركية غير مؤهلة لذلك دستوريًا.
والواقع أنّ مشاركة أميركا في حرب اليمن جاءت بنتائج عكسية للجهود المبذولة ضد تنظيم القاعدة؛ إذ ذكرت تقارير لوزارة الخارجية القطرية عن الإرهاب لعام 2016 أنّ النزاع بين القوات بقيادة السعودية والمتمردين الحوثيين ساعد القاعدة في اليمن على «تعميق اختراقها في أنحاء كثيرة من البلاد».
وغير ذلك، ساهمت هذه الحرب في تعزيز النفوذ الإيراني بدلًا من مجابهته.