اختتم ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اليوم الجمعة زيارته إلى بريطانيا بالتوقيع على اتفاق مبدئي بشراء 48 مقاتلة «تايفون»؛ على الرغم من الحساسية التي يثيرها شراء المملكة العربية الأسلحة منذ حربها في اليمن.
وقالت «بي أيه إي سيستمز»، كبرى شركة للصناعات الدفاعية في أوروبا، إنَّ البلدين وقّعا مذكّرة نوايا لاستكمال المحادثات بشأن شراء الرياض 48 مقاتلة تايفون، وتوقيع مذكّرة النوايا يشكّل «مرحلة إيجابية» نحو إنجاز العقد مع السعودية.
وشدّدت على «الالتزام بدعم المملكة في تحديث القوات المسلّحة السعودية، وتطوير القدرات الصناعية المحورية الحيوية لتنفيذ رؤية 2030 (للاصلاح الاقتصادي)».
والمقاتلات الأوروبية من طراز «تايفون» هي نتاج مشروع مشترك بين شركات «بي أيه إي سيستمز» البريطانية و«إيرباص» الفرنسية و«فينميكانيكا» الإيطالية.
وأثارت زيارة ولى العهد السعودي إلى بريطانيا الرأي العام؛ ونظّم المئات تظاهرات على مدار أيام الزيارة التي استمرت ثلاثة أيام، احتجاجًا على السياسات التي تنتهجها السعودية، معترضين على إتمام صفقات الأسلحة معها بسبب الجرائم الخطيرة التي ترتكبها باليمن.
صفقات واستثمارات
وفي ختام الزيارة؛ نقلت وكالة الأنباء السعودية «واس» أن البلدين أكّدا التزامهما بـ«شراكة طويلة الأجل لدعم تحقيق رؤية 2030»، عبر بيان مشترك، واوضحا أن تلك الشراكة «تشمل مجموعة من المجالات، بينها تقييم الفرص والاستثمارات المتبادلة مع بريطانيا من قبل صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي السعودي)»، كذلك تشمل «التجارة البينية بين البلدين، والمشتريات العامة من القطاع الخاص للمملكة المتحدة في المجالات الأولوية لرؤية 2030، بما في ذلك: التعليم والتدريب والمهارات؛ والخدمات المالية والاستثمارية؛ والثقافة والترفيه؛ وخدمات الرعاية الصحية وعلوم الحياة؛ والتقنيّة والطاقة المتجددة؛ وصناعة الدفاع».
وقال البيان إن «المملكة المتحدّة أشادت بأهميّة الإدراج الناجح لشركة أرامكو السعوديّة بوصفها جزءاً من خطة المملكة العربية السعوديّة للإصلاح الاقتصادي».
وتسعى بريطانيا إلى جلب استثمارات من دول الشرق الأوسط، وخاصة الخليج؛ لتعزيز وضعها الاقتصادي بعد قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي، إذ تتنافس بورصة لندن، مع بورصات عالمية أبرزها نيويورك، للفوز بالإدارج الدولي المزمع لجزء من أسهم شركة أرامكو.
ووفق البيان، فإنه «من المتوقّع أن تبلغ هذه الفرص مجتمعة نحو 100 مليار دولار على مدى 10 سنوات، ويستهدف من خلالها صندوق الاستثمارات العامة بلوغ استثمارات مباشرة بقيمة تصل إلى 30 مليار دولار».
كذلك رحّب البلدان بـ«العدد الكبير من الصفقات التجارية الرئيسية التي تم الاتفاق عليها خلال الزيارة، والمتوقع أن تتجاوز قيمتها ملياري دولار».
وكانت السعودية وبريطانيا قد حدّدتا هدفاً لحجم التبادل التجاري والاستثمار يبلغ 65 مليار جنيه إسترليني في الأعوام المقبلة، مع تطلع لندن إلى أسواق جديدة لقطاع خدماتها، بعد الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، بينما يحاول ولي العهد السعودي طمأنة المستثمرين إلى مناخ العمل في بلاده.
ملفات إقليمية
وتناول أيضا البيان عدد من قضايا المنطقة، حيث أكد على «أهمية التوصل إلى حل سياسي للأزمة في اليمن على أساس مبادرة مجلس التعاون الخليجي»، و«اتفق البلدان على أن أي حل سياسي يجب أن يؤدي إلى إنهاء التهديدات الأمنية للمملكة العربية السعودية، والدول الإقليمية الأخرى، وشحنات البحر الأحمر، بالإضافة إلى إنهاء الدعم الإيراني للميليشيات وانسحاب العناصر الإيرانية وحزب الله من اليمن».
وشدد البيان على«ضرورة التزام إيران في المنطقة بمبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، بما يتماشى مع الأعراف الدولية وميثاق الأمم المتحدة».
وفيما يخص أفريقيا، أوضح أن «البلدين تعهدا بمبلغ 100 مليون جنيه استرليني لصندوق مشترك لدعم سبل المعيشة والازدهار في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا».
وتطرق البيان إلى القضية الفلسطينية، موضحا أن «البلدين أعادا تأكيدهما على الالتزام بحل الدولتين، بناء على مبادرة السلام العربيّة وقرارات الأمم المتحدّة ذات الصلة».
وبشأن العراق، أكد البيان «دعم المملكة المتحدة القوي لتحسّن العلاقات بين السعوديّة والعراق، بما في ذلك إعادة فتح المعابر الحدودية والطرق التجارية واستئناف الرحلات الجوية المباشرة ودعم إعادة بناء العراق».
وبخصوص ملف سوريا، شدد البيان على ضرورة «دعمهم البلدين لعملية جنيف التي تقودها الأمم المتحدة ولحل سياسي يستند إلى بيان جنيف (1) وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. واتفقوا على ضرورة تنفيذ وقف إطلاق النار على وجه السرعة، على النحو المطلوب في الأمم المتحدة وقرار مجلس الأمن رقم 2401، للسماح بتسليم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة والإجلاء الطبي».
وفيما يخص الأوضاع في لبنان، قال البيان إن «البلدين عبرا عن دعمهما للحكومة اللبنانية وأهمية تمكينها من بسط سيطرتها على كامل الأراضي اللبنانية ونزع سلاح ميليشيا حزب الله، والتصدّي لدورها المزعزع للاستقرار»، وانتهى البيان بتثمين الجانبين لجهود الأمم المتحدّة لإحلال السلام في ليبيا.