أكدت صحيفة «واشنطن بوست»، أن مقاطعة الانتخابات المصرية المقبلة، لن تؤثر في كل الأحوال على نتيجتها، مستشهدة بنسب الإقبال الضعيفة في انتخابات 2005م، وانتخابات 2014م الأخيرة، لكنها وفقا لـ«جايل بتورف» الأستاذة المساعدة للشؤون العامة بجامعة هيوستن، يمكن أن تشكل نقطة وميض يأتي التغيير من خلالها، خاصة إذا صاحبها دعم وضغط دولي، ليس موجودا في حالة مصر حاليا، سوى لمنظمات حقوقية عالمية، حيث ابتعدت عنها الحكومات الأجنبية الفاعلة والحليفة لمصر، كأميركا على سبيل المثال.
وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنه تقييم أثر المقاطعة يتم فقا لمجموعة عوامل، ولا يتم مباشرة، مؤكدة أن المعارضة إذا استطاعت فهم الاستراتيجيات الفاشلة والناجحة للمقاطعة، فإنها حتما ستنجح في دورها، وهو ما توضحه في مقالها التالي.
ومن المقرر أن يذهب المصريون إلى صناديق الاقتراع في وقت لاحق من هذا الشهر، لإعادة انتخاب عبدالفتاح السيسي لفترة رئاسية ثانية، في ظل السيناريو المألوف، «منافس واحد قابل للفوز، ومرشح ثان أيد السيسي قبل ترشحه للانتخابات، وتهديد المنافسين الآخرين وترهيبهم واعتقالهم».
وكانت 150 شخصية سياسية معارضة وسبعة أحزاب سياسية، أعلنت في بيان مشترك رفضها للانتخابات المقبلة، ووصفتها بالمهزلة، داعية المصريين لمقاطعتها، وواجهت دعوتهم تلك انتقادا من قبل النظام ومؤيديه، كما هو الحال في معظم دعوات المقاطعة السابقة.
معايير نجاح المقاطعة
ترتكز مقاطعة الانتخابات في أي مكان في العالم على مجموعة عوامل، ففي حالة دولة استبدادية مثل مصر، تنتج الدعوات عن عملية انتخابية غير عادلة وفشل المساومة، بجانب تصورات المعارضة عن استقرار النظام ومقاطتعه، وفيما تنجح بعض الدعوات في الفوز بإصلاحات إلا أن بعضها يتم تجاهله، وبعضها يلهم موجات احتجاجية جديدة.
وأضافت أن فهم كيفية عمل تلك الدعوات ونجاحها من عدمه، لا يتم بطريقة مباشرة، ففي كثير من الأحيان يختلف المعارضون أنفسهم في مطالبهم وتصوراتهم عن شكل هذا النجاح، حيث يعتبر البعض أن تفشي الاكتئاب والنظرة السوداوية عن الانتخابات نجاحا للدعوات، كما يعتبر البعض أن الإقبال الضعيف نجاح لها ويؤثر على شرعية العملية الانتخابية، لكنها في كل الأحوال كما في مصر، لا تؤثر على من في السلطة.
وتقييم المقاطعة، يمكن أن يتم بسهولة من خلال، تقييم تأثيرها المرغوب أو عدم تأثيرها، فمقاطعة الانتخابات البرلمانية البحرانية في 2014، لم تحقق أهدافها حيث ذهب المواطنون إلى صناديق الاقتراع وبالتالي فشلت.
وفي حالات أخرى، يمكن أن تنتج المقاطعة أو التلويح بها، تغييرا، كما حدث في اليمن في 2009 والعراق في 2005، لكن أيضا التغيير لا يعني بالضرورة الإصلاح الديمقراطي، ففي بعض الأحيان من الممكن أن تؤدي إلى زيادة الاستبداد، وفي أحيانٍ أخرى تؤدي المقاطعة المصحوبة بضغط دولي إلى نتائج مختلطة.
كما يعد جذب الانتباه الدولي والضغط للإصلاح، نجاحا للمقاطعة، لكنه ليس بالضرورة نجاحا قاطعا، حيث يمكن للجهات الأجنبية الفاعلة، ممارسة ضغوطا على الأنظمة لفرض إصلاحات ديمقراطية، إلا أن الضغط الدولي لا يضمن احترام الفائز في الانتخابات، للقوانين الجديدة او منع تكرار القمع السابق.
وفي بعض الحالات، يمكن لغياب الدعم الدولي، أن يعزل الأنظمة عن ضغوط المقاطعة، وهو ما حدث في عدد من الانتخابات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فبعد أول انتخابات رئاسية متعددة في مصر في 2005، هنأ جورج بوش مبارك بالفوز، وبالتالي أجازه.
وأشارت الصحيفة أيضا إلى أنه من المفيد تقدير المقاطعة على حقيقتها، فالاحتجاجات الانتخابية التي تسبق الانتخابات، ناجمة عن قرار المقاطعة والنتائج المتوقعة، والذي يدفعه إيمان المعارضة باستقرار النظام الأساسي وإمكانيات الإصلاح في تلك اللحظة بالذات، فحتى لو كانت المقاطعة تبدو واعدة فإنها قد لا تؤدي لشئ في النهاية.
وإذا علمت المعارضة مسبقا الاستراتيجيات الناجحة والفاشلة، فلن نرى مقاطعات فاشلة.
الاحتمالات في مصر
في مصر يجب النظر للمقاطعة في إطار سياقين، الأول: «التحريض على قلب نظام الحكم» وهي تهمة قد تطال بعض الداعين للمقاطعة من القوى المدنية، وهو التهديد الذي أطلقه السيسي بشكل واضح، محذرا بشكل غاضب، من أن ما حدث في مصر قبل7 أو ثماني سنوات لن يتكرر ثانية.
والسياق الثاني: الدعم القوي المقدم للسيسي، حيث يحظى بتأييد 508 من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 596 عضوا، وعلى المستوى الدولي لم يتحدث أيا من حلفاء مصر الأجانب عن الانتخابات المقبلة، رغم الانتقادات المستمرة من جماعات حقوق الإنسان، إلا أن وزير الخارجية الأميركية «ريكس تيرلسون» شدد على دعم إدارة ترامب القوي لمصر ولعملية انتخابية شفافة وموثوق فيها، لكنه لم يتناول بشكل مباشر تكتيكات النظام القمعية تجاه المنافسين الجادين.
وبينما تدعوا حملات المقاطعة المواطنين للبقاء في منازلهم ورفض المشاركة في الانتخابات، فمن ناحية أخرى، دعا السيسي جميع المواطنين للتصويت، وسط قلق من تأثير دعوات المقاطعة على العملية، بجانب أن هناك أحزابا، كحزب الوفد مثلا، أعلن عن استعداده لحشد وتعبئة الناخبين للتصويت.
كما أن نسبة الإقبال الضعيفة، ليست مشكلة جديدة، أو ليست مشكلة أصلا، ففي انتخابات 2005، شارك فقط 23% من الناخبين في التصويت، وفاز مبارك رغم ذلك، رغم وجود قلق من تأثير المقاطعة المحتمل، نفس الأمر حدث في انتخابات 2014، لكن فاز السيسي أيضا، رغم أن فراغ مراكز اقلاتراه ونسبة الإقبال المنخفضة، أقلقت الحكومة حينها، واضطرتها لتمديد ساعات الاقتراع ومده لليوم الثالث بعدها، وإعلانه يوم أجازة للموظفين.
لكن في كل الأحوال، فإن غياب المنافسة في الانتخابات المقبلة، لن تعطي شرعية للسيسي، جنبا إلى جنب مع نسبة الإقبال الضعيفة المتوقعة، لكنها أيضا يمكن ان تكون نقطة وميض وسط الظروف الاقتصادية الصعبة.
https://www.washingtonpost.com/news/monkey-cage/wp/2018/03/12/will-a-boycott-work-in-egypts-elections/