أثار قرار عبدالفتاح السيسي بإصدار قانون إنشاء «صندوق تكريم شهداء وضحايا ومفقودي ومصابي العمليات الحربية والأمنية وأسرهم» الجدل بشأن الهدف منه، ورأى خبراء أنه تكرار لصناديق التبرعات التي أطلقها بداية من «تحيا مصر» وغيره.
ونشرت الجريدة الرسمية القرار الجمهوري بقانون رقم 16 لسنة 2018، ووافق مجلس النواب برئاسة علي عبدالعال نهائيًا على مشروع قانون لإنشاء الصندوق.
ويأتي طرح هذه الأسئلة أيضًا في وقت كشفت فيه مواقع وصحف مؤيدة للنظام مؤخرًا عن إهدار السيسي ستة ملايين جنيه من أموال الصندوق على تجهيز المقر الجديد للصندوق في مساكن شيراتون بحي مصر الجديدة؛ بتغيير «الديكورات»، التي شملت تركيب «باركيه» للأرضية والأسقف، وتغيير أجهزة التكييف؛ على الرغم من كون المقر مجهزًا من قبل، لكن «أعيد تجهيزه ليتناسب مع مزاج رئاسة الصندوق».
وسبق وقالت صحيفة «النبأ» إن التجهيزات الجديدة كلفت ثلاثة ملايين جنيه، إضافة إلى شراء سيارات ملاكي ذات ماركات مختلفة بأكثر من ثلاثة ملايين جنيه أخرى؛ وهذه الأموال سحبت من الصندوق.
وأعلن السيسي إنشاء الصندوق يوم 1 يوليو 2014، وأجبر رجال أعمال على التبرع له؛ بدعوى المساهمة في دفع عجلة الاقتصاد المصري والقيام بأدوار لم تستطع الحكومة ولا الدولة القيام بها. ويشرف السيسي مباشرة على الصندوق، بمشاركة شيخ الأزهر وبطريرك الكرازة المرقسية ومحافظ البنك المركزي.
بالمخالفة للقانون
ومن المثير أنّ التبرعات لم تقتصر علي رجال الأعمال فحسب، بل تعدت إلى تبرع مؤسسات وهيئات حكومية للصندوق من أموال الدولة؛ إذ كشف رئيس شعبة الدواجن باتحاد الغرف التجارية، الدكتور عبدالعزيز السيد، أنّ وزارة الزراعة تبرعت للصندوق؛ بالمخالفة للقانون.
وأضاف أنّ هذه التبرعات أتت من صندوق التعويضات الخاص بصغار مربي الدواجن، الذين يمثلون أبرز ضحايا إهمال الوزارة في تزويد صناعة الدواجن باحتياجات استمرارها، وهذا الصندوق مخصص لتعويض صغار المتضررين، والتبرع مخالفة للقانون؛ لأنه من دون موافقة الجمعية العمومية للصندوق، التي تشترط حصول الاقتراح على موافقة 75%، وهذا لم يحدث.
أسرار عسكرية
ومع تصاعد الانتقادات للصندوق والتعامل مع ما يحتويه من أموال وآلية صرفها على أنها «أسرار عسكرية»، حاول القائمون عليه تبرير ذلك بالعمل علي الانتهاء من صياغة السياسة الاستثمارية للصندوق.
وقال المدير التنفيذي الجديد للصندوق، محمد عشماوي، إنه جار العمل علي صياغة السياسة الاستثمارية له، والسيسي يسعى لزيادة حجم أمواله إلى مائة مليار جنيه؛ ليكون «صندوق الأجيال» على حد تعبيره، وأنه يرغب في أن يرقى إلى مرتبة أمثاله من الصناديق السيادية العالمية والإقليمية.
نصب وتسول
وقال المهندس ممدوح حمزة إنّ هذه «صندوق للتسول من الداخل والخارج على حساب أبناء الوطن من الجيش والشرطة الذين راحت دماؤهم ضحية لعبة الحفاظ على العرش والانتقام من مكتسبات ثورة 25 يناير، والسيسي يستغل دماء العسكريين لجني المليارات».
وأضاف، في تصريح لـ«رصد»، أنّ «السيسي اعتاد سياسة التسول والنصب عبر صناديق لا يشرف عليها سوى مكتبه الخاص، ودون أن تُسجَّل الواردات والمصروفات؛ تحت مسمى الأسرار المرتبطة بالأمن القومي، وفي الجقيقة تنفق هذه الأموال لخدمة السيسي نفسه وإدارته ولحمايتهم».