شبكة رصد الإخبارية

حصاد أربع سنوات عسكرية.. ديون السيسي تدفع مصر نحو «الإفلاس السيادي»

أتيحت للعسكري عبدالفتاح السيسي أموال منذ توليه الحكم في يونيو 2014 تكفي لإغناء فقراء مصر، وإنشاء مئات المدارس والمستشفيات، وافتتاح مشروعات تنعش الاقتصاد وتضمن حياة كريمة لأبناء الوطن؛ لكنّ هذا لم يحدث، بل هرول نحو إغراق الدولة بديون تصل إلى ضِعف الديون التراكمية لها منذ 50 عامًا، وسط مؤشرات على تفاقمها مستقبلًا؛ بزعم خفض نسبة العجز في الموازنة.

وتعهّد السيسي أثناء ترشحه في الولاية الرئاسية الأولى في 2014 بتقليص الدين العام للدولة، منتقدًا وصوله آنذاك إلى 1.7 تريليون جنيه، بينما تقول البيانات الرسمية إنه تجاوز 4.3 تريليونات جنيه حاليًا؛ ومتوقع أن يصل إلى 4.8 تريليونات جنيه وفق البيانات الخاصة بإصدار أدوات الدين المحلية والخارجية للعام المالي الجاري، الذي ينقضي في نهاية يونيو، وهو الشهر الأخير في الولاية الرئاسية الأولى للسيسي، الذي ترشح ثانية.

وبلغت الديون الخارجية فقط من إجمالي الدين العام نحو 81 مليار دولار، وفق تصريحات وزير المالية عمرو الجارحي في يناير الماضي؛ بعدما قدّرت بـ79 مليار دولار في يونيو الماضي، بحسب بيانات البنك المركزي ووزارة المالية.

تسلسل زمني للديون

والمتابع للتسلسل الزمني لتاريخ مصر في الديون الخارجية يجد أنّ بداية الاستدانة كانت في عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، الذي ترك ديونًا بقيمة 1.7 مليار دولار، لترتفع في عهد الرئيس الراحل أنور السادات إلى 21 مليار دولار، قبل أن تقفز في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك إلى 34.9 مليار دولار، بخلاف ديون داخلية بقيمة 962.2 مليار جنيه.

وأثناء حكم المجلس العسكري منذ فبراير 2011 وحتى منتصف 2012، خفض الدين الخارجي بنحو مائتي مليون دولار، مسجلًا 34.7 مليار دولار، لكن الدين الداخلي زاد إلى 1.23 مليار جنيه، قبل أن تزيد في عهد الدكتور محمد مرسي حتى 30 يونيو 2013 إلى 1.55 تريليون جنيه ديونًا داخلية ونحو 43.2 مليار دولار خارجية، بينما واصلت الصعود في عهد الرئيس المؤقت عدلي منصور إلى 1.7 تريليون جنيه داخليًا و46 مليار دولار خارجيًا.

مستويات جنونية

لكنّ الديون المحلية والخارجية منذ وصول السيسي قفزت إلى مستويات وصفها محللون بالجنونية وغير المسبوقة منذ عقود طويلة، بينما برر السيسي زيادة الديون في كلمة له أثناء مؤتمر «حكاية وطن» نهاية يناير 2017 بدفع رواتب الموظفين التي زادت بعد ثورة يناير 2011.

ووصلت زيادة ديون مصر في عهد السيسي إلى 2.3 تريليون جنيه، وتقول بيانات وزارة المالية إنّ الزيادة التراكمية في قيمة أجور موظفي الدولة بلغت منذ الثورة نحو 144 مليار جنيه؛ ما يعادل 6.2% من إجمالي الديون التي حصل عليها السيسي.

وبلغت مخصصات الأجور في موازنة العام المالي 2010-2011 نحو 96 مليار جنيه، لتصل في العام المالي الحالي إلى 240 مليار جنيه. كما حصل السيسي على مساعدات خليجية في مايو 2014 بنحو 40 مليار دولار.

كل هذه الديون السابقة صاحبها غلاء وارتفاع أسعار السلع ورسوم وفواتير الخدمات، اكتوت بها فئات الشعب بالكامل؛ نتيجة التضخم الشديد الذي وصل إلى مستوى قياسي بلغ 31.7%، وهو أكبر ارتفاع حدث في مصر على مدار 30 عامًا، حينما وصل إلى 30.6% عام 1986.

ولم يقابل نظام السيسي هذه الديون والتضخم بأيّ مشروعات صناعية كبرى أو مشاريع استثمارية تسهم في سداد هذه الديون، بل على العكس ورّط الشعب في مشروعات فاشلة لم تحقق أي عائد اقتصادي؛ بل كان لها مردود عكسي، إضافة إلى مشروعات أخرى كانت وهمًا أُطلق عليها «الفناكيش».

أزمة في السلم الاجتماعي

وقال الخبير الاقتصادي ممدوح الولي، في تصريح لـ«رصد»، إنّ الديون التي تعاني منها مصر منذ منتصف 2013 محليًا وخارجيًا اقتربت من أربعة تريليونات جنيه بنهاية العام المالي الماضي فقط 2016-2017، كان نصيب السنوات الثلاث للسيسي منها 2.5 تريليون جنيه.

وأضاف أنّ القادم سيكون أسوأ؛ فسيصل الدين العام إلى 4.8 تريليونات جنيه وفق البيانات الخاصة بإصدار أدوات الدين المحلية والخارجية للعام المالي الجاري، مؤكدًا أنّ الديون الدولارية الخارجية فقط بلغت نحو 81 مليار دولار.

وتابع: كل ذلك يقود مصر نحو ديون متراكمة على مدار السنوات الأربع القادمة، وتتعامل الدولة بمبدأ زيادة الإنفاقات على أركان الدولة نفسها، دون طرح هذه الأموال في مشروعات حتى لو كانت خارج مصر، ما دامت الحالة الأمنية لا تسمح.

وأضاف الخبير الاقتصادي أنّ الديون تجبر مصر على رفع الدعم، وبعد إلغائه نهائيًا ترفع الأسعار وتدور ماكينة تحريك الأسعار إلى ما لا نهاية؛ ما يشكّل أزمة في السلم الاجتماعي إذا انفجر الوضع عن طريق إهدار مال عام من موظفين وسرقة المواطنين لبعضهم بحثًا عن المال.

المواطن الضحية

ويرى الخبير الاقتصادي وائل النحاس أنّ «وضع الديون في مصر كارثي ويقود إلى المصير الأسود؛ بعدما اُعتُمد على الاستدانة لسد عجز الموازنة؛ لدرجة أنّ حصيلة الضرائب لا تكفي لخدمة الدين العام»، موضحًا أنّ التوسّع في الاقتراض يؤدي إلى حرمان الأجيال المقبلة من أي مكتسبات للاقتصاد؛ لأن سداد الديون سيستنزفها، والنظام الحالي يحمّل الكارثة للمواطن البسيط؛ عبر ديون قياسية وخفض غير مسبوق للدعم.

وأضاف في تصريحات صحفية أنّ مصر «غرقت في الديون، وتقترض ديونًا جديدة لسداد أقساط الديون القديمة وفوائدها»، مضيفًا أنّ الديون المترتبة على مصر مؤهلة للارتفاع في ظل استمرار حكم السيسي.

وأوضح أنّ استمرار السيسي في الحكم لولاية ثانية واستمرار نهجه الاقتصادي الحالي سيوصلان الديون المستحقة على مصر إلى حد لن تستطيع الوفاء به؛ وهو ما يدخلها في «الإفلاس السيادي» الذي سيجعلها رهينة وفريسة للدائنين، بجانب غلاء وتضخم وركود اقتصادي يصاحبه فقر مدقع.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023