شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

قرض صندوق النقد هم بالليل و مذلة بالنهار – عاطف عواد

قرض صندوق النقد هم بالليل و مذلة بالنهار  – عاطف عواد
  قضية الديون هي القضية القديمة الحديثة و قد عانت منها دول كثيرة وصل بها الأمر إلى حد فقدان سيادتها على...

 


قضية الديون هي القضية القديمة الحديثة و قد عانت منها دول كثيرة وصل بها الأمر إلى حد فقدان سيادتها على مواردها و ثرواتها و حتى إستقلالها و مصر واحدة من أكثر البلدان العربية و الإسلامية التي عانت مما يسمى سرطان الديون و التي أصابها في المرة الأولى عند إنطلاق مشروع قناة السويس و منذ ذلك الحين و نحن نرضخ تحت رحمة كبير المرابين الدوليين و الذي عرفبإسم "صندوق النقد الدولي".

إن الفوائض المالية للمستثمرين في أسواق أوربا و الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على توفر العرض و تنخفض الأسعار و تشتد المنافسة و مع إنخفاض العائد تتوجه المراكز في توجيه الفوائص لإستغلالها في أسواق أقل منافسة و أكثر ربحاً و لا تجد رؤوس الأموال بيئة مناسبة أكثر من دول العالم الثالث و إن شئت فقل دول العالم المتخلف إقتصادياً لتقتحمها و يقوم رأس المال الأسمى (النقدي) بغزو أماكن الإستثمار المفيدة في هذه البلاد و التي تكون فيها معدلات الربح أعلى من متوسط معدل الربح في بلاده الأصلية لهذا فثمة علاقة وثيقة – كما يقول المتخصصون – بين الحركة الهستيرية للقروض الدولية و بين محاولات إعادة صياغة نمط تقسيم العمل الدولي فدول العالم الثالث تعتمد في نشاطها الإقتصادي على إنتاج المواد الأولية و ليست دول صناعة       و خدمات في حين أن الدول الأوربية و الولايات المتحدة دول صناعاتتستورد تلك المواد الأولية و تصنعها لتستهلكها و تبيعنا إياها مرة ثانية بأضعاف ثمنها و ذلك بمحاولة نقل عدد من الأنشطة الصناعية و الإنتاجية إلى البلاد المدينة على أن تحتكر الدول الرأسمالية التخصص في الصناعات التي سيكون لها في المستقبل دور الريادة و بالقطع لم يتم إلا عبر أساليب الهيمنة و السيطرة على البلاد المدينة.

و كانت حركة الإقراض في العشرين سنة الماضية أو يزيد وسيلة من وسائل آليات السيطرة و الهيمنة على البلاد المتخلفة و التابعة و إعادة دمجها في النمط الجديد لتقسيم العمل الدولي و كانت وسيلة للتخفيف من أزمة الكساد المستمرة بالإقتصاد الرأسمالي العالمي.

لكن هذا النمو الهستيري في الإقراض الذي مارسته البنوك التجارية تجاه دول العجز المالي خلال السبعينات و الثمانينات كان لا بد و أن يصل إلى نقطة الأزمة و جاءت أزمة فوكلاند بين إنجلترا و الأرجتين– و تجميد الأرصدة بينهما –  لكي تعجل بإحتدام ورطة البنوك التجارية الدائنة و قبل ذلك كان تجميد الأرصدة الإيرانية في بنوك أمريكا عقب نشوب الثورة الإيرانية و زاد من تجلى الأزمة إعلان ثلاثة من كبريات الدول المدينة (المكسيك و البرازيل و الأرجنتين) توقفها عن سداد أعباء ديونها الخارجية بعد أن وصلت إلى مستويات فلكية و هنا كان على مراكز القيادة الإستراتيجية في الإقتصاد الرأسمالي العالمي التدخل لإدارة الأزمة و مواجهتها و هي متمثلة في الولايات المتحدة الأمريكية و البنك الدولي و صندوق النقد الدولي الذي لعب دور المايسترو في حركة الأنقاذ و قد توالت المبادرات الدولية و برامج الأنقاذ لتقديم أطروحات و مبادرات لمعالجة مشاكل الديون الخارجية للدول المتخلفة إلا أن تلك المباردات كانت في المقام الأول تعني بترحيل أزمات دول العالم الثالث و البحث عن مزيد من التبعية و منذ أزمة القروض الدولية أصبحصندوق النقد ممثلاً للدول الرأسمالية المهيمنة و مندوباً لمؤسساتها المالية في تولي مهمة دراسة و تخطيط و إدارة و تنفيذ برامج و مبادرات الأنقاذ و إعادة جدولة الديون و بمعنى أوضح أصبح المسيطر المهيمنو المتدخل في كافة السياسات المختلفة و القضايا الداخلية للدول المعنية و بعد كل برنامج من برامج الإنقاذ الذي يتولاها الصندوق تتوالى الإفلاسات و الإنهيارات الإقتصادية و المآسى الإنسانية و الأمثلة كثيرة من الفلبيين إلى أندونسيا فالمكسيك و البرازيل و مصر و الأردنو غيرهم.

و يقول الدكتور "هانكي" الإقتصادي الشهير عندماعينني الرئيس الأندونيسي الأسبق سوهارتو كمستشار إقتصادي له إقترحت عليه إنتهاج نظام للعمله مماثل لنظام هونج كونج و هو نظام صارم لربط العملة بالدولار الأمريكي و بمجرد وصول المقترح للصحافة إرتفعت الروبية بنسبة (28%) مقابل الدولار لكن إدارة الرئيس كلينتون وقتها لم تكن راضية عن الرئيس سوهارتو و خشيت أن يقوى هذا الإقتراح من موقفه و لأن الصندوق نفسه موجه سياسياً فقد مارس ضغوطاً هائلة على الرئيس سوهارتو حتى يتراجع عن الفكرة و بمراجعة تصريح ميشيل كامديو المدير العام السابق للصندوق و الذي قال فيه "نحن خلقنا الظروف التي أجبرت الرئيس سوهارتو على التنحي" ما يؤكد أن صندوق النقد الدولي ليس جمعية خيرية لمساعدة المحتاجين و ليست مؤسسة مالية تقرض لتحقق أرباح فقط بل هي جهة مالية تؤثر في إقتصادات الدول النامية لتحقيق أهداف سياسية لصالح الدول الرأسمالية فلماذا يسارع المسؤولين في مصر إلى البحث عن الحلول سابقة التجهيز؟ ويريدون إعتماد الوجبات الجاهزة التي يصعب هضمها و لا يكلفون أنفسهم عناء إعداد وجبات شهية بصناعة مصرية خالصة؟ قد يكون الصندوق هو الحل إذا نظرنا إلى الميزان المالي أما إذا نظرنا إلى الميزان التجاري – و هو الأساس – سيكون بالقطع لدينا حلول كثيرة آخرها صندوق النقد و هو ما صرح به وزير الشئون القانونية د. محسوب عندما قال "قرض صندوق النقد لا يجب أن يكون أول الحلول بل آخرها".

و أنا أرى أن لدينا حلول كثيرة كوقف الأستيراد لمدة عام مثلاً للسلع الترفيهية كالشيكولاتةو غيرها لتوفير حاجاتنا إلى الدولار. كما يمكننا فتح باب حجز الأراضي بالمدن الجديدة للعاملين بالخارج على أن يكون الحجز بالدولار بأسعار المصرين لا بأسعار الأجانب و يمكننا أيضاً الإهتمام بإسترداد أموال مصر المهربة بإتباع وسائل و طرق جديدة فالطريق القانوني ليس هو الطريق الوحيد فالطرق الدبلوماسية و الضغوط السياسية أولى. فقط علينا أن نجمع المعلومات من خلال البنك المركزيو أية مصارف أخرى ساهمت في تهريب الأموال لمراجعة حركة هذه الأموال و خروجها من مصر في العشرين سنة الماضية و كذلك الكشف عن الصناديق الخاصة و الأسراع في عمل مصالحات مع اللذين وضعوا آيديهم على أراضي الدولة و أقاموا المشروعات عليها و إعادة تقييم تلك الأراضي و لو فتحتا باب تقديم الحلول بالقطع سنجد الكثير قبل أن نطرح شرعية القرض من عدمه و إن كان حلال أم حرام؟ فلقد كفاكم أهل الفتوى و غير أهلها مؤنه البحث عن الحل و الحرمة بأن قالوا لكم بأن فوائد قرض الصندوق مصاريف إدارية فإذا كان القرض حلال حلال حلال كما كان يقول فقهاء العهد البائد من الناحية الشرعية فعلى الأقل من الناحية الإقتصاديةو السياسية سيكون له وجه آخر قد يصل إلى التحريم و حتى لو كان الدين بغير فائدة يا فقهاء العصر فأعلمواأن " الدين هم بالليل و مذلة بالنهار"..لماذا يقبل صندوق النقد بفائدة أقل من فوائد الديون الداخلية؟ لماذا يقرر الإتحاد الأوروبي منحة نصف مليار يورو لمصر في حال توصلها لإتفاق مع الصندوق؟…أسئلة كثيرة و غيرها يجب الإجابة عليها قبل إتخاذ القرار و أهم هذه الأسئلة على الإطلاق هل لدينا إرادة لعمل نهضة حقيقية لهذا البلد؟

لا نريد للصندوق أن يخلق ظروفاً تجبر أحد على التنحي…

بقلم : عاطف عواد

الهيئة العليا – حزب الوسط



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023