لم يترك نظام السيسي أصوات الأطفال الأيتام إلا واستغلّها؛ فبعد عزوف الشباب عن تأييده في الانتخابات الأخيرة والسابقة، وجد السيسي نفسه وحيدًا، ليس معه إلا فيالق كبار السن؛ لكنه قرّر استدراج عقول الأطفال في السياسة وفزاعة الإرهاب. وفي هذا التقرير نرصد أحدثها.
وتداول مرتادو مواقع التواصل الاجتماعي ترديد أطفال أيتام نشيد «قالوا إيه» داخل أكاديمية الشرطة، في الحفل الذي أقامته وزارة الداخلية بمناسبة يوم اليتيم واستقبلت فيه مئات من الأطفال الأيتام، ووزعت الهدايا عليهم؛ بإشراف اللواء دكتور أحمد عادل العمري، رئيس أكاديمية الشرطة.
وأعادت هذه الصور عشرات وقائع استغلال الأطفال سياسيًا؛ كانت أشهرها وأكثرها فجاجة واقعة استغلال أطفال دار للأيتام وإلباسهم ملابس صيفية في شتاء 2014 ليحملوا صور عبدالفتاح السيسي أثناء ترشحه للانتخابات الرئاسية الأولى.
كما اصطحب السيسي طفلًا مريضًا بالسرطان أثناء احتفالية افتتاح تفريعة قناة السويس.
وأثار اختيار الشركة المنظمة للافتتاح فتيات ارتدين ملابس راقصات البالية، في ظل انخفاض درجات الحرارة بمصر، حالة استياء جديدة وسخطًا من الحضور؛ بدعما انتظر الأطفال أكثر من ساعتين على باب الخيمة التي سيقام فيها الاحتفال. ومع برودة الجو في مدينة بورسعيد على ساحل البحر المتوسط، بدأ الأطفال في التذمر من الرعشة، التي سرت في أجسادهم النحيلة؛ فما كان من الشركة المنظمة إلا أن أدخلتهم خيمة الاحتفال لتخرجهم مجددًا بعد مدة قصيرة.
جريمة سياسية
قال الناشط الحقوقي هيثم أبو خليل إنّ الطفل المصري الأكثر عرضة للاستغلال السياسي، و«نظام السيسي يستغل الأطفال لقلة درايتهم بالواقع؛ والدليل على ذلك أنه لم يتمكن من استغلال الشباب في مراكز الشباب أو حتى الجامعات أو النوادي، فلم يجد في اللجان الانتخابية سوى كبار السن من مؤيديه؛ وبالتالي لجأت دولته إلى الأطفال الأيتام لزراعة فكرة العسكري الزعيم».
وأضاف، في تصريح لـ«رصد»، أنّ «نسبة الحماية التشريعية للاطفال تراجعت إلى الحدّ الذي وصل بمسؤولين عن أوضاع الطفولة في الحكومة الحالية إلى انتهاكات واعتقال، ومطالبة البعض بتعديل تشريعي لتغليظ العقوبات على الأطفال يصل إلى حد الإعدام؛ بالرغم من مخالفة ذلك للاتفاقيات الدولية التي وقّعت عليها مصر، معتبرا أنّ استجابة الحكومة لمثل هذه النداءات تمثّل ردة غير عادية في الملف الحقوقي، وانتهاكًا صريحًا للقوانين الدولية والوطنية».
استنكار حقوقي
وفي أكتوبر 2015، استنكرت الجمعية المصرية لرعاية الأحداث استخدام الأطفال في الدعاية الانتخابية للبرلمان في محافظات بالصعيد أثناء الجولة الأولى للانتخابات، واعتبرته بمثابة جرائم اعتداء على حقوق الطفل.
وهدّدت «الجمعية» في تقرير لها برفع قضايا أمام المحاكم والتقدم ببلاغ رسمي إلى اللجنة العليا للانتخابات البرلمانية (جهة رسمية مشرفة على الانتخابات) لإبلاغها بخطورة الأمر، واحتمال دخول هؤلاء الأطفال في خلافات بين المرشحين في دوائر الصعيد التي تطغى عليها النزعة القبلية.
وسبق وتداول ناشطون على «فيس بوك» صورًا لأطفال دون السن القانونية يشاركون في حملات انتخابية ويرتدون «تيشرتًا» عليه رموز الأحزاب وصور مرشحين، ويوزعون «بوسترات» لهم مقابل مبالغ مالية. كما طالب النشطاء المجلس القومي للطفولة والأمومة بالقيام بدوره والعمل على مواجهة هذه المظاهر.