يحاول رئيس الجمهورية الفرنسية «إيمانويل ماكرون» ووزير الداخلية والأديان «جيرار كولومب» ترك بصماتهما على تنظيم شؤون الديانة الإسلامية، الثانية بعدد الأتباع في فرنسا؛ على الرغم من نتائج استطلاع رأي لمعهد إيفوب (IFOP) بأنّ 56% من الفرنسيين يعتبرون الإسلام متماشيًا مع قيم مجتمعهم، بخلاف اعتقاد الأغلبية في عام 2016.
وفي فبراير الماضي، كرّست صحيفة «لوجورنال دي ديمانش» صفحاتها الأولى لماكرون ورأت أنّه يفكّر في «إعادة تنظيم كامل للإسلام الفرنسي»؛ ما يعني «إدراج الديانة الإسلامية في إطار علاقة هادئة مع الدولة ومع الديانات الأخرى، إضافة إلى إشراكها في مكافحة الأصولية».
حرمان من الجنسية
وبدأ صدى تحركات «ماكرون » يظهر؛ فأيّدت أعلى محكمة إدارية في فرنسا يوم الجمعة قرارًا يقضي بحرمان جزائرية مسلمة (متزوجة من فرنسا منذ 2010) من جواز السفر الفرنسي؛ لرفضها مصافحة مسؤولين أثناء مراسم حصولها على الجنسية، فاُعتُبرت «غير مندمجة في المجتمع الفرنسي»؛ وهو سبب تحتكم إليه الحكومة بموجب القانون المدني لرفض حصول متزوجة من مواطن فرنسي على الجنسية.
لكنّ المرأة أصرت على أنّ «معتقداتها الدينية» تمنعها من مصافحة مسؤول رفيع ترأس مراسم منحها الجنسية، كما رفضت مصافحة مسؤول محلي آخر. وطعنت الجزائرية ضد القرار واعتبرته «استغلالًا للسلطة»؛ لكنّ مجلس الدولة (آخر محكمة استئناف في مثل هذه القضايا) قضى بأنّ الحكومة «طبقت (القانون) بشكل مناسب».
ترحيل إمام مسجد
ويوم الثلاثاء الماضي، أصدرت وزارة الداخلية الفرنسية قرارًا بترحيل الجزائري «الهادي دودي»، إمام مسجد «السنة» بمدينة مرسيليا ويبلغ من العمر 63 عامًا؛ بدعوى أنّه «سلفي المذهب ومعروف بخطبه المتطرفة»، والقيام «بأعمال تحريض صريحة ومتعمدة على التمييز والكراهية والعنف ضد شخص محدد أو مجموعة من الأشخاص، وخصوصًا النساء والشيعة واليهود ومرتكبي الزنى».
الإمام الهادي دودي (وسائل إعلام فرنسية)لكنّ المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان علّقت التنفيذ، قبل أن تعود لإعطاء الضوء الأخضر. وتقدّم محامي الهادي «نبيل بودي» بشكوى أمام المحكمة الأوروبية، وقال إنّ موكله يتعرّض إلى خطر التعذيب أو «المعاملة غير الإنسانية أو بطريقة مهينة» إذا رحلته السلطات الفرنسية إلى الجزائر؛ لكن المحكمة منحت الحكومة الفرنسية مهلة 72 ساعة «لجمع المعلومات الإضافية الضرورية لاتخاذ قرار على بيّنة».
حادثة البوركيني
في عام 2016، أجبرت أربعة شرطيين فرنسيين امرأة على خلع لباس السباحة «البوركيني» أثناء جلوسها على شاطئ مدينة نيس، وحرّر ضابط غرامة مالية بحقها؛ ما رآه مسلمون في فرنسا تدخلًا ووصاية غير مبررين من الدولة في شؤون عقيدة جزءٍ من مواطني الدولة، وهو ما لا تفعله مع ديانات أخرى.
حظر ارتداء الحجاب
في عام 2004، حظرت فرنسا ارتداء الحجاب في المدارس، بعدما حظرت النقاب في الأماكن العامة في 2010 (باستثناء دور العبادة المفتوحة للجماهير)؛ لأنّ هذا ضمن حظر كل الرموز الدينية والتأكيد على علمانية الدولة.
وتشتكي محجبات في فرنسا من رفض شركات توظيفهن بالرغم من كفاءتهن؛ بسبب ارتدائهن الحجاب، الذي يتعين على كل محجبة خلعه على أبواب المؤسسات التي يعملن بها أو المدارس اللاتي يدرسن فيها.
لا وصاية على الإسلام
وفي تصريحات سابقة، حذّر رئيس المجلس الإسلامي الفرنسي «أحمد أوغراش» من نوايا ماكرون؛ قائلًا إنّه «لا وصاية للدولة الفرنسية على الإسلام، وحينما يقول ماكرون إنّه سيصلح الإسلام فهو يعمل مع باحثين مناهضين للإسلام بدلًا من العمل مع المجلس الإسلامي».