يوافق الثالث من مايو كل عام «اليوم العالمي لحرية الصحافة»، وجميلٌ أن يوجد مثل هذا اليوم على الأقل مرة واحدة في السنة للاحتفاء بهذا الحق الإنساني؛ فحرية الصحافة موضوع جميل للاعترافات الشفوية، والأيام الـ364 المتبقية في السنة قلّما يهتم العالم فيها بالموضوع.
هذا ما يراه بيتر ليمبورغ، المدير العام لمؤسسة «دويتشه فيلة» الألمانية، في مقال له؛ مطالبًا حكام البلاد الديمقراطية بالاستغناء عن صفقات تجارية إذا تعدّى «الديكتاتوريون» بشكل فاضح على حرية الصحافة، داعيًا إلى ربط مِنح المساعدة الإنمائية بوضع حقوق الإنسان وحرية الصحافة.
كما استعرض أمثلة عالمية لخنق الصحفيين؛ كالتالي:
السعودية
يُهلّل بولي عهدها «الأمير محمد بن سلمان» لأنّه يتيح للنساء قيادة السيارة ويفتتح قاعات سينما. وفي الوقت نفسه، لا يزال المدون «رائف بدوي» يقبع في سجن بالسعودية؛ فقط لأنّه مارس الحق الأساسي في حرية التعبير.
مستبدون أفارقة
يطالب حكام مستبدون أفارقة بالحصول على مساعدات إنمائية؛ لكنهم يحجبون هواء التنفس عن صحفيين شباب ناشطين يحاولون في إذاعاتهم الخاصة مزاولة مهنتهم بصدق.
إيران
تحاصر بقوة عروض «دويتشه فيله» وكثيرًا من الإذاعات الأجنبية الأخرى، وتضايق بمنهجية موظفيها. ولم يعد أحدٌ يتحدّث عن الصحفيين الـ23 في سجون التعذيب التابعة للحرس الثوري الإيراني. وعلى الرغم من ذلك؛ يحلم ساسةٌ بالتقارب معها.
الصين
يتزايد ساسة ديمقراطيون من أوروبا في محاولة مغازلة الصين. وغياب حرية الصحافة فيها، وكذلك العروض المستقلة لـ«دويتشه فيله» وإذاعات أجنبية أخرى تخضع هناك للمضايقة؛ لا يتعديان أن يكونا ملاحظة جانبية.
وحتى ممثلو الاقتصاد يفكّرون في الصين وصفقاتها الكبرى أكثر من حقوق الإنسان. وبهذا يرتمي المرء في حضن تعسف الصين واستبدادها؛ لأنه لا أحد سيحتج إذا تعرّض مستثمرون أجانب للمضايقة. وانتقاد ذلك لن يوجد في وسائل الإعلام الصينية.
روسيا
كما يروّج عدد كبير مفاجئ من الساسة الألمان والأوروبيين لفهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الوجه الصحيح، وأخذ مخاوفه أمام حلف الناتو والاتحاد الأوروبي على محمل الجد؛ بينما مخاوف الصحفيين في روسيا تعتبر مزهجة وتُحجب، ناهيك عن الترهيب والاعتداء الجسدي وحتى القتل؛ وحريٌّ بأن يكون لوزير الخارجية الألماني الجديد هايكو ماس موقف آخر.
بنجلاديش وباكستان
يخاطر مدوّنون في البلدين بحياتهم إذا كتبوا بانتقاد عن الإسلاموية المتنامية. وللأسف، يتواصل الدعم الفعّال من الخارج بالرغم من جهود دبلوماسيين لتحسّن الأوضاع.
المكسيك
على الرغم من أنها شريكٌ لمعرض هانوفر في عام 2018، فالصحافة فيها تواجه الخطر؛ لأنّ الدولة لا تنجح في السيطرة على عصابات المخدرات. وفي السنة الماضية قُتل 11 صحفيًا (في سوريا فقط كان عددهم أكبر).
وهنا يجب على الحكومات الغربية أن تعترف بمسؤوليتها؛ بمقتضى أنّ غالبية المستهلكين يرتبطون ببلدانها. ووجب علينا قياس أداء حكوماتنا وساستنا وفقًا لما يفعلونه للاحتجاج ضد الهجمات المتزايدة ضد حرية الصحافة؛ فهل يكشفون بوضوح للديكتاتوريين عن قيمنا؟ هل هم مستعدون للاستغناء عن صفقات في حالة التعدي بشكل فاضح على هذه القيم؟ هل يربطون الاستعداد لمنح المساعدة الإنمائية بوضع حقوق الإنسان وحرية الصحافة؟
الديمقراطية على مستوى العالم يهددها الديكتاتوريون والمستبدّون والشعبويون؛ ويمكن لها الاستمرار في البقاء فقط عندما يدافع عنها ديمقراطيون بقوة.