شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

اتهامات نصف مستوية …!! – ياسر عمر عبد الفتاح

اتهامات نصف مستوية …!!  – ياسر عمر عبد الفتاح
  هل أنت من هؤلاء الذين يخاطرون يوميًا بنشر ما يعتقدون على مواقع التواصل الاجتماعي؟ هل أنت ممن عاني من...

 

هل أنت من هؤلاء الذين يخاطرون يوميًا بنشر ما يعتقدون على مواقع التواصل الاجتماعي؟

هل أنت ممن عاني من تكدير سلامه النفسي بعد مناقشة ما مع هؤلاء الذين يعرفون كل شيء؟

لو كانت إجابتك بنعم، فأهلًا بك ,,

تستطيع أن تستقبل إشاراتي على الموجة ذاتها ..!!

يا صديقي كان يجب عليك أن تمشي حذو الحائط جيدًا، وأن تراقب وقع أقدامك بدقة حينما تعبر عن رأيك في مكانٍ يستطع آدميٌ آخرٌ يحمل الجنسية المصرية أن يراه أو يقرأه أو يشعر به حتى..

في مصر فقط -قبل أن تبدي رأيك- عليك أن تحدد موقعك بدقة إحداثيات هبوط مكوك على سطح القمر، وربما تحتاج حتى لمساعدة لوجيستية من وكالة ناسا، هذا فقط إذا كنت لا تريد أن تنال قدرًا لا بأس به من الاتهامات المجمدة نصف المستوية، وستكون لائقة عليك تمامًا حينها كسروالك الذي ترتديه بأريحية الآن.

أنت إخواني متخفي بالتأكيد حينما تمدح (الرئيس/الوزارة/المرشد) لأي شيء يفعله، قبل أن تنكر وتشجب وتنفي عليك أن تحذر، هم يعرفون كل شيء عنك تقريبًا، يعرفون حتى ما لا تعرفه أنت عن نفسك …!!

ثم ما أدراك أنت؟

هم يعرفون أكثر بالتأكيد.

ستصيح بكل قوتك محاولًا نفي تلك اللاتهمة عنك، وربما أقسمت حتى لهم، لكنهم سيبتسمون حينها بثقةٍ زائدةٍ لأنهم يعرفون أنكم جميعًا تفعلون ذلك، سيؤكد أحدهم من خلف كيبورده المنزلي أن ذلك تكرر معه عشرات المرات ودائمًا ما يكون محقًا، وأنه يعرف أنك إخوان كما يعرف أنه لم يدفع ثمن إيجار وصلة الإنترنت المنزلية منذ شهرين، نحن الآن مهددون بفقد القدرة على مطالعة آرائه السديدة عن كل شيء، ولا تنس يا صديقي "إنه يعرف أكثر".

ثم أنت نفسك أيضًا علماني شديد الليبرالية حينما تنتقد أيًا من هؤلاء الذين يلبسون جلبابًا أبيضًا أو لهم لحية أو ممن يقدم على اسمه لقب "شيخ" أو يذيله ب"إسلامي" في مختلف المناسبات، أنت أقل من أن تتحدث عن مسمومي اللحوم المعصومين من الخطأ، كم أنت قليل العلم والأدب معًا، عليك أن تجثو بركبتيك أمام حلقاتهم التلفزيونية وتدون كلّ شيءٍ بانتباه، هم الحق المطلق، هم يعرفون أكثر، هم يأخذوك مباشرةً إلى الجنة.

 

 

وماذا أيضًا …!!

آه ,, قد تصبح فلول أحيانًا أو عابث مستهتر بمقدرات البلد أو طرف ثالث أو مندس أو متشدد متطرف وهابي أو بلطجي أو أو .. الخ

لا تبتئس فالتغيير مطلوب ويمنع سأم الحياة المعتاد.

 

تقول حكمة من كتاب "بيكاسو وستاربكس" لياسر حارب الذي لا أعرفه بالمناسبة : (الأشخاص العظام يناقشون الأفكار ، والأشخاص العاديون يناقشون الأشياء ، أما الأشخاص الصغار فإنهم يناقشون الأشخاص) .

تلك هي إذًا المشكلة، حينما أطرح فكرة عامة فهذا لا يعني أنها أصبحت ضمن مسلمات القرن الواحد العشرين فور نشرها، ولكن تعني أن هذا ما اعتقده الآن بناءًا على مجموعة من المدخلات الثقافية والمعرفية لدي، قد تختلف مع ما تعتقده أنت، لا مانع من هذا إطلاقًا، ولكن قم بما ينبغي حينها، تصرف على الأساس نفسه، قم بتحليل النتائج بناءًا على المدخلات المعرفية المتوافرة لديك أنت، والتي أفرزت ما بجعبتك من أفكار والتي تنافي في الوقت ذاته كل ما قلته أنا أو جزءًا منه، ولكن ليس لك دخل بتحليل شخصيتي أنا يا عم الحاج.

إن المسألة ككل يجب أن تتم وفقًا لما تتطلبه ساحة تبادل الأفكار بقوانينها وقواعدها البسيطة والمعروفة، لن أصادر حقك الطبيعي في نشر أفكارك المخالفة، ولا تصادر أنت حقي أيضًا، عندما تدور عجلة النقاش والتجاوب المعرفي فإنها تعمل على بلورة عقولنا بشكلٍ يسمح بتلافي أخطائنا بشكلٍ تدريجي وتلقائي، ويساعد دوران العجلة بالضرورة على اتساع حدودنا الثقافية وارتفاع أفقنا المعرفي أيضًا، لذا دعها تدر يا صديقي في اتجاهها الصحيح.

يا صديقي، تخلص من حالة التصنيف المقيتة، وابدأ جديًا في مناقشة الكلمات لا الأشخاص، وحارب الفكرة بالفكرة، واضرب الرأي بالرأي، وبادل المعلومة بالمعلومة، لا تنجرف خلف مشاعرك وحكم عقلك فإنه أولى بك، وهو أولى بك.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023