«ديون متراكمة على المؤسسات، وسيطرة رجال الأعمال وصراعاتهم، وتشابك التشريعات القائمة وعدم نجاحها في خلق علاقات صحية بين مؤسسات الإعلام والدولة، ومؤسسات الإعلام ذاتها والعاملين فيها». هذه العراقيل خلص إليها التقرير السنوي الأول للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام عن حالة الإعلام في مصر.
استند تقرير المجلس إلى دراسة عينة عشوائية لمدة ثلاثة أشهر بشأن الصحف القومية (الحكومية) والخاصة والحزبية، اليومية والأسبوعية؛ وتنوّعت المخالفات بين خلط الخبر بالرأي، وخلط الإعلان بالمادة الإعلامية، واحترام الرأي الآخر والتخوين، والسب والقذف والتهكم والسخرية، والأخبار المجهولة المصدر ونشر الشائعات، والحضّ على التمييز أو الكراهية.
وبفحص 12 جريدة قومية وخاصة ومتابعتها، منها ستّ صحف يومية، كشف التقرير عن إجمالي 701 مخالفة؛ تصدّرتها الأخبار المجهلة ونشر الشائعات بعدد 384 مخالفة، ثم خلط الإعلان بالمادة الإعلامية بـ126 مخالفة، وصحة الصور والفيديوهات بـ97 مخالفة، وعدم احترام اللغة العربية بـ36 مخالفة، وإهانة الشعوب والمجتمعات بـ30 مخالفة، والسب والقذف والتهكم والسخرية بـ19 مخالفة.
ماذا عن القنوات الفضائية؟
تضمّن التقرير فحص 18 برنامجًا سياسيًا واجتماعيًا على 11 قناة فضائية ومتابعتها وفحصها على مدار ثلاثة أشهر، بإجمالي 228 مخالفة؛ في مقدّمتها السبّ والقف والتهكم والسخرية (110 مخالفات)، ثم إهانة الشعوب وتعميم الاتهامات (56 مخالفة)، عدم احترام اللغة العربية (54 مخالفة)، الأخبار المجهلة ونشر الشائعات (22 مخالفة)، معيار صحة الصور والفيديوهات (14 مخالفة)، استضافة شخصيات غير مؤهلة (13 مخالفة)، عدم احترام الرأي الآخر والتخوين (عشر مخالفات)، الحض على التمييز والكراهية (خمس مخالفات)، خلط الإعلان بالمادة الإعلامية (ثلاث مخالفات).
المحتوى سيئ ومهين
وفي مؤتمر صحفي، قال الصحفي الموالي للنظام مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس الأعلى للإعلام، إنّه أرسل تقريره السنوي إلى عبدالفتاح السيسي ومجلس النواب، متضمّنًا نشاط المجلس بأكمله والخلافات القائمة بينه وبين الهيئتين الوطنيتين للصحافة والإعلام، في ضوء غياب التنسيق والتكامل بين المجلس والهيئتين؛ داعيًا إلى تعديل قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام.
وأضاف أنّ شكاوى الجمهور ركّزت على إصرار برامج «توك شو» على تناول القضايا الشاذة والمسيئة لأخلاقيات المجتمع، وتوجيه الأسئلة المستفزة من مقدمي البرامج الحوارية، والاستهانة بضيوفهم والسخرية منهم، إضافة إلى تشويه بعض المذيعين للدولة المصرية ورموزها، وإشعال الأوضاع فيها، والتشكيك في قدرة مؤسسات الدولة على محاربة الإرهاب.
وتضمّنت شكاوى الجمهور استضافة البرامج لشخصيات تهين الرموز التاريخية والدينية والفنية، وإذاعة مسلسلات تهين المرأة المصرية وتخالف تقاليد المجتمع وأخلاقه وتحتوي على مشاهد العنف والإيحاءات الجنسية والمخدرات، إضافة إلى الإعلانات المسيئة التي تحوي المشاهد والألفاظ غير اللائقة، وكذلك الحال مع البرامج الساخرة التي تعتمد على الإيحاءات والألفاظ الخارجة.
توصيات
وختم المجلس تقريره السنوي بتوصيّات بذريعة إصلاح مشاكل الإعلام والصحافة، ورد فيها أن تطوير الصحافة وحريتها يبدآن في الأصل من إصلاح أوضاعها المالية والاقتصادية، وضمان حد أدنى من التوازن المالي لها، وتعظيم قدرتها على التمويل الذاتي، وتنميتها بالدرجة التي تحول دون ممارسة أية ضغوط مالية أو اقتصادية عليها.
وأضاف أنّ معظم المؤسسات الإعلامية والصحفية تواجه مشكلات إدارية ومالية، وباتت تعاني من أزمة سيولة نقدية غير مسبوقة؛ ما أدى إلى عجزها عن توفير الأجور الشهرية للعاملين فيها، نتيجة التغييرات الجارية على الساحة الاقتصادية، عقب تحرير سعر صرف الجنيه وما نجم عنه من ارتفاعات كبرى في تكاليف الإنتاج، والقرارات الخاصة برفع الأجور والمرتبات.