أكدت صحيفة «كومون دريمز» الأميركية، على الفساد المستشري داخل الكونجرس الأميركي ومجلس الشيوخ، خاصة بين الجمهوريين، من أجل الإبقاء على البلاد في حالة حرب دائمة، لتحقيق مكاسب مالية تستخدم لأغراض شخصية، موضحة في مقال لـ«ميديا بنجامين» الناشطة الأميركية في مجال حقوق الإنسان، أن شركات الأسلحة ترشوا المسؤولين بملايين الدولارات من أجل تحقيق مصالحها الخاصة.
وتابعت الكاتبة، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أن الرئيس السابق جيمي كارتر وصف السياسة الأميركية بأنها رشوة مقننة، أي أن المصالح القوية تتحكم في مليارات الدولارات والتي تنفق على محاولات كسب التأييد وتمويل الحملات الانتخابية لضمان توجيه اهتمام الكونجرس لأصحاب المصالح بدلا من الشعب الأميركي.
وأشارت إلى أن أبرز ما سلط الضوء على النظام الأميركي الفاسد هو حوادث إطلاق النار في المدارس، والنقاشات التي كانت تدور داخل الكونجرس حول الأسلحة وحملها وكيفية استخدامها، لافتة إلى أن المعركة كانت ضارية مع لوبي السلاح والذي تقوده «رابطة البندقية الوطنية»، وهي واحدة من أكثر الجماعات رسوخا داخل أميركا ولها صلات متشعبة بالمسؤولين داخل الكونجرس وفي الإدارة الأميركية.
واتهمت الناشطة الحقوقية، تلك الرابطة بإنفاق نحو 12 مليون دولار كاملة لكسب التأييد داخل الكونجرس، فيما تلقى أعضاء في الكونجرس نحو 1.1 مليون دولار بشكل مباشر للتأثير على قرارتهم، 98% منهم من الجمهوريين، مضيفا: كما يستخدم لوبي السلاح سلطته على الديمقراطيين من خلال الضغط والعلاقات العامة والتهديدات.
لكن ماذا عن عنف حروب أميركا الكبيرة والميزانيات العسكرية القياسية التي تنفقها أميركا في حروبها الخارجية، فهم أيضا ينفقون الكثير من الأموال بدورهم داخل الكونجرس وخارجه من أجل كسب التأييد للسياسات الداعمة للحروب الخارجية، موضحة أن هناك علاقات قوية بين مساهمي تلك الحملات وبين الشركات التي تصنع وتبني السفن البحرية الأميركية والدبابات والطائرات الحربية، والقنابل المتساقطة.
وفي دلالة على تلك الممارسات الفاسدة، أشارت الكاتبة ميديا بنجامين، إلى تعيين «جينا هاسبيل» مديرة لوكالة الاستخبارات الأميركية والتي حظي دعمها بـ48 صوتا من الجمهوريين مقابل 6 من الديمقراطيين، وهو ما يشير إلى أن سياسات العنف غير المرغوب فيها هي عنوان المرحلة المقبلة.
وطوال السنوات الماضية، تعاملت شركات الأسلحة بشكل تقليدي مع الحزب الجمهوري واعتبرته قاعدة له داخل الكونجرس الأميركي، ودائما ما يلعبون أدوارا تبقي البلاد في حالة حرب لضمان حصة الأسد من العائدات الضريبية، المستمرة في التدفق على المجمع الصناعي العسكري، وغير الجمهوريين هناك بعض الديمقراطيين المتشددين الذين يرغبون أيضا في إبقاء البلاد في حالة حرب.
وتابعت بنجامين: يعد التأييد المستمر من هؤلاء الديمقراطيين المتشددين من أجل إبقاء البلاد في حالة حرب أبدية، يتناقض بشكل حاد مع مخاوف الحزب الديمقراطي الأميركي والمستقلين من أن استمرار حالة الحرب يضر بالاقتصاد الأميركي وبالشعب الأميركي نفسه على مستويات عدة، والمفارقة هي أن بعض الجمهوريين ولو كانوا قلة يؤمنون بذلك أيضا.
على سبيل المثال، تصويت الأعضاء لصالح سيدة متهمة بجرائم تعذيب خارج الولايات المتحدة ودعم تعيينها كمدير للاستخبارات المركزية، ليس فعلا ديمقراطيا، إنما وسيلة من أجل الإبقاء على صناعة الحرب، واستغلال العائدات فيها لمضالح شخصية حتى بعيدة عن مصالح المواطنين الأميركيين بحسب زعم الكاتبة.
وأكدت أنه سبق لـ13 عضوا بالحزب الديمقراطي المشار إليهم بالمتشددين، تلقوا أكثر من 200 ألف دولار جراء مساهمتهم في دعم مساعي شركات أسلحة أميركية داخل الكونجرس، مثل «شومر بنيويورك ونيلسون بفلوريدا وليعي بواشنطن وغيرهم».
أما في الدورة الانتخابية السابقة، تمكن 49 جمهوريا في مجلس الشيوخ من جمع نحو 5 ملايين دولار من التبرعات المباشرة وأنفقوها على صناعة الحرب، بالإضافة إلى 2.3 مليون دولار إضافي وزعت على شركات أخرى ومرشحين، وهو ما يمثل 44.5% من أرباح الحرب والتي أعيد استثمارها في شركة لوكهيج مارتن وغيرها من صناع الأسلحة.
وحاليا تعد لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ البيئة لمناقشة مشروع قانون يصحرح باستخدام القوة العسكرية دون قيد أو شرط، وحقيقة هي الطريقة التي تتعامل بها اميركا مع الحروب من بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.
خلال الإدارات الأميركية الثلاث، اقتنع الجميع تمام الاقتناع أن ما يفعله الكونجرس وما يفعله صناع الحروب وقتل الملايين كان ضروريا بسبب ما حدث بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر، أما الآن فإن الولايات المتحدة تواجه خطرا أكبر في ظل مساعي الكونجرس الواهية للإبقاء على حالة الحروب المستمرة تحقيقا لأغراض ومصالح شخصية.
وتساءلت الكاتبة: كيف يمكننا نحن الجمهور إيصال أصواتنا للكونجرس المستغل أصلا من قبل تجار الحرب، كيف يمكننا ان نوصم أنفسنا بالإنسانية في ظل استمرار تساقط القنابل الأميركية على الأبرياء وفي ظل انتشار الأسلحة بأيدي المراهقين في المدارس الأميركية.
في النهاية، طالبت المسؤولين المنتخبين برفض مساهمات منتجي الأسلحة لدعمهم، وأبرزهم «لوكهيد مارتن، ونورثروب غرومان، ورايثيون، وبوينغ، وجنرال دايناميكس».