أصدرت هيئة مفوضي الدولة بالمحكمة الإدارية العليا، تقريرا قضائيا، أوصت فيه بالحكم نهائيًا برفض الطعن المقام من السفير إبراهيم يسري، مساعد وزير الخارجية الأسبق، وتأييد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر دعواه التي تطالب ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص.
وأصدرت محكمة القضاء الإداري، في 29 أغسطس 2017، حكمها المطعون فيه، وبيَّن مجلس الدولة، في بيان له، أن حيثيات الحكم استندت إلى كون هذه الاتفاقية تعد عملا من أعمال السيادة التي لا تختص محاكم مجلس الدولة بنظرها، ثم عاد المجلس، في بيان آخر، ونفى تطرق ذلك الحكم لفكرة أعمال السيادة، مؤكدًا أن عدم اختصاص المحكمة بنظر تلك الدعوى جاء قائما على أن تلك الاتفاقية جرى التوقيع عليها من قبل رئيس الجمهورية ومن ثم أصبحت قانونا من قوانين الدولة التي لا تختص محاكم القضاء الإداري بنظر الطعون عليها؛ لأن ذلك الاختصاص معقود على سبيل الحصر للمحكمة الدستورية العليا.
وعلى خلاف أسباب ذلك الحكم التي أعلنها مجلس الدولة في بيانه الأخير، ذهبت هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية إلى التوصية بتأييد الحكم لأسباب أخرى تتعلق بأن اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع قبرص تعد عملا من أعمال السيادة.
وذكر التقرير، الذي أعده المستشار أحمد ماجد الشيخ، بإشراف المستشار رجب تغيان، نائب رئيس مجلس الدولة، أن قرارات الحكومة المرتبطة بعلاقات سياسية بين الدولة وغيرها من الدول الأخرى والتي تدخل في نطاق التعاون والرقابة الدستورية المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية تعد عملا من أعمال السياسة، ومن ثم فإن إبرام المعاهدات والتوقيع عليها يعد من أبرز أمثلة هذه الأعمال، لانطباق الوصفين السابقين عليها، فهي تتعلق بعلاقة الحكومة ممثلة للدولة مع سائر الدول والمنظمات الدولية الأخرى، وذلك في مراحل التفاوض والتوقيع والتنفيذ، كما أنها تقع في مجال الاختصاص المشترك والرقابة المتبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وتابع التقرير: «ولما كانت طلبات الطعن تنحصر في طلب إلغاء الاتفاقيتين المبرمتين بين جمهورية مصر العربية والجمهورية القبرصية في 2003 و2014، وهو ما لا تختص معه محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظره، إعمالا لنص المادة 11 من قانون مجلس الدولة التي تضمنت قاعدة آمرة بمقتضاها لا تختص محاكم المجلس بالنظر في الطلبات المتعلقة بأعمال السيادة، ما يتعين معه التقرير بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى محل الطعن، دون إحالتها إلى أي محكمة أخرى؛ حيث لا توجد محكمة أو جهة قضائية أخرى تختص بنظرها».
وأوضحت الهيئة، أنه رغم استناد الحكم المطعون فيه لأسباب أخرى غير هذه الأسباب فإنه انتهى إلى النتيجة ذاتها، ومن ثم يكون قد صادف صحيح حكم الواقع والقانون في منطوقه فقط، ولا خطأ عليه فيما قضى به، ويصبح الطعن الماثل غير قائم على سند من القانون متعينا رفضه مع إحلال الأسباب الواردة بالتقرير محل أسباب الحكم المطعون فيه.