ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن السعودية لا تزال تحتجز أعدادا ممن اعتقلوا، في إطار ما أطلق عليها حملة “مكافحة الفساد”، مشيرة إلى أن الحكومة قامت بجولة جديدة من الاعتقالات.
ويكشف التقرير، الذي ترجمته صحيفة “عربي21″، أن بعض المعتقلين من الأمراء ورجال الأعمال تعرضوا للضرب والحرمان من النوم، وذلك بحسب مسؤولين وأشخاص قريبين من المعتقلين، مشيرا إلى أنه لم توجه للمعتقلين أي اتهامات، ولم يسمح لهم إلا بالحد الأدنى من الاتصال بعائلاتهم، وأحيانا منعوا بتاتا.
وتشير الصحيفة إلى أنه تم اعتقال الكثيرين منهم في سجن عالي السرية قرب العاصمة الرياض، فيما تم التحفظ على آخرين في أماكن تم تحويلها إلى مراكز اعتقال، وذلك بحسب مسؤولين حكوميين اعترفا بأن بعض المعتقلين تعرضوا لسوء المعاملة، لافتة إلى أن المتحدث باسم الحكومة السعودية لم يرد على مطالب الصحيفة للتعليق.
وينقل التقرير عن نائب النائب العام السعودي، قوله إن بعض المعتقلين يواجهون تهما أبعد من تهم الفساد، ويمكن تقديمهم لمحاكم خاصة في حالات تتعلق بالإرهاب والأمن القومي، مشيرا إلى أنه لم يتم التواصل مع أي من المعتقلين للتعليق، إلا أن عددا من الأشخاص القريبين منهم قالوا إن السلطات أثارت فكرة توجيه تهم بالإرهاب والخيانة، التي قد تقود إلى الحكم بالإعدام، أو الضغط عليهم لتقديم اعترافات غير حقيقية، والتوصل لتسويات مالية.
وتذكر الصحيفة أن الحكومة السعودية شنت في تشرين الثاني/ نوفمبر حملة اعتقالات، استهدفت النخبة من رجال الأعمال، والمسؤولين في الحكومة، وأمراء من العائلة الحاكمة، حيث أطلق سراح معظمهم بعد تسويات مالية، يقول المسؤولون إنها وصلت إلى 100 مليار دولار، فيما وصفت الحكومة الحملة بأنها محاولة لتخليص البلد من الفساد، وتنظيف الساحة الاقتصادية، في وقت يحاول فيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إعادة تشكيل الاقتصاد، واجتذاب الاستثمارات الأجنبية والطاقات.
ويلفت التقرير إلى أن الفساد كان مستشريا بشكل واسع في المملكة التي اعتمد فيها الاقتصاد على نفقات الدولة، وأثرت العائلة المالكة نفسها من موارد النفط، وعملت دون حدود، منوها إلى أن الملك سلمان أعلن في آذار/ مارس، عن دائرة في مكتب النائب العام لمكافحة الفساد.
وتورد الصحيفة نقلا عن نقاد الحكومة، قولهم إن حملات الاعتقال، ومواصلة الاحتجاز هما جزء من محاولة الأمير محمد تقوية موقعه، وتهميش المعارضين المحتملين، بعد عام من تنصيب والده له حاكما فعليا للبلاد، في تحرك فيه تجاوز لتقاليد الخلافة في العائلة المالكة، مشيرة إلى أن الحكومة تنفي هذه الاتهامات.
ويفيد التقرير بأن الحكومة حاولت في ظل الأمير محمد، الذي يدير الشؤون اليومية للبلاد، تخفيف القيود في المجتمع الديني المحافظ بخطوات، مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة، وإعادة فتح دور السينما، مبينا أنه قام في الوقت ذاته بسجن النقاد، وبينهم رجال دين وناشطون في مجال حقوق الإنسان.
وتقول الصحيفة إن من لا يزالون في السجن هم أثرياء السعودية، وبعضهم تولى مناصب مؤثرة في الحكومة حتى اعتقالهم في تشرين الثاني/ نوفمبر، ومن بين هؤلاء الملياردير السعودي الإثيوبي محمد العمودي ومدير مجموعة ابن لادن للإنشاءات بكر بن لادن، والرئيس السابق للهيئة العامة للاستثمار عمر الدباغ، ووزير الاقتصاد السابق عادل الفقيه، وهو أحد المساعدين الموثوقين للأمير محمد، وكذلك الأمير تركي بن عبدالله، الذي كان حاكما لإمارة الرياض في عهد والده الملك عبدالله.
وينقل التقرير عن مسؤول سعودي، قوله في تشرين الثاني/ نوفمبر، إن اعتقال الأمير تركي له علاقة بالفساد في مشروع بناء طريق أنفاق في الرياض، إلا أنه لم توجه له أي تهمة، بالإضافة إلى أن طبيعة التهم الموجهة إليه غير واضحة، بحسب شخص مطلع، ويعد حملة الاعتقالات محاولة من الأمير محمد عزل المنافسين المحتملين.
وتنوه الصحيفة إلى أن عددا من الذين أفرج عنهم من فندق ريتز كارلتون منعوا من السفر، وكان عليهم ارتداء حلقات إلكترونية لرصد تحركاتهم، وأصبح بعضهم داعما لرؤية الأمير محمد، فيما دخل أحدهم على الأقل في شراكة تجارية مع الحكومة.
وبحسب التقرير، فإن تحقيقات الحكومة مع العائلات التجارية السعودية العريقة لا تزال مستمرة، وتم احتجاز ثلاثة مليارديرات من عائلة محفوظ، التي تملك مجموعة من البنوك؛ ولأسباب لم يكشف عنها، بحسب المسؤولين، فيما تفاوض عدد من المديرين التنفيذيين للشركات الكبرى على تسويات سرية لتجنب الاعتقال، بحسب المسؤولين.
وتبين الصحيفة أنه منذ افتتاح فندق ريتز كارلتون نهاية كانون الثاني/ يناير، فإن هناك صمتا رسميا شبه كامل بشأن قضايا 56 معتقلا ممن رفضوا الموافقة على تسويات، وقال شخص على علم بالموضوع، إن الحكومة السعودية تريد تجنب الضجة التي رافقت اعتقالات ريتز، وستحاول التعتيم على أي اعتقال جديد.
وتنقل الصحيفة عن أشخاص على معرفة بحالة المعتقلين، قولهم إن رجل الأعمال من جدة عمرو الدباغ، والرئيس السابق لهيئة الاستثمار، تعرض في السجن للتعذيب الجسدي والنفسي، لافتة إلى أنه رفض في البداية طلب الحكومة التنازل عن 70% من أرصدته، و50% من الموارد المالية في المستقبل مقابل حريته.
وتختم “وول ستريت جورنال” تقريرها بالإشارة إلى قول مسؤولين سعوديين، إن السلطات فكرت في توجيه اتهامات لوزير الاقتصاد السابق عادل الفقيه، بتدبير مؤامرة لفصل منطقة الحجاز، إلا أن المقربين من الفقيه يقولون إن هذه الاتهامات لا تقوم على دليل.